إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 6 مايو 2015

المشتاقون إلى الجنة


( المشتاقون الى الجنة )
أما بعد : 
فإن الله سبحانه وتعالى لم يخلق خلقه عبثاً ، ولم يتركهم سدى ، بل خلقهم لأمر عظيم وخطب جسيم 
عُرض على السموات والأرض والجبال فأبين وأشفقن منه إشفاقاً ووجلا ..وحمله الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً 
والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة عليه وكل نفس من أنفاسه إذا ذهب لم يرجع إليه 
وإنما يتبين سفه المفرط يوم الحسرة والندامة 
إذا حشر المتقون إلى الرحمن وفدا وسيق المجرمون إلى جهنم ورداً 
فالأولون في روضات الجنة يتقلبون وعلى أسرتها يجلسون وعلى بطائنها يتكئون وأولئك في أودية جهنم يصطلون ، جزاء بما كانوا يعملون 

ومن هنا اشتاقت نفوس الصالحين إلى الجنة حتى قدموا في سبيل الوصول إليها كلَّ ما يملكون 
هجروا لذيذ النوم والرقاد ، وبكوا في لأسحار ، وصاموا النهار ، وجاهدوا الكفار ، فلله كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهم الجنة كما اشتاقوا إليها 
وكان لكل واحد منهم مع الله جل جلاله أخبار وأسرار ، لا يعرفها غيره أبداً، جعلوها بين أيديهم عُدداً 
لا يطلبون جزاءهم إلا منه ، فطريقهم إليه ، ومعولهم عليه ، ومآلهم يكون بين يديه 
فلا إله إلا الله .. كم بكت عيون في الدنيا خوفاً من الحرمان من النظر إلى وجه الله الكريم 
فهو سبحانه أعظم من سجدت الوجوه لعظمته ، وبكت العيون حياءً من مراقبته ، وتقطعت الأكباد شوقاً إلى لقائه ورؤيته 
فالمشتاقون إلى الجنة لهم مع ربهم تعالى أخبار وأسرار 
المشتاقون إلى الجنة ، ارتفع قدرها عندهم ، حتى لم يرضوا لها ثمناً إلا أرواحَهم التي بين جنوبهم .. ولماذا لا يبذلون للجنة ذلك وأكثر 
وهي الدار التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأقل أهلها نعيماً ، وأدناهم ملكاً فكان له في ذلك نبأ عجيب .. 
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : 
آخر من يدخل الجنة : رجل فهو يمشي على الصراط مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة ، فإذا جاوزها التفت إليها ، فقال : تبارك الذي نجاني منك ، لقد أعطاني الله شيئاً ما أعطاه أحداً من الأولين والآخرين . 
فترتفع له شجرة فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها 
فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم لعلي إن أعطيتكها سألتني غيرها ؟ 
فيقول لا يا رب ، ويعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره ، لأنه يرى مالا صبر له عليه ، فيدنيه منها فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها . 
ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى ، فيقول: يا رب أدنني من هذه لأشرب من مائها ، وأستظل بظلها لا أسألك غيرها 
فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها ؟ 
فيقول لعلي إن أدنيتك منها أن تسألني غيرها ، فيعاهده أن لا يسأله غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها ، فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها ، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن من الأوليين 
فيقول : أي رب أدنني من هذه الشجرة لأستظلَّ بظلها وأشربَ من مائها لا أسألك غيرها 
فيقول : يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها ؟ 
قال : بلى يا رب ، هذه لا أسألك غيرها وربه يعذره لأنه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها ، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة 
فيقول: يا رب أدخلنيها 
فيقال له : ادخل الجنة فيقول : رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم 
فيقول الله : يا ابن آدم ما يرضيك مني ؟
أترضى أن يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟ 
فيقول : رضيت رب 
فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله 
فيقول في الخامسة : رضيت رب 
فيقول الله تعالى : لك ذلك وعشرة أمثاله ، ولك ما اشتهت نفسك ولذّت عينك 
ثم يقول الله تعالى له : تمن ، فيتمنى ، ويذكره الله : سل كذا وكذا ، فإذا انقطعت به الأماني 
ثم يدخل بيته ويدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فيقولان : الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك 
فيقول: ما أعطى أحد مثل ما أعطيت . 
قال ( يعني موسى عليه السلام ) : رب فأعلاهم منزلة ؟ 
قال : أولئك الذين أردت غرس كرامتهم بيدي وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر 

المشتاقون إلى الجنة لهم مع ربهم أخبار وأسرار بل كانوا إذا حـصلوا الجنة لم يلتفتوا إلى غيرها أبداً 
حارثة بن سراقة غلام من الأنصار .. له حادثة عجب ذكرها أصحاب السير وأصلها في صحيح البخاري 
دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج إلى بدر .. 
فلما أقبلت جموع المسلمين كانت النساء .. 
وكان من بين هؤلاء الحاضرين عجوز ثكلى ، كبدها حرى تنتظر مقدم ولدها .. 
فلما دخل المسلمون المدينة بدأ الأطفال يتسابقون إلى آبائهم ، والنساء تسرع إلى أزواجها ، والعجائز يسرعن إلى أولادهن ، .. وأقبلت الجموع تتتابع .. جاء الأول .. ثم الثاني .. والثالث والعاشر والمائة ..ولم يحضر حارثة بن سراقة .. 
وأم حارثة تنظر وتنتظر تحت حرّ الشمس ، تترقب إقبال فلذة كبدها ، وثمرةِ فؤادها ، 
كانت تعد في غيابه الأيام بل الساعات ، وتتلمس عنه الأخبار ، 
تســــائل عنه كل غاد ورائح وتومــيء إلى أصحابه وتسلــم 
فـللـه كـم مـن عـبرة مهراقة وأخـرى على آثارها ..وقــد شرقت عين العجوز بدمعها فتنظــر من بين الجموع وتكتم 
ترقبت العجوز وترقبت فلم تر ولدها .. فتحركت الأم الثكلى تجر خطاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ودموعها .. .. 
فنظر الرحيم الشفيق إليها فإذا هي عجوز قد هدها الهرم والكبر ، وأضناها التعب وقلّ الصبر ، وقد طال شوقها إلى ولدها ، تتمنى لو أنه بين يديها تضمه ضمة ، وتشمه شمة ولو كلفها ذلك حياتها .. كبر سنها ، واحدودب ظهرها ، ورق عظمها ، ويبس جلدها ، واحتبس صوتها في حلقها .. فخرج الصوت ضعيفاً حزيناً : 
( يا رسول الله أخبرني عن حارثة ، ان كان في الجنة صبرت ، وان كان غير ذلك لترينّ ما أصنع ) أي من الحزن عليه
رفعت بصرها تنتظر ما يجيبها الذي لا ينطق عن الهوى .. 
فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم فجيعتَها بولدها ، التفت إليها وقال : 
ويحك يا أم حارثة أهبلت ؟! أوجنةٌ واحدة ؟! إنها جنان ، وإن حارثة قد أصاب الفردوس لأعلى .. 
فلما سمعت العجوز الحرى هذا الجواب : جف دمعها ، وعاد صوابها ، وقالت : في الجنة ؟ قال : نعم . 
فقالت : الله أكبر .. ثم رجعت الأم الجريحة إلى بيتها .. رجعت تنتظر أن ينزل بها هادم اللذات ..ليجمعها مع ولدها في الجنة .. 
لم تطلب غنيمة ولا مالاً ، ولم تلتمس شهرة ولا حالاً ، وإنما رضيت بالجنة .. 
ما دام أنه في الجنة يأكل من ثمارها الطاهرة ، تحت أشجارها الوافرة ، مع قوم وجوههم ناضرة ، وعيونهم إلى ربهم ناظرة ، فهي راضية ، ولماذا لا يكون جزاؤهم كذلك .. 
وهم طالما يبست بالصيام حناجرهم ، وغرقت بالدموع محاجرهم .. طالما غضوا أبصارهم عن الحرام ،.. فهم في جنة ربهم يتنعمون 
.
وأينما سرت في ركب الصالحين لتجدن طلب الجنة يملأ قلوبهم ويشغل نفوسهم .. قد تعلقت بها أرواحهم حتى لم تقم لغيرها وزنا .. فهان عليهم كل شيء في سبيل الوصول إليها .. 
المشتاقون إلى الجنة لم يكتفوا بقيام الليل وصيام النهار ، والعفة عن النظر إلى المحرمات ، والاشتغال بالطاعات ، بل نظروا إلى أعز ما يملكون ، إلى أنفسهم التي بها قوام حياتهم ، ثم قدموها في سبيل رضا العزيز الحكيم .. 

في معركة بدر .. اشتدّ البلاء على المسلمين .. 
إذ قد خرج المسلمون لا لأجل القتال وإنما خرجوا لأخذ قافلة لقريش كانت قادمة من الشام ، ففوجئوا بأن القافلة قد فاتتهم وأن قريشاً قد جاءت بجيش من مكة كثيرِ العدد والعدة لحربهم .. فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم ضعف أصحابه وقلة عددهم وضعف عتادهم .. 
فاستغاث بربه ، وأنزل به ضره ومسكنته ، ثم خرج إلى أصحابه فإذا هم قد لبسوا للحرب لأمتها ، واصطفوا للموت كأنما هم في صلاة ، 
تركوا في المدينة أولادهم ، وهجروا بيوتهم وأموالهم ، شعثاً رؤوسهم ، غبراً أقدامهم ، ضعيفة عدتهم وعتادهم . 
فلنا رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، صاح بهم وقال : 
قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض والذي نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر ، إلا أدخله الله الجنة .. فقام عمير بن الحمام .. فقال : جنة عرضها السموات والارض بخ بخ 
قال عليه الصلاة والسلام : ما يحملك على قول هذا ؟  قال : رجاء ان أكون من اهلها ، قال عليه الصلاة والسلام  : فانك من اهلها 
فأخرج تمرات من قرنه يأكلها ، ثم قال : لئن عشت حتى آكل هذه التمرات انها لحياة طويلة ، ثم قاتل حتى قُتل شهيدا مشتاقاً الى الجنة
نعم رحل عمير ..انتفع بما قدم من صيام النهار ، ورفعه بكاء الأسحار ، وسكن في جنات تجري من تحته الأنهار ..برحمة العزيز الحكيم .. 
الذي أجزل لهم الثواب ، وأمنهم من العذاب ، الملائكة يدخلون عليهم من كل باب ، لهم فيها ما تشتهي أنفسهم ، ولا يزالون في مزيد

المشتاقون إلى الجنة لهم مع ربهم تعالى أخبار وأسرار كلما زاد ربهم في بلائهم وامتحانهم ، ازدادوا صبراً واحتساباً فهو سبحانه أكبر المنعمين ، يعظم للعباد الأجور وما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة يشاكها .. استمع إلى هذا الخبر العجيب 
روى البخاري عن عطاء بن أبي رباح 
جاءت إليه صلى الله عليه وسلم تلتمس منه أن يغير مجرى حياتها فقد تعذبت فيها أشد العذاب ..لا أحد يتزوجها .. ولا يجلس معها .. الناس يخافون منها .. والأطفال يضحكون منها .. تصرع بين الناس في أسواقهم .. وفي بيوتهم .. وفي مجالسهم .. حتى استوحشوا من مخالطتها .. ملت من هذه الحياة فجاءت إلى الرحيم الشفيق .. ثم صرخت من حرّ ما تجد : يا رسول الله .. إني أصرع .. فادع الله تعالى أن يشفيني .. ..  
فقال لها عليه الصلاة والسلام : ( ان شئتِ دعوت الله لك ، وان شئتِ صبرت  ولك الجنة ) 
نظرت المرأة وتأملت في حالها ومرضها .. ورددت كلامه صلى الله عليه وسلم في عقلها .. 
فإذا هو يخيرها بين المتعة في دنيا فانية يمرض ساكنها ، ويجوع طاعمها ، ويبأس مسرورها ، وبين دار ليس فيها ما يشينها ، ولا يزول عزها وتمكينها ، دار قد أشرقت حِلاها ، وعزت علاها ، دار جلَّ من بناها ، وطاب للأبرار سكناها ، وتبلغ النفوس فيها مناها 
فقالت الأمة المريضة يا رسول الله : بل أصبر .. أصبر يا رسول الله .. ولكني اتكشف فادع الله لي ان لا أتكشف ، فدعا لها 
وصبرت حتى ماتت .. وليتعب جسدها ..ولتحزن نفسها ..ما دام أن الجنة جزاؤها .. 
الخطبة الثانية : 
بل استمع إلى هذا الامتحان الصعب الذي أثبت فيه المحبون أنهم إلى ربهم مشتاقون ، وفي رضاه راغبون ، ولسان حالهم : 
فليتك تحلوا والحياة مريرة . . وليتك ترضى والانام غضاب 
الأنصار في العقبة : 
عن جابر . قال : مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم ، عكاظ و مجنة ، و في المواسم يقول : من يؤويني ؟ من ينصرني ؟ حتى أبلغ رسالة ربي و له الجنة فلا يجد أحداً يؤويه و لا ينصره ، حتى إن الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر ـ كذا قال فيه ـ فيأتيه قومه و ذوو رحمه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك ، و يمضي بين رحالهم و هم يشيرون إليه بالأصابع .. 
فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم فواعدناه شعب العقبة.. 
فقلنا : يا رسول الله علام نبايعك ؟ 
قال تبايعونني على السمع و الطاعة في النشاط و الكسل ، و النفقة في العسر و اليسر ، و على الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و أن تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة لائم ، و على أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم و أزواجكم و أبناءكم 
فقال العباس بن عبادة الأنصاري : يا معشر الخزرج ، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ 
قالوا : نعم ! 
قال إنكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ، فإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال ، و قتل الأشراف ، فخذوه ، فهو و الله خير الدنيا و الآخرة . 
وقام أسعد بن زرارة فقال : رويداً يا أهل يثرب ، فإنا لم نضرب إليه أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله ، وأن إخراجه اليوم مناوأة للعرب كافة و قتل خياركم و تعضكم السيوف . فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه وأجركم على الله ، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم خيفة فذروه . فبيبنوا ذلك فهو أعذر لكم عند الله . 
قالوا يا رسول الله إن بيننا و بين الرجال حبالاً وإنا قاطعوها ، وإنا نأخذك على مصيبة الأموال وقتل الأشراف ، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا ؟ 
قال : الجنة 
قالوا : ابسط يدك ، فبسط يده فبايعوه " 
فعلوا كل ذلك طمعاً في مغفرة الله تعالى ، وخوفاً من شر يوم الحسرة والندامة 

وفي معركة أحد : كان للمحبين امتحان آخر .. 
روى مسلم في صحيحه : عن أنس بن مالك أن المشركين لما رهقوا النبي وهو في سبعة من الأنصار ورجل من قريش هو طلحة بن عبيدالله ، قال : من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة ؟ فجاء رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل . فلما رهقوه أيضاً قال : من يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة ، حتى قتل السبعة ، فقال رسول الله : ما أنصفنا أصحابنا .. 
فهؤلاء السبعة ملوك على الأسرة في الجنة ، ومن صدق الله صدقه الله 
( من يشتري بئر رومة وله الجنة  من يجهز جيش العسرة وله الجنة  انا وكافل اليتيم في الجنة ) الى غير ذلك ، فتجدهم يتسابقون

المشتاقون إلى الجنة ، قد يذنبون ويخطئون ، فكل بني آدم خطاء ، لكنهم يسرعون إلى التوبة والاستغفار ، ويغلبهم الخوف من العزيز الجبار .. 
أولئك الصالحون قد يذنبون لكنهم إذا لاحت لهم ذنوبهم تجافت عن المضاجع جنوبهم ، وإذا ذكر الله وجلت قلوبهم .. 
صفوا أقدامهم في المحراب ، وأناخوا مطاياهم على الباب ، في طلب مغفرة الرحيم التواب .. 
فهم في محاريبهم أسعد من أهل اللهو في لهوهم .. 

حاسبوا أنفسهم أشد المحاسبة ، وصاحوا بها بألسن المعاتبة ، وبارزوا إبليس بالمحاربة ، علموا أن عدوهم الأكبر هو إبليس ، تكبر أن يسجد لأبيهم آدم ، ثم كاد له فأخرجه من الجنة ، ثم أقسم ليحتنكن ذريته إلا قليلاً ، 
جن عليهم الليل فسهروا ، وطالعوا صحف الذنوب فانكسروا ، وطرقوا باب المحبوب واعتذروا ، 
هذه هي الجنة .. وهؤلاء هم المشتاقون إليها الذين راغموا الشيطان .. وتقربوا إلى الرحمن .. 
فإن تكن اشتقت إلى الجنة فهي قريبة .. فان الجنة اقرب الى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك ( اذا جاء الموت ) 
4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق