إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأحد، 31 مايو 2015

أوثق عرى الإيمان

أوثق عرى الإيمان )
لقد بين لنا الحق سبحانه أن الكفار يعادون الأنبياء والمرسلين فكلما أرسل الله رسولا عادوه وقاتلوه بل قتل بعض الأنبياء بأي الكفار ولما بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم عاداه الكفار أشد العداء وآذوه وحاربوه بل حاولوا قتله مرارا وكان من أهدافهم وأعظم أمنياتهم إطفاء نور الله الذي بعث به حتى لا يبقى له أثر { يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ومن أعظم أمنياتهم كذلك حرصهم على أن نكون كفارا مثلهم { وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ }{ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ } فهذا هو الذي يختلج في صدورهم ويبذلون وينفقون من أجله أموالهم وأنفسهم { وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ }
ولذلك كانت عقيدة من عقائد المسلمين ، وركن من أركان الدين العظيم ، أكثر الله من ذكرها في كتابه ، وقررها النبي عليه الصلاة والسلام  في صحيح بيانه 
عاتب الله نوحا من أجلها ، وأثنى من أجلها على إبراهيم ومن آمن من قومه ، أكدَّ القرآن عليها ، وقررتها السنة النبوية ، 
إنها عقيدة الولاء والبراء، الولاء والبراء أصل عظيم من أصول الإسلام، وعقيدة راسخة في قلوب أهل الإيمان، هي أوثق عرى الإيمان ولن يجد المسلم حلاوة الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يكون ولاؤه ومحبته ونصرته لله ولرسوله وللمؤمنين، وبراؤه وبغضه وعداؤه لأعداء الله الكافرين.قال الله تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ
وقال تعالى في بيان لمن تكون هذه الموالاة: ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)
فانتماء المسلم واضح بين بهذه الآية الكريمة، فالمؤمنون إخوة في الدين والعقيدة وإن تباعدت أنسابهم وأوطانهم وأزمانهم . يقتدي آخرهم بأوّلهم، ويدعو بعضهم لبعض، ويستغفر بعضهم لبعض قال الله تعالى
(وَٱلَّذِينَ جَاءوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوٰنِنَا ٱلَّذِينَ سَبَقُونَا بِٱلإَيمَـٰنِ وَلاَ تَجْعَلْ فِى قُلُوبِنَا غِلاًّ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ رَبَّنَا إِنَّكَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ
والله تعالى أمر بمعاداة أعدائه فى آيات كثيرة قال تعالى:
(قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ) (الممتحنة : 4 )

وليست البراءة من الكفر دون من كفر بالله، ولا من الشرك دون من أشرك بالله، بل البراءة تكون من الكفر وأهله والشرك وأهله
قال تعالى : (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ )

وبين الله سبحانه وتعالى أن الإيمان لا يجتمع مع مودة الكافرين ولو كانوا من الأهل والإخوان والآباء والأمهات ومن سواهم من الأقارب، 
فقال عز وجل) : لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ
وبين الله سبحانه وتعالى أن من يتخذ اليهود والنصارى وكذا من سواهم من الكفار أولياء فإنه منهم ، ومقتضى ذلك أن من تولاهم فإنه يكون مثلهم قال الله تعالى :
(يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ ) 
وقال الله عز وجل في سورة آل عمران : ( لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ )[آل عمران:28] أي: فالله عز وجل بريء منه
وبين الله عز وجل أن من اتخذ الكفار أولياء فإنه ملعون مسخوط عليه من الله سبحانه وتعالى فقال: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ * تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ * وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ )[المائدة:81]^.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد حسن عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (أَوثَقُ عُرَىالإِيمَانِ الحُبُّ في اللهِ وَالبُغضُ في اللهِ).
وروى الإمام أحمد بسند عن جرير بن عبدالله البجلي أن النبي عليه الصلاة والسلام بايعه على أن ينصح لكل مسلم وأن يبرأ من الكفار)
وقال ابن عباس   من أَحِبَّ لِلَّهِ وَأَبْغِضْ لِلَّهِ ، وَعَادِى فِي اللَّهِ ، وَوَالِى فِي اللَّهِ فَإِنَّهُ لا تُنَالُ وَلايَةُ اللَّهِ إِلا بِذَلِكَ ، وَلا يَجِدُ رَجُلٌ طَعْمَ الإيمَانِ وَإِنْ كَثُرَتْ صَلاتُهُ وَصِيَامُهُ حَتَّى يَكُونَ كَذَلِكَ )) 
من مظاهر هذا الولاء والبراء كما طبقها السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم: ما كان من عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول ، وسورة المنافقين نزلت فيه، ويقول جابر بن عبد الله : (كنا في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال الأنصاري: يا للأنصار! وقال المهاجري: يا للمهاجرين! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلمما بال دعوى الجاهلية؟! قالوا: يا رسول الله كسع رجل من المهاجرين رجلاً من الأنصار فقال: دعوها فإنها منتنةيعني: دعوى الجاهلية، فسمعها عبد الله بن أبي فأشعل نار الفتنة أول ما سمع بهذا الحديث فقال: قد فعلوها! فوالله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال عمر : دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال صلى الله عليه وسلم: (دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه). 
فلما بلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أبيه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فواللهلقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالديه مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا). 
وذكر عكرمة وغيره أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة من الغزو وقف عبد الله بن عبد الله بن أبي على باب المدينة، واستل سيفه، وجعل الناس يمرون عليه فلما جاء أبوه المنافق قال له ابنه: وراءك! يعني: لم يسمح له بالمرور فقال: مالك ويلك؟قال: والله! لا تجوز من هاهنا حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظاهر الحديث يدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام كان يسير خلف أصحابه؛ لأن الناس كانوا يمرون ولم يكن الرسول عليه الصلاة والسلام قد دخل بعد، لكن قال له: لا تدخل حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما أتى الرسول صلى الله عليه وسلم أذن له بالدخول
وعند الانتهاء من المعركة مر مصعب بن عمير العبدري بأخيه أبي عزيز بن عمير الذي خاض المعركة ضد المسلمين و أحد الانصار يشد يده ،
فقال مصعب للأنصاري: شد يدك به فإن أمه ذات متاع لعلها تفديه منك، 
فقال أبو عزيز لأخيه مصعب: أهذه وصاتك بي؟ 
فقال مصعب: إنه - أي الأنصاري- أخي دونك !!
فالله الله على روابط الايمان التي كانت تجمع الصحابة دون روابط النسب.....
عباد الله 
إن قاعدة (البغض العقدي للكافر) قد أطبقت عليها المذاهب الأربعة لأهل السنة والجماعة فقد قال السَّرَخْسِيُّ الحنفي-رحمه الله تعالىتعليقا على قول عبدالله بن رواحه لليهود: " إنكم من أبغض خلق الله تعالى إلي ( وهكذا ينبغي لكل مسلم أن يكون في بغض اليهود بهذه الصفة) [المبسوط، للسرخسي، 23/11].
وقال ابن الْحَاجِّ المالكي-رحمه الله تعالى-: (واجب على كل مسلم أن يبغض في الله من يكفر به) [المدخل، لابن الحاج، 2/47].
وقال الشِّرْبِينِيُّ الشافعي-رحمه الله تعالى-: (وتحرم مودة الكافر) [الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع، للشربيني].
وقال ابن تيمية الحنبلي -رحمه الله تعالى- : " على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي، فإن الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه "
لذلك وجب عدم الركون إليهم { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ } بل تهدد الله نبيه وتوعده لو ركن إلى الكفار بالعذاب المضاعف دنيا وآخرة { وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا *إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا } فإذا كان هذا التهديد الشديد لرسول الله لو ركن إلى الكفار شيئا قليلا فكيف بمن يركن كل الركون إلى الكفار ويثق بهم كل الثقة ويصدق أقوالهم الكاذبة .
ويجب الحذر منهم ومن خطرهم لأنهم قوم من طبيعتهم نقض العهود والغدر والخيانة { إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ }
وألا نتخذ منهم بطانة نستشيرهم ونأتمر بأمرهم{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ } . 
وَفَدَ أبو موسى إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , وَمَعَهُ كَاتَبٌ نَصْرَانِيُّ , فَأَعْجَبَ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَا رَأَى مِنْ حِفْظِهِ , فَقَالَ: " قُلْ لِكَاتِبِكَ يَقْرَأْ لَنَا كِتَابًا " , قَالَ: إِنَّهُ نَصْرَانِيٌّ , لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ , فَانْتَهَرَهُ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَهَمَّ بِهِ , وَقَالَ: " لَا تُكْرِمُوهُمْ إِذْ أَهَانَهُمُ اللهُ , وَلَا تُدْنُوهُمْ إِذْ أَقْصَاهُمُ اللهُ , وَلَا تَأْتَمِنُوهُمْ إِذْ خَوَّنَهُمُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ " شعب الإيمان 
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قِبَلَ بَدْرٍ فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبَرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ فقال جِئْتُ لأَتَّبِعَكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ » قَالَ لاَ قَالَ « فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ » مسلم . فالله تعالى يأمرنا أن لا نتخذ منهم بطانة ولكن نقول بكل أسف كثير من بلدان المسلمين البطانة فيها من اليهود والنصارى بل ربما وجدت بل ربما وجدنا أخطر المواقع التي تهم المسلمين فيها منهم والله المستعان
الخطبة الثانية : 
أيها المسلمون : ما سمعتموه في الخطبة الأولى هو واجب المسلم تجاه الكفار على اختلاف مللهم ونحلهم وفي الجانب المقابل يأمر الله تعالى ورسوله بحب المؤمنين وموالاتهم ومؤاخاتهم في الله تعالى فيقول { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ }{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ } قال العلماء في هذه الآية إن لم توالوا المؤمنين وتعادوا الكافرين تكن فتنة في الأرض وفساد كبير 
وشبه النبي صلى الله عليه وسلم المؤمنين في محبتهم لبعضهم وتوادهم فيما بينهم بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر فعَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم« مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِى تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى » 
وشبههم في تناصرهم فيما بينهم ومؤازرتهم لبعضهم بالبنيان المرصوص المتماسك فعَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : الْمُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ " البخاري ومسلم . 
وحصر المولى جل شأنه التآخي بين المؤمنين وحدهم دون سواهم فقال سبحانه { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } 
وعن عَبْدِ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قال قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " البخاري ومسلم .
بل جعل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمسلم على أخيه المسلم حقوقا وواجبات يجب أن يحفظها ويؤديها كاملة من غير نقص 
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَسَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ » مسلم . 
وعن جَابِرِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبي طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِىَّ قالا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِى مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِى مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِى مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِى مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ » أحمد وأبو داود. 
وأخبر صلى الله عليه وسلم أن دعوة المسلم لأخيه المسلم مستجابة « دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ آمِينَ وَلَكَ بِمِثْلٍ » مسلم 
أنا الحجازُ أنا نجــدٌ أنا يمنٌ**** أنا الجنوبُ بها دمعي وأشجَــاني

بالشّامِ أهلي وبغدادُ الهوى وأنا**** بالرقمتينِ وبالفسطاطِ جِيــراني

وفي رُبى مكةٍ تـاريخُ ملحمــةٍ**** عــلى ثَراها بنينا العالمَ الفانـي

دفنتُ في طيبة رُوحي ووالهفي**** في روضةِ المُصطفى عُمْري ورِضْوَانِي

النيلُ مَائي ومِنْ عمّانِ تذكرتِـي**** وفي الجــزائرِ آمالي وتِطْــوانِي

دمي تصبّبَ في كابول مُنْسَكِباً**** ودمعتي سفحتْ في سفْـحِ لُبْنــانِ

فأينما ذُكر اسمُ اللهِ في بلدٍ****عددتُ ذاكَ الحمى من صلبُ أوطــاني
فهل يعي المسلمون حق إخوانهم في شتى بقاع العالم خصوصا في ظل التآمر الدولي لفصم عرى الأخوة بين المؤمنين وتشتيت وحدة المسلمين والسعي لأجل تمزيق وحدتهم وتفريق كلمتهم .
4

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق