( يوم عاشوراء يوم نصر أهل الايمان )
أَمَّا بَعْدُ: فِإِنَّ اللهَ تَعالَى يَقُولُ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} فِإِذَا أَرَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ شَيْئًا أَتَمَّهُ بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ ذُلِّ ذَلِيلٍ, فَلا رَادَّ لِحُكْمِهِ, وَلا مُعَقِّبَ لِقَضَائِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
وَيَتَجَلَّى ذَلِكَ فِي حِفْظِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأَوْلِيَائِهِ وَحِمَايَتِهِ لأَنْبِيَائِهِ عَلَيْهِم صَلَوَاتُ رَبِي وَسَلامُه, وَمِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ, حَيْثُ حَفِظَهُ اللهُ مِنْ كَيْدِ فِرْعَوْنَ الذِي أَرَادَ قَتْلَهُ مِرَاراً لِرُؤْيَا رَآهَا, مَفَادُهَا أَنَّ غُلاماً يَخْرُجُ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ يَكُونُ هَلاكُ مُلْكِهُ عَلَى يَدَيْهِ, فَجَهِدَ فِرْعَوْنُ فِي تَوَقِّي ذَلِكَ وَقَتَلَ وَاحْتَاطَ, وَلَكِنْ: لا يُغْنِي حَذَرٌ مِنْ قَدَر!
جَاءَ مُوسَى حتَّى تَرَبَّى فِي قَصْرِ فِرْعَوْنَ وَبِحِمَايَةٍ مِنْهُ, وَرَدَّهُ اللهُ إلى أُمِّهِ وَأَرْضَعَتْهُ حتَّى كَبُرَ وَتَرَعْرَعَ, ثُمَّ قَتَلَ وَاحِدًا مِنْهُمْ انْتِصَارًا للْحَقِّ, وَجَهِدُوا فِي قَتْلِهِ فَلَمْ يَقْدِرُوا لأَنَّ اللهَ مَعَهُ يَحْفَظُهُ,
ثُمَّ خَرَجَ إِلَى مَدْيَنَ وَقَابَل رَجُلاً صَالِحاً , قِيلَ: إنَّه ُشَعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلامُ, وقيل: هُوَ غَيْرُهُ, ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ ثَمَانِ سِنينَ وَأَتَمَّهَا مُوسَى عَشْراً وَذَلِكَ لأَمَانَتِهِ وَصِدْقِهِ وَقُوَّتِهِ ,
ثُمَّ بَعْدَ الْعَشْرِ عَادَ مُوسَى إلى دِيَارِ أَهْلِهِ, فَاصْطَفَاهْ اللهُ وَحَمَّلَهُ الرِّسَالةَ إِلَى الطَّاغِيَةِ فِرْعَوْنَ وَأَرْسَلَ مَعَهُ أَخَاهُ هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلامُ, فَدَخَلا عَلَى فِرْعَوْنَ, وَدَعَوَاهُ إلى اللهِ بِالقَوْلِ اللَّيِّنِ لَعَلَّهُ يَتَذَكُرُ أَوْ يَخْشَى, وَأَرَاهُ مُوسَى الْحَيَّةَ وَالعَصَا آيَتَيْنِ عَلى صِدْقِهِ , وَلكَنْ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ, فَمَنِ انْطَبَعَ قَلْبُهُ عَلى الْكُفْرِ فَلا يُؤْمِنُ مَهْمَا رَأَى مِن الْحُجَجِ ,
ثَمَّ جَمَعَ فِرْعَوْنُ السَّحَرَةَ لِمُنَازَلَةِ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلامُ, لِإبْطَالِ مَا أَتَيَا بِهِ, فَكَانَ الأَمْرُ بِالْعَكْسِ!
فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا: أإِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ, قَالَ لَهُمْ فِرْعَوْنُ: نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذَنْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ , قَالُوا: يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ؟ قَالَ: أَلْقُوا! فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ!
فَأَوْحَى اللهُ إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ! فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ, فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ, فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ, وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ, رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ!
وكَاَنَ الْمُنْتَظَرُ أَنَّ فِرْعَوْنَ يُؤْمِنُ تَبَعًا للسَّحَرَةِ لأَنَّهُ هُوَ الذِي أَتَى بِهِم, وَهُمْ أَهْلُ الْخِبَرَةِ فِي السِّحْرِ وَعَرِفُوا أَنَّ الذِي مَعَ مُوسَى لَيْسَ سِحْرًا!
وَلَكِنَّهُ مَا كَانَ يُرِيدَ الحَقَّ, وَلِذَا أَصَرَّ عَلَى الْكُفْرِ وَكَابَرَ وَتَنَكَّرَ!
ثُمَّ إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ جَهِدَ فِي دَعْوَتِهِ بِطُرِقٍ مُتَنَوِّعَةٍ ! وَلَكِنَّهُ مَا أَطَاعَ لا هُوَ وَلا قَوْمُهُ وَاسْتَمَرُّوا فِي العِنَادِ وَالْمُكَابَرَةِ فَأَرْسَلَ اللهُ عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ, لَعَلَّهُمْ يَتَّعِظُونَ !
فَمَا اتَّعَظُوا بَلِ اسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ, وَكُلَّمَا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا: يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ!
فَكُلَّمَا كَشَف اللهُ عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ! فَيَنْقُضُونَ عُهُودَهُمُ الَّتِي عَاهَدُوا اللهَ وَيُقِيمُونَ عَلَى كُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ!
فَلَمَّا طَالَ الأَمَدُ, أَمَرَ اللهُ مُوسَى أَنْ يَسْرِيَ بِبَنِي إسْرَائِيلَ وَأَخْبَرَهُ أَنَّهُمْ سَوْفَ يُتَّبَعُونَ, فَلمَّا عَلِمَ فِرْعَوْنُ أَرْسَلَ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ وقال: إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ, وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ, فَجَمَعَ جُنُودَاً عَظِيمَةً, وأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ, فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانُ وكانَ الْبَحْرُ أَمَامَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَفِرْعَوْنُ خَلْفَهُمْ قَالُوا لِمُوسَى: إِنَّا لَمُدْرَكُونَ , فقَالَ عَلَيْهِ السَّلامُ: كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ!
وَهَكَذَا الْمُؤْمِنُ الوَاثِقُ بِرَبِّهِ يَتَوَكَلُ عَلَيْهِ مَهْمَا غَابَتْ الأَسْبَابُ الْمَادِّيَّةُ, قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} فَشَقَّ اللهُ لَهُم الْبَحْرَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقَاً وَأَمَرَ اللهُ الرِّيحَ فَلَفَحَتْ أَرْضَ البَحْرِ حتَّى صَارَ يَابِسَةً فِلِهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى {فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لا تَخَافُ دَرَكًا} أَيْ : لَا تَخَافُ مِنْ فِرْعَوْنَ وَجُنُودِهِ أَنْ يَلْحَقُوكُمْ {وَلا تَخْشَى} مِنْ الْبَحْرِ أَنْ يُغْرِقَكَ أَنْتَ وَلَا وَقَوْمَكَ!
وَسَارَ بَنُو إِسْرَائِيلَ حتَّى تَكَامَلُوا خُرُوجَاً مِنْ الْبَحْرِ, فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُه, فَنَزَلُوا الْبَحْرَ فِي إثْرِهِم, فَلَمَّا تَكَامَلُوا نُزُولاً, أَمَرَ اللهُ الْبَحْرَ فَعَادَ وَالْتَأَمَ فَأَغْرَقَهُمُ اللهُ أجْمَعِينَ!
فَأَهْلَكَ اللهُ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ وَأَنْجَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ وَقَوْمَهُ, وَكَانَ ذَلِكَ فِي العَاشِرِ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ , فَصَامَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ هَذَا اليَوْمَ شُكْراً للهِ, ثُمَّ صَامَهُ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِهِ اقْتَدَاءً بِهِ وَشُكْرَاً للهِ!
أيُّها المؤمنونَ: يومُ عَاشُورَاءَ يُعطينَا دَرْسَاً عَظِيمَاً بالعِزِّ والنَّصْرِ! وَأَنَّ البَاطِلَ مَهمَا عَلا زَبَدُهُ, فَإنَّهُ وَاهٍ وَمَهزُومٍ، فَفِرعَونُ أَطغَى الطُّغَاةِ,أَخَذَهُ اللهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولى إِنَّ في ذَلِكَ لَعِبرَةً لمَن يَخشَى.
عِبادَ اللهِ: تأمَّلواَ قَولَ النَّبيِّ : (نحنُ أَحَقُّ بِمَوسَى مِنكُم).فإنَّهُ يُشعِركَ بِأَنَّ رَابِطَةَ الإِسلامِ أَعظَمُ صِّلَةٍ، وأَقْوى نَسَبٍ، وَنَحْنُ بِتَمَسُّكِنَا بِدِينِنَا وَثَبَاتِنَا عَلَيهِ أَقرَبُ لِمُوسَى عَليهِ السَّلامُ مِنَ اليَهُودِ المُحَرِّفِينَ لِشَرِيعَتِهِ النَّاكِبِينَ عَن طَرِيقَتِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالى: آمَنَ الرَّسُولُ بما أُنزِلَ إِلَيهِ مِن رَبِّهِ وَالمُؤمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائكتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَينَ أَحَدٍ مِن رُّسُلِه
يَا مُؤمِنُونَ: يومُ عَاشُورَاءَ تَحْقِيقٌ لِحُسْنِ التَّأسِّيْ والإتِّباعِ لِنَبِيِّنَا فَفِي الإِسلامِ انْتِصَارَاتٌ وَفُتُوحَاتٌ لَمْ نُتَعبَّدْ للهِ بِصِيَامِهَا ! فَدِينُنَا مَبنيٌّ عَلَى الإتِّباعِ لا الابتِدَاعِ، فَلَنَا في رَسُولِ اللهِ أُسوَةٌ حَسَنَةٌ . وَرَسُولُنَا قَالَ: (مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدٌّ).
فَالمَؤُمِنُ يَفعَلُ مَا يَفْعَلُهُ رَسُولُ اللهِ, وَيَتْرُكُ مَا يَتْرُكُهُ, وَيُحِبُّ مَا يُحِبُّهُ, وَيُبْغِضُ مَاَ يُبْغِضُهُ وَمَنْ يُبْغِضُهُم! عِبَادَ اللهِ: نَصُومُ غَدَاً بِإذنِ اللهِ رَجَاءَ تَكفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ، أنَّ هَذِهِ الذُّنُوبَ هِيَ الصَّغَائِرُ فَقَط،
عِبَادَ اللهِ: مِنْ حَقِّنَا نَحْنُ أَهْلَ السُّنَّةِ والجماعةِ أَنْ نَحْتَفي بِيَومٍ ارتَفِعَ فِيهِ عَلَمُ الإِسلامِ وَعلَت فِيهِ رَايَةُ العَقِيدَةِ. وَيَومَئِذٍ يَفرَحُ المُؤمِنُونَ بِنَصرِ اللهِ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ .
فَاللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمُسلِمينَ في كُلِّ مَكَانٍ وانصُر مَنْ نَصَرَ الدِّينَ واخذُل مَن خَذَلَ الدِّينَ. وَارْزُقْنَا الاقْتَدَاءَ بِنَبِيِّنا وإتباعَهُ ظَاهِرَاً وَبَاطِنَاً يَارَبَّ العَالَمين, وأستغفر اللهَ لي ولَكُم ولِسَائِرِ المُسلِمِينَ فَاستَغْفِرُوهُ إنَّه هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ,
الخطبة الثانية :
أَيُّهَا الَمُسَلِمُونَ
وَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الْمَدِينَةِ, وَجَدَ اليَهُودَ فِيهَا يَصُومُونَ العَاشِرَ مِنْ مُحَرَّمٍ فَسَأَلَهُم عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ فَأَخْبَرُوه, فَصَامَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ الصَّحَابَةَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ بِصِيَامِه, وقَالَ (فَأَنَا أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ), فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ؟ فَقَالَ (يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
عِبَادَ اللهِ: غَدَا بِإذنِ اللهِ أهلُ السُّنَّةِ والجَمَاعةِ في كُلِّ البِلادِ الإسلامِيَّةِ يَحتَفُونَ بِصِيامِ اليومِ العَاشِرِ من شهرِ اللهِ الْمُحرَّم اقتداءً بسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ ,وَرَجَاءً لِتَكْفِيرِ ذُنُوبِ سَنَةٍ كامِلَةٍ, فَقَدْ قَالَ نَبِيُّنا لَمَّا سُئِلَ عَنْ صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ: (إنِّي أحتسبُ على اللهِ أنْ يكفِّرَ السَّنةَ الماضية). نَعَم نَصُومُ غَدَاً شُكْراً للهِ تَعَالَى عَلى مَا تَفَضَّلَ بِهِ مِنْ نَجَاةِ كَلِيمِ اللهِ مُوسَى بنِ عمرانَ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ! وإغراقِ وَخُذلانِ عدوِّ اللهِ المُتَعَالي رَأسِ الطُّغَاةِ وَقَائِدِ المُتَكَبِّرِينَ!؟
وَيَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَصُومَ يَوْمًا قَبْلَهُ مُخَالَفَةً لليَهُودِ, فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا, عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ: حِينَ صَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّهُ يَوْمٌ تُعَظِّمُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (فَإِذَا كَانَ الْعَامُ الْمُقْبِلُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ صُمْنَا الْيَوْمَ التَّاسِعَ ) قَال: فَلَمْ يَأْتِ الْعَامُ الْمُقْبِلُ حَتَّى تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أَيُّهَا الإِخْوَةُ: وَإِنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ هَذَا العَامَ هُوَ يَوْمُ غَدٍ السَّبْت, فَمْنَ كَانَ صَامَ اليَوْمَ الجُمُعَةَ فَقَدْ أَحْسَنَ, وَمَنْ لَمْ يَصُمْ اليَوْمَ فَلْيَصُمْ غَدًا السَّبْتَ وَبَعْدَهُ يَوْمَ الأَحَدِ, وَهَذَا عَلَى سَبِيلِ الأَفْضَلِيَّةِ وَالاسْتِحْبَابِ, وَلَيْسَ لَازِمًا.
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ, اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ! واللهُ تَعَالى أَعْلَمُ.