( في ختام شهر رمضان )
فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ رَمَضَانَ إِلَّا خَمْسَةُ أَيَّامٍ أَوْ سِتَة , فَسُبْحَانَ اللهِ مَا أَسْرَعَ مُرُورَه وَمَا أَعْجَلَ تَصَرُّمَه !
أَخِي الْمُسْلِمُ : انْتَهَى رَمَضَانُ وَسَوْفَ يَرْحَلُ بِمَا أَوْدَعْتَهُ مِنْ عَمَلٍ ! سَوْفَ يَرْحَلُ وَيَنْتَهِي إِمَّا شَاهِدٌ لَكَ أَوْ شَاهِدٌ عَلَيْكَ ، وَسَوْفَتَجِدُ أَيَّامَهُ وَلَيَالِيَهِ وَمَا عَمِلْتَ بِهَا مِنْ أَعْمَالٍ ، مَحْفُوظَةً فِي كِتَابٍ (لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا ) .
فَاجْتَهِدْ يَا عَبْدَ اللهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ ، وَاغْتَنِمْ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ ، وَتِلْكَ السَّاعَاتِ الْقَلِيلَةَ ،التِي سْوَفَ تَمُرُّ وَتَنْتَهِي وَلَنْ تَعُودَ .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ : اعْلَمُوا رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ ، أَنَّهُ يُشْرَعُ لَنَا فِيخِتَامِ شَهْرِنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ : هِيَ (زَكَاةُ الْفِطْرِ , وَالتَّكْبِيرُ , وَصَلَاةُ الْعِيدِ)
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الْمُؤْمِنُونَ : اعْلَمُوا رَحِمَنِي اللهُ وَإِيَّاكُمْ ، أَنَّهُ يُشْرَعُ لَنَا فِيخِتَامِ شَهْرِنَا ثَلاثَةُ أُمُورٍ : هِيَ (زَكَاةُ الْفِطْرِ , وَالتَّكْبِيرُ , وَصَلَاةُ الْعِيدِ)
فَأَمَّا زَكَاةُ الْفِطْرِ : فَهِيَ الصَّدَقَةُ التِي يُخْرِجُهَا الْمُسْلِمُونَ بِمُنَاسَبَةِ الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَان .
وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ , صَغِيرَاً كَانَ أَمْ كَبِيرَاً , ذَكَرَاً كَانَ أَمْ أُنْثَى , عَبْدَاً كَانَ أَمْ حُرَّاً . فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ , صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ , عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ , وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى , وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَهِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ , صَغِيرَاً كَانَ أَمْ كَبِيرَاً , ذَكَرَاً كَانَ أَمْ أُنْثَى , عَبْدَاً كَانَ أَمْ حُرَّاً . فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ , صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ , عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ , وَالذَّكَرِ وَالأنْثَى , وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ , وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إِلَى الصَّلاةِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
.وَتَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ بِغُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ , فَيُشْرَعُ إِخْرَاجُهَا حِينَئِذٍ , وَالأَفْضَلُ أَنْ تُخْرَجَ مَا بَيْنَ صَلاةِ الْفَجْرِ وَصَلاةِ الْعِيدِ , وَيَجُوزُ إِخْرَاجُهَا قَبْلَ الْعِيدِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ . وَلا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا قَبْلَ ذَلِكَ , وَلا تَأْخِيرُهَا إِلَى مَا بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ
. وَأَمَّا الْحِكْمَةُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ : فَهِيَ التَّعَبُّدُ للهِ , وَالاتِّبَاعُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَطُهْرَةٌ لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ , وَطُعْمَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَسَدٌّ لِجَوْعَتِهِمْ , فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : فَرَضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَكَاةَ الْفِطْرِ , طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنَ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنَ الصَّدَقَاتِ . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الأَلْبَانِيُّ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَأَمَّا مِقْدَارُهَا ! وَمِنْ أَيِّ الأَشْيَاءِ تُخْرَجْ ؟ فَاسْتَمِعُوا لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , حَيْثُ قَالَ : كُنَّا نُخْرِجُ زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ , أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ أَوْ صَاعًا مِنْ زَبِيبٍ . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ
وَعَلَى هَذَا فَتُخْرَجُ مِنْ طَعَامِ النَّاسِ الذِي يَأْكُلُونَهُ عَادَةً , وَالْغَالِبُ عِنْدَنَا أَنَّ النَّاسَ يَأْكُلُونَ الأُرُزَّ أَوِ الْبُرَّ . فَيُخْرَجُ صَاعٌ مِنَ الأُرُزِّ أَوِ الْبُرِّ عَنْ كُلِّ شَخْصٍ . وَمِقْدَارُهُ بِالْوَزْنِ مِنَ الْبُرِّ الْجَيِّدِ : كِيلُوَّانِ وَأَرْبَعُونَ غرَامَاً , وَأَمَّا الأُرُزُّ فَهُوَ كِيلُوَّانِ وَنِصْفٌ تَقْرِيبَاً .
وَلا يُجْزِئُ إِخْراجُهَا فُلُوسَاً وَلا ثِيَابَاً وَلا سِوىَ ذَلِكَ , لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا السَّابِق.
وَالأَصْلُ أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يُخْرِجُ زَكَاتَهُ فِي الْبَلَدِ الذِي أَدْرَكَهُ الْعِيدُ فِيهِ , سَوَاءً أَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ الأَصْلِيِّيْنَ أَوْ مِنَ الْمُقِيمِينَ , لَكِنْ لَوْ أَخْرَجَهَا فِي بَلَدِهِ الأَصْلِيِّ جَازَ , لَكِنْ هَذَا خَلافُ الأَفْضَلِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطَى الْفَقِيرُ أَكْثَرَ مِنْ فِطْرَةٍ , وَيَجُوزُ تَقْسِيمُ الْفِطْرَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ فَقِيرٍ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَدُّوا زَكَاتَكُمْ طَيِّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ , تَتَعَبَّدُونَ بِهَا لِرَبِّكُمْ , وَتَتَّبِعُونَ نَبِيَّكُمْ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتُطَهِّرُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ مِمَّا قَدْ لَحِقَ صِيَامَكُمْ مِنَ الْخَلَلِ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : أَدُّوا زَكَاتَكُمْ طَيِّبَةً بِهَا نُفُوسُكُمْ , تَتَعَبَّدُونَ بِهَا لِرَبِّكُمْ , وَتَتَّبِعُونَ نَبِيَّكُمْ مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتُطَهِّرُونَ بِهَا أَنْفُسَكُمْ مِمَّا قَدْ لَحِقَ صِيَامَكُمْ مِنَ الْخَلَلِ .
ثَانِيَاً : مِمَّا يُشْرَعَ لَنَا فِي آخِرِ هَذَا الشَّهْرِ : التَّكْبِيرُ !
قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) وَالْمَقْصُودُ مِنَ التَّكْبِيرِ : التَّعْظِيمُ للهِ وَالتَّمْجِيدُ لَهُ عَلَى مَا مَنَّ بِهِ وَيَسَّرَ مِنْ إِكْمَالِ شَهْرِ رَمَضَانَ . وَهَذَا التَّكْبِيرُ مُطْلَقٌ وَلَيْسَ مُقَيَّدَاً بِالصَّلَوَاتِ !
فَـأَظْهِرُوا رَحِمَكُمُ اللهُ هَذِهِ الشَّعِيرَةَ الْعَظِيمَةَ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْبُيُوتِ وَالأَسْوَاقِ . وَارْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ قَائِلِينَ : اللهُ أَكْبَرُ , اللهُ أَكْبَرُ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , اللهُ أَكْبَرُ , وَاللهُ أَكْبَرُ وَللهِ الْحَمْد .
وُيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ حَتَّى لِلنِّسَاءِ , وَيَمْتَدُّ وَقْتُهُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ , وَلا يُشْرَعُ بَعْدَهَا !
وُيُشْرَعُ التَّكْبِيرُ حَتَّى لِلنِّسَاءِ , وَيَمْتَدُّ وَقْتُهُ مِنْ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ إِلَى صَلاةِ الْعِيدِ , وَلا يُشْرَعُ بَعْدَهَا !
فَإِنَّ ثَالِثَ مَا يُشْرَعُ لَنَا فِي نِهَايَةِ الشَّهْرِ : صَلاةُ العِيدِ !
وَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ , يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ , مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينَ تَعَبُّدَاً للهِ وَاتِّبَاعَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهِيَ شَعِيرَةٌ عَظِيمَةٌ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ , يَخْرُجُ الْمُسْلِمُونَ أَجْمَعُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ , مُكَبِّرِينَ مُهَلِّلِينَ تَعَبُّدَاً للهِ وَاتِّبَاعَاً لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَحُكْمُ صَلاةِ الْعِيدِ : وَاجِبَةٌ وُجُوبَاً عَيْنِيَّاً عَلَى الرِّجَالِ , وَسُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ فِي حَقِّ النِّسَاءِ , فَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ : أُمِرْنَا أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ , وَالْحُيِّضَ فِي الْعِيدَيْنِ , يَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ , وَيَعْتَزِلُ الْحُيِّضُ اَلْمُصَلَّى . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ ابْنُ بَازٍ وَابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُمَا اللهُ بِوُجُوبِهَا عَلَى الرِّجَالِ , وَعَلَى هَذَا فَلْيَحْذَرْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ صَلاةِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ !
لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ النِّسَاءُ , بَلْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ بَلْ وَالْحُيِّضُ مَأْمُورَاتٍ بِالْخُرُوجِ ! فَكَيْفَ بِالرِّجَالِ الأَشِدِّاءِ ؟ فَلا يَحِلُّ لَهُمُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ .
وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ وَلَا مُتَزَيِّنَةٍ , وَعَلَى وَلِيِّ أَمْرِهَا مَسْؤُولِيِّةٌ فِي ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)
وَقَدْ قَالَ الشَّيْخَانِ ابْنُ بَازٍ وَابْنُ عُثَيْمِينَ رَحِمَهُمَا اللهُ بِوُجُوبِهَا عَلَى الرِّجَالِ , وَعَلَى هَذَا فَلْيَحْذَرْ مِنْ عُقُوبَةِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَخَلَّفُونَ عَنْ صَلاةِ الْعِيدِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ !
لِأَنَّهُ إِذَا كَانَتِ النِّسَاءُ , بَلْ الْعَوَاتِقُ ذَوَاتُ الْخُدُورِ بَلْ وَالْحُيِّضُ مَأْمُورَاتٍ بِالْخُرُوجِ ! فَكَيْفَ بِالرِّجَالِ الأَشِدِّاءِ ؟ فَلا يَحِلُّ لَهُمُ التَّخَلُّفُ عَنْهَا إِلَّا لِعُذْرٍ شَرْعِيٍّ .
وَعَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَخْرُجَ غَيْرَ مُتَطَيِّبَةٍ وَلَا مُتَزَيِّنَةٍ , وَعَلَى وَلِيِّ أَمْرِهَا مَسْؤُولِيِّةٌ فِي ذَلِكَ قَالَ اللهُ تَعَالَى (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ : أَنْ يَأْكُلَ قَبْلَ خُرُوجِهِ تَمْرَاتٍ وَلْيَكُنَّ أَفْرَاداً , بِمَعْنَى : يَأْكُلُ ثَلاثَاً أَوْ خَمْسَاً أَوْ سَبْعَاً , لِأَنَّ هَكَذَا جَاءَتِ السُّنَّةُ عَنْ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
, فعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ . أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ . وَفِي رِوَايَةٍ عِنْدَ أَحْمَدَ : وَيَأْكُلُهُنَّ أَفْرَادًا .
وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ : أَنْ يَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابَهُ , وَأَنْ يَتَنَظَّفَ وَيَتَطَيَّبَ , وَأَنْ يُخَالِفَ الطَّرِيقَ : فَيَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ آخَرَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ : الاغْتِسَالُ, لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلَ إِذَا خَرَجَ لِلْعِيد .
وَمِنْ سُنَنِ الْعِيدِ : أَنْ يَلْبِسَ أَحْسَنَ ثِيَابَهُ , وَأَنْ يَتَنَظَّفَ وَيَتَطَيَّبَ , وَأَنْ يُخَالِفَ الطَّرِيقَ : فَيَذْهَبَ مِنْ طَرِيقٍ وَيَرْجِعَ مِنْ آخَرَ .
وَمِنَ السُّنَّةِ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ : الاغْتِسَالُ, لِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ كَانَ يَغْتَسِلَ إِذَا خَرَجَ لِلْعِيد .
الخطبة الثانية :
أيها المؤمنون ، نعم الله على عباده تترا، وفضله على عباده لا يحصى، ومن كرم الله وفضله ومنته أن يوفق عبده للإقبال عليه في أيام فاضلةٍ ميزها بمضاعفة الحسنات، وكثرة مغفرة السيئات، ورفعة الدرجات، والفوز بالجنات.. فما أعظم الفضل وما أوفر المنن، من ربنا الكريم الأكرم ..
إلا أن كثيرا من الناس مع تعدد المشاغل، وكثرة الصوارف؛ تمضي عليه الأيام والليالي ولا يشعر بها، حتى تنقضي الأعمار، وتفوت مواسم الرحمة، ولمَّا تنته أعماله، ولا قضيت كل حاجاته.. فيضيع على نفسه شرف الزمان، و يخسر فضل رمضان.. أعاذنا الله وإياكم من حسرة التفريط والخسران .
تأملوا في شهركم كيف مضت ايامه لكأنها والله في غمضة عين وانتباهتها.. فيا ضيعة الأعمار تمضي هكذا ..!
ولذا كان لابد مع قرب عشر الأواخر من الانتهاء.. من وقفات محاسبة صادقة ، لعل قلبًا ينتبه من غفلته، وجسدًا يفيق من رقدته، فيتدارك ما مضى، ويدرك ما بقي .
فأما الوقفة الأولى: فمع الصيام، والشهر شهر الصيام .. سل نفسك يا عبدالله .. هل صمت حقًا وصدقًا على الوجه الذي أراده منك الله ..؟
هل نشدت تقوى الله في صيامك .. وتمثلت قول الله تعالى في آية الصيام {لعلكم تتقون}.
أ فــقد صام سمعك وبصرك وقلبك عن الحرام، أم تلطخت بشيء من الآثام !
أم هل قدّمتَ بين يدي صيامك أعمالًا وحسنات، وباقيات صالحات .. تشفع بها صيامك، وتدنيك من رحمة الرحيم الرحمن، {إن رحمت الله قريب من المحسنين} .
إن من الخذلان أن تبالغ في ظن الخير بنفسك وأن عملك خير من عمل غيرك .. وبعض الظن إثم !
ثم إياك أن يزين الشيطان لك بعض عملك فتقول: عملت وقرأت وتصدقت..! فمهما عملت ففي الناس من يعمل خيرًا من عملك، ولكن سل الله الرضى والقبول، فإن الشأن كل الشأن في أن يقبل الله منك، و{إنما يتقبل الله من المتقين} .
الوقفة الثانية: مع الوقت .. تأمل يا عبدالله في هذه الأيام كيف تمضي سراعًا، وتذهب تباعًا .. والغفلة هي الغفلة .! ارجع إلى نفسك فحاسبها .. كم قد ضيعت من الأوقات المباركات.. فخسرت من الحسنات المضاعفات ..؟ إنه شهر لا يُضِيع لحظاتِه، ولا يغفل عن بركاتِه إلا محروم!
صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال: "آمين آمين آمين" قيل: يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت: "آمين آمين آمين؟ فقال: "إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين فقلت آمين. أخرجه ابن حبان.
ألا صدقًا مع النفس يا عبدالله.. كم سرق الجوال وبرامج التواصل والمحادثة من شريف وقتك، وأذهب من صفاء روحك وقلبك ! أما زلت لهفًا بالتغريد والقيل والقال.. والناس حولك ما بين تالٍ لكتاب الله، وقائم به ! أما صبر عنها ..! فإنما هي أيام وليال قليلة .. قللها رب العزة في كتابه ليستحثك على اغتنامها فقال: {لعلكم تتقون .. أيامًا معدودات}.. فالبدار يا أُخَيَّ قبل الفوت .
من فاته الزرع في وقت البدار فما ** تراه يحصد إلا الهم والندمـــــــــــــا
طوبى لمن كانت التقوى بضاعتَه ** في شهره، وبحبل الله معتصِــــــــــما
الوقفة الثالثة: مع القلب والروح. فكم نحتاج إلى الالتفات لقلوبنا، نجدد ما خلِقَ فيها من إيماننا، وفي الحديث الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم : "إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ، فَاسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ".
تأمل.. كم زادت أيام رمضان ولياليه في إيمانك، وكم أقصى من عصيانك ..! ما أثرُ آيات كتاب الله في روحك وقلبك .. وأنت تتلوها وتسمعها مرتلة في نهارك وليلك .. أم كم هي الدمعات التي ترقرقت من عينيك، خشيةً لله تعالى.. وخوفًا من عقابه.. ورجاءً في فضله وثوابه.. {إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون .. الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون .. أولئك هم المؤمنون حقا لهم درجات عند ربهم ومغفرة ورزق كريم} .
وإنك إن لم تجد لذة للعبادة، ولا أثرًا لها في إيمانك وقلبك وجوارحك.. فاتهم إخلاصك وصدقك، واعلم أنها عبادة مدخولة، لأن الله شكور، يشكر من أقبل عليه صادقًا فيورثه لذة في قلبه، وأثرًا في جوارحه، و{لا يضيع أجر من أحسن عملا} .
ألا وإن من أعظم ما يعينك على صفاء قلبك وروحك الخلوة بالله تعالى، والاعتكاف في مساجد الله .. فإنها أنيس الصالحين، وسلوة العابدين، وسنة سيد المرسلين صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين، وقال:"من كان اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر، وقد أريت هذه الليلة –يعني ليلة القدر- ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد في ماء وطين من صبيحتها فالتمسوها في العشر الأواخر والتمسوها في كل وتر" متفق عليه.
وكم في هذا الانقطاع عن الدنيا في ليال معدوداتٍ من إصلاح للقلوب، وتزكية للنفوس، ورياضة لها على طاعة الله -عزَّ وجلَّ-، والاجتهاد فيما يرضيه، والأُنس به دون خلقه ؟! وهو مظنة إدراك ليلة القدر وخيرها وفضلها، فإنها ليلة المنة العظمى .. {ليلة القدر خير من ألف شهر}، و" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" والموفق من وفقه الله تعالى .
جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، ..