إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 6 مايو 2015

علاج الهموم والغموم

( علاج الهموم والغموم )
أما بعد: فيا عباد الله: إن هذه الدنيا لا تنفك عن الهموم، يقول الله -جل وعلا (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي كَبَدٍ) [البلد:4]، ما أكثر الذين يحملون هموما عظيمة! لا سيما في مثل هذه الأيام التي تكثر فيها الفتن والهموم والغموم 
أيها الإخوة المؤمنون: القلوب تتفاوت، تتفاوت في الهم والغم بحسب ما فيها من الإيمان أو الفسوق والعصيان، الهموم أسبابها كثيرة، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كان يستعيذ بالله من الهم كما في الحديث الصحيح، فيقول: "وأعوذ بك من الهمِّ والحزن".
الإنسان إذا اهتم -أيها الإخوة- يفقد توازنه، ويطيش عقله، وتنقلب حياته ويفقد لذته ومعاشه مهما كان يملك من أموال او دنيا واسعة ، فانها تضيق عليه ، إلَّا مَن رَحِمَ الله من عباده الذين اصطفى -سبحانه وتعالى-.
الهموم أسبابها كثيرة، من أهمها: المعصية، وهذا مجرب، فإن الذي يعصي يجد هما ربما لا يعرف سببه ( فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء) [الأنعام:125].
قد يهتم المسلم بسبب ظلم وقع عليه، يدخله الهم بسبب مصيبة تقع له، خبر محزن، ، خوف من أمر من الأمور، مصادر الهموم كثيرة ومتنوعه في هذه الدنيا حتى لا تكاد تحصيها من كثرتها
قد تكونُ الهمومُ متعلِّقةً بالرزق أو بالصحة، أو بالخوف بأنواعه؛ إما لزوال الأمن، أو تسلط الظالم؛ وقد تكون الهموم بسبب وسوسة الشيطان وكثرة الأفكار الضارة، وقد يكون مصدر الهم الولد، نعم! الولد، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "الولدُ مَجْبَنَةٌ مَبْخَلَةٌ مَحْزَنَةٌ"، ففي كثير من الأحيان الذي يسبب الهم هو الولد. قد يكون المصدر من الوالد، قد يكون من القريب، قد يكون الهم من الجار، قد يكون من الصديق.
ومما لا يسلم منه أحد هذه الأيام هو الهم الناتج من مخالطة الناس وما يصدر منهم من أذى؛ ولذا قال النبي -صلى الله عليه وسلم "المؤمنُ الذي يُخالِطُ الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم".
يا أخي المسلم: اعلم أن الهموم تقع بمشيئة الله، فهي كفارة للمؤمنين، وتطهير لعباد الله، وقد تكون عقوبةً، ولكن الله -جل وعلا- هو الذي يفرج الهموم (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [الشرح:5-6]، قال -صلى الله عليه وسلم-: "لنْ يغلبَ عُسْرٌ يُسْرَيْن"؛
وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ) [الأنعام:17، يونس:107]، الله -سبحانه وتعالى- هو الذي يرفع الضر ويكشفه -سبحانه وتعالى-.
ومن أعظم ما يعين المسلم -أيها الإخوة المؤمنون- على ذهاب الهموم أن يكثر من التفكير والتفكر في الآخرة، لا يكن همك الدنيا؛ ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في حديث من الأحاديث الواردة في كفَّارة المجلس، كما في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما-،...كان يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الكثير من الأحيان إذا جلس مجلسا: "اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معصيتك"، حتى يقول: "ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا".
نعم؛ العلم النافع ما تعلق بدار الخلود، دار الجزاء، وهي الآخرة، الهم المطلوب النافع هو الاهتمام بالآخرة التي فيها نعيم أو جحيم.
هموم الدنيا -أيها الإخوة- تكدِّر النفوس، وتُشَتِّت الأذهان، وتُفَرِّقُ الشَّمْل؛ أما مَن وجَّه اهتمامه للآخرة فإن النتيجة عكس ذلك تماما، عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن كانت الآخرةُ همَّهُ جعل الله غِنَاهُ في قلبه، وجمع له شملَهُ، وأتَتْهُ الدنيا وهي راغمةٌ، ومَن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه، وفرق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدر لهرواه الترمذي وصححه الألباني.
كيف يفهم الإمام ابن القيم -رحمه الله- مثل هذا الحديث؟ سطرت يداه كلاما بديعا، يقول -رحمه الله-: "إذا أصبح العبدُ وأمسى وليس همّه إلا الله وحده تحمل الله عنه -سبحانه- حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه، وفرغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته؛ وإن أصبح وأمسى والدنيا همه حمله الله همومها وغمومها وأنكادها، ووكله إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخَلْق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كدح الوحوش في خدمة غيره، فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته بُلي بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته".
قال الله –تعالى وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) [الزخرف:36].
أيها الإخوة المؤمنون: ومن أعظم ما تُدْفَعُ به الهموم: الإيمان الراسخ الذي يولِّد عملا صالحا، ليس إيماناً بالكلام؛ بل إيمان يتبعه عمل، قال الله -تعالى مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ ) ، يعني في الدنيا، (حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل:97].
ومما يدفع به الهم ذكر الموت، بل الإكثار من ذكر الموت، لا كما يظن بعض الناس الذين يظنون أن ذكر الموت يورث الهم، صح عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث أنس عند البزار، وهو حديث صحيح، قال -صلى الله عليه وسلم "أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه".
أيها الإخوة: هذا الحديث جربوه، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا ذكر هاذم اللذات: الموت، فإنه لم يذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسّعه، ولا ذكره في سعة إلا ضيقها عليه".
الإنسان إذا آتاه الله من الدنيا ينسى الله، وينسى العبودية، ويُخشى عليه من الطغيان؛ فإذا تذكر الموت أمسك ورجع إلى الله، وإذا ضاقت الدنيا على الإنسان، على الفقير، على المسكين، على المريض، ثم لجأ إلى الله؛ فتح الله له -جلا وعلا- أبواب رحمته وعلم ان هذه الدنيا انما هي معبر وليست مستقر وان رحمة الله أوسع وأنها أمامه فتتسع له الامور وتًفرج له الكروب والهموم ، لانه يعلم يتذكر يقيناً ان هذه الحياة ليست آخر المطاف .
ومما ينفع -أيها الإخوة- في هذا الباب أن يقارن المسلم العاقل بين الدنيا الفانية المليئة بالهموم وبين الآخرة الباقية، الآخرة -أيها الإخوة الكرامإما جنة أو نار، لا يوجد خيار ثالث، (فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى:7]، ( فَأَمَّا مَن طَغَى* وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) [النازعات:37-41]
مَن وفقه الله لعمل أهل الجنة فالعمل الصالح هو مهر الجنة وليس الأماني، الجنة لا هموم فيها مطلقا، قال -جل وعلا (لاَ يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ) [الحجر:48]، أهل الجنة لا يتكدرون ولا حتى بالكلمة، حتى أسماعهم لا يقع عليها شيء يكدرهم، اسمعوا إلى قوله تعالى (لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا) [الأنبياء:102]، ويقول -جل وعلا (لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا * إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا) [الواقعة:25-26].
أصوات المعذبين لا يسمعونها إكراما من الله (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُم مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ * لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ * لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [الأنبياء:101-103].
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل الجنة ووالدينا وإخواننا المسلمين، إنه على كل شيء قدير
 الخطبة الثانية:
أما بعد: فيا عباد الله: ورد في كتاب الله -جل وعلا- وفي سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أدعية خاصة جعلها الله سببا لزوال الهموم، وتكون هذه الأدعية من المخارج التي شرعها الله -سبحانه وتعالى- للتخلص من هذه الأمور المحزنة.
منها ما ورد في قصة نبي الله يونس -عليه الصلاة والسلام- لما بلغ به الهم مبلغه وهو في بطن الحوت في ظلمات بعضها فوق بعض، يقول الله -تعالى (وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ )، يعني ظن أن لن نضيق عليه، فكلمة نقدر هنا ليست من القدرة ولكن من القدْر وهو التضييق، (فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87]، هذا دعاء عظيم.
أرسل الله يونس -عليه الصلاة والسلام- إلى قومه فدعاهم فلم يؤمنوا، توعدهم بالعذاب فلم ينيبوا ولم يرجعوا إلى الله، فلم يطق الصبر عليهم كما أمره الله، رأى إعراضا عظيما عن توحيد الله فخرج تاركا لهم، غاضبا عليهم، ضائقا صدره بعصيانهم، وظن أن الله لن يضيق عليه، وأنه لن يأخذه بهذه المخالفة، فابتلاه الله بالحبس في بطن الحوت، فنادى وهو في ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت؛ تائبا معترفا بظلمه، حيث ترك الصبر على قومه، فقال هذا الدعاء العظيم الذي يشع توحيدا وعبودية: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في حديث سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- عند أحمد والترمذي والنسائي "دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له".
كم مرة من المرات أيها الإخوة تنزل علينا الهموم والأحزان والأفكار الضارة، فمَن منا يلجأ إلى مثل هذا الدعاء الذي فيه التوحيد: "لا إله إلا أنت"؟.
ومن أعظم الأدعية في ذهاب الهم والغم وجلب الفرح ما حث النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه في الدعاء المشهور العظيم، هذا الحديث حثنا -صلى الله عليه وسلم- على تعلمه، فقد روى الإمام أحمد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "ما أصاب أحداً قط همٌّ ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسالك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله حزنه وهمه، وأبدله مكانه فرحاً". فقيل يا رسول ألا نتعلمها؟ فقال -صلى الله عليه وسلم "بَلَى، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا".
ومن ذلك -أيها الإخوة المؤمنون- ما ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقول عند الكرب "لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب العرش العظيم، لا إله إلا الله رب السماوات ورب الأرض ورب العرش الكريمرواه البخاري.

تأملوا -أيها الإخوة- كل أدعية الكرب، فيها: "لا إله إلا الله"، التوحيد أعظم ما يفرج الله به الهموم، التوحيد قامت عليه السماوات والأرض، التوحيد هو رأس مالنا أيها الإخوة واللجوء الى الله هو زادنا وطريقنا الى تفريج الهموم والغموم .
ومن ذلك أيضا ما جاء عن أنس -رضي الله عنه- أن رسولنا -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حَزَبه أمر -يعني أقلقه وأفزعه أمر- قال "يا حيُّ يا قيُّومُ، برحمتِكَ أستغيثُ".
ومن ذلك ما ورد عن أسماء بنت عميس -رضي الله عنها- قالت: قال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم "ألا أعلمكِ كلمات تقولينهن عند الكرب -أو في الكرب-: اللَّهُ اللَّهُ رَبِّى لاَ أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًارواه أبو داود وصححه الألباني.
ومن ذلك أيضا ما رواه أبو داود وحسنه الألباني عن نبينا -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "دَعَوَاتُ الْمَكْرُوبِ: اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِى طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ".
ومن أنفع ما يكون في ملاحظة مستقبل الأمور استعمال هذا الدعاء الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو به عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لِي دِينِي الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِي وَأَصْلِحْ لِي دُنْيَايَ الَّتِي فِيهَا مَعَاشِي وَأَصْلِحْ لِي آخِرَتِي الَّتِي فِيهَا مَعَادِي وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لِي فِي كُلِّ خَيْرٍ وَاجْعَلِ الْمَوْتَ رَاحَةً لِي مِنْ كُلِّ شَرٍّ رواه مسلم رقم 2720.
فإذا وقع الهم وألمّ بالمرء، فباب الدعاء مفتوح غير مغلق، والكريم عز وجل إن طُرق بابه وسُئل أعطى وأجاب.. يقول جلّ وعلا : " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون " .
أيها الإخوة المؤمنون: ومن أعظم ما يفرج الله -تبارك وتعالى- به الهموم الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
أيها الإخوة: أكثروا من الصلاة على الرسول -صلى الله عليه وسلم- لاسيما يوم الجمعة، وعودوا أنفسكم على الإكثار من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
اسمعوا أيها الإخوة هذا الحديث، روى الطفيل بن كعب عن أبيه، قال: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ذهب ثلث الليل قام فقال: "يا أيها الناس، اذكروا الله اذكروا الله، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، جاء الموت بما فيه".
قال أبي -رضي الله عنه- قلت يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال: "ما شئت"، قلت: الربع؟ يعني: يكفي أن أجعل لك الربع من صلواتي؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: النصف؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: فالثلثين؟ قال: "ما شئت، فإن زدت فهو خير لك"، قلت: أجعل لك صلاتي كلها؟ قال -صلى الله عليه وسلم-: "إذاً؛ يكفيك الله همك، ويغفر لك ذنبكحديث حسن رواه الترمذي وغيره.
الارتباط بمنهج الله، الارتباط بالكتاب والسنة في حياتنا والموت عليها  على لا اله الاّ الله - هو المخرج، وهو سبب الفوز يوم القيامة.
حدّث طلحة عمر رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَلِمَةٌ لا يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلا فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ وَأَشْرَقَ لَوْنُهُ فَمَا مَنَعَنِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهَا إِلا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ إِنِّي لأَعْلَمُهَا فَقَالَ لَهُ طَلْحَةُ وَمَا هِيَ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ هَلْ تَعْلَمُ كَلِمَةً هِيَ أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ فَقَالَ طَلْحَةُ هِيَ وَاللَّهِ هِيَ رواه أحمد 1/161
أيها الإخوة المؤمنون: هذه الأمور إذا لم يتعاهدها الإنسان ويتواصى مع إخوانه المسلمين عليها فإنه ينساها في كثير من الأحيان، كثير من الناس إذا أصابتهم الهموم، الشيطان يذهب بهم يمنة ويسرة في أمور لا تنفعهم.
فأسأل الله -تعالى- أن يجعلنا من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) [الزمر:18].

2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق