إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 16 مايو 2015

أصناف الناس مع المعاصي

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
أيها الأخوة الكرام، لا شك أن كل إنسان لا ينفك عن الذنب، قال صلى الله عليه وسلم: [كل ابن آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون] حسنه الألباني في صحيح الجامع (4515) عن أنس).
فقول النبي صلى الله عليه وسلم: [كل ابن آدم خطاء] أي أنه يتأتى منه الخطأ، ومصداق ذلك في كلام الله تبارك وتعالى قول الله عز وجل: {ولله ما في السموات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن أتقى} (النجم:31،32).
والشاهد في الآية قول الله تبارك وتعالى: {هو أعلم بكم}، وذلك أنه سبحانه وتعالى أخبر أن أهل الإحسان الذين يتقبل الله عز وجل عملهم، وأنه بما أن له ملك السموات والأرض، فإنه يجزيهم بإحسانهم، يقول جل وعلا عنهم: {الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم}.
هؤلاء هم أهل الإحسان، ثم علل الله عز وجل فبين أنهم قد يقع منهم اللمم، وذلك أن الإنسان خلقه الله تبارك وتعالى، وهو أعلم بفطرته وطبعه والمادة التي خلق منها، والمكان الذي نشأ فيه، فقد خلق من طين هذه الأرض، وهو مادة هابطة قاتمة، ثم كان في أخلاط البطن، ومعلوم ما في أخلاط البطن من التخليط ومن القذر، وكان هذا منشأ الإنسان {هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض} هذه طبيعتكم {وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} هذا منشؤكم ومن أجل ذلك يصفو الإنسان ويعلو بالدين والهدى ويسفل ويخطئ ويقع بما في طبعه وما في فطرته من السفول والقذر.
[كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون]، وقد خلقنا الله تبارك وتعالى ويعلم أننا نخطئ ولكن الله عز وجل أراد منا عند الخطيئة أن نتوب، وأن نرجع، وأن نستغفر، وهذا يحبه الله تبارك وتعالى، وهو يحب العذر من عباده، وعلى كل حال، فالناس أو الإنس والجن بحسب الخطيئة على أصناف.

الصنف الأول: هم أهل الإحسان، وهؤلاء الذين يقعون باللمم ولكنهم يذكرون الله تبارك وتعالى، ويستغفرون ويسرعون بالعودة إلى الله عز وجل كما قال سبحانه وتعالى: {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين وإما ينزعنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (الأعراف:199- 201).
فهؤلاء هم أهل التقوى يمسهم طائف الشيطان، ولكن سرعان ما يتذكرون ويرجعون إلى الله تبارك وتعالى، وقد وصف الله أهل الإحسان في آية أخرى، فقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجرب من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} (آل عمران:133-136).
فوصف الله هؤلاء بأنهم أهل الإحسان، وأنهم كذلك العاملون بما أمر الله تبارك وتعالى، وما فرضه عليهم، إذاً أول صنف من البشر محبوب عند الله تبارك وتعالى، هذا الصنف هو الصنف الذي يخطئ ويلم، ثم يعود سريعاً إلى الله تبارك وتعالى.
يعود بالتوبة والاستغفار والإنابة والخروج من الذنب وهؤلاء هم أهل الإحسان، وهؤلاء هم الذين يحبهم الله تبارك وتعالى، ويرتضيهم، وليس من لا يقع منهم خطأ، لأنه لا يتصور من إنسان ألا يقع منه خطأ هذا غير متصور وغير ممكن، ولا يكون، وإنما المفروض والمتصور هذا، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: [لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم] (أخرجه مسلم (2749) في كتاب التوبة من حديث أبي هريرة وأوله: [والذي نفسي بيده لو لم..].
وذلك أن الله تبارك وتعالى يحب العذر، يحب أن يعتذر إليه العباد، وأن يرجعوا، وأن يستغفروه، وأما من يتصور أنه لا يقع منه إلا الطاعة، فإنه قد يصيبه العجب والكبر، وقد يظن أن له دالة على الله سبحانه وتعالى، وأن له فضل عليه، وأن له حق محقق على الله، وهذا لا شك أن تصوره إثم، يعني تصور هذا في ذاته إثم، لأن الله تبارك وتعالى هو صاحب الفضل كله، وهو صاحب العطاء كله، والعباد لا شك أنهم في موضع الخطأ، وفي موضع التقصير، وفي موضع العيب، وأما الرب تبارك وتعالى، فهو المتفضل حتى على أشرف عباده، فهذا نبينا صلوات الله وسلامه عليه قد ذكره تبارك وتعالى بفضله العظيم عليه كما قال سبحانه وتعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً} (الفتح:1،2).
وقال: {ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي انقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك} (الشرح:1-4).
وقال: {ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً إذاً لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً} (الإسراء:74،75).
إلى آيات كثيرة من كتاب الله تبارك وتعالى يذكره الله عز وجل نعمته عليه، وفضله وإحسانه إليه، وأنه ما وصل إلى ما وصل إليه من الهدى، والتقى إلا بفضل الله تبارك وتعالى ورحمته، ولذلك كان النبي يذكر هذا دائماً ويقول: [لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة] قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: [ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بفضل ورحمة] (رواه مسلم (2816) في كتاب صفات المنافقين وأحكامهم عن أبي هريرة) فالفضل كله لله تبارك وتعالى.
الشاهد أن أول صنف من البشر في موقفهم من المعصية هم هؤلاء التوابون، الرجاعون إلى الله تبارك وتعالى المستغفرون، وهؤلاء ممدوحون عند الله عز وجل، وهم أفضل الطوائف وأفضل الفرق.

الصنف الثاني: وهم المتمادون السادرون اللاهون، وهؤلاء مذمومون في كتاب الله تبارك وتعالى، كما قال جل وعلا: 
{إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون} (الأعراف:201).
هؤلاء هم أهل الإحسان.
قال: {وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون} (الأعراف:202).
( وإخوانهم} إخوان الشياطين {يمدونهم} يعني يمدهم الشياطين {في الغي}، يسترسلون معهم، كلما دعاه الشيطان إلى فساد يطيعه ويسير معه {ثم لا يقصرون} يعني لا يقطعون خط المعصية، ويعودون إلى الله تبارك وتعالى، وإنما يتمادون وهؤلاء المتمادون هم على شفا هلكة، إن لم تدركهم رحمة الله تبارك وتعالى، بالتوبة قبل الموت، فقد هلكوا، وقد تلزمهم النار أحقاباً وأحقاباً، فإن كانوا من أهل لا إله إلا الله خرجوا من النار، ونفعتهم لا إله إلا الله يوماً من عمرهم، وأما إن كانوا من غير ذلك، فهم مخلدون في النار عياذاً بالله، ولذلك قال سبحانه وتعالى: {إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً} (النساء:17).
ولا شك أن كل فاعل للسوء جاهل، لأنه لو كان عالماً على الحقيقة لاستحى من الله ولخاف الله تبارك وتعالى {ثم يتوبون من قريب} قبل الموت، كل من تاب قبل الموت فقد تاب من قريب، كما قال صلى الله عليه وسلم: [إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر] حسنه الألباني في صحيح الجامع
ما لم تبلغ روحه الحلقوم. فالتوبة مفتوحة بابها موجود وباق، فالسادر الغافل عن طاعة الله تبارك وتعالى السائر في معاصيه يخشى عليه أن يفاجئه الموت، وهو على معصيته عياذاً بالله، ولا شك أن من مات على شيء بعث عليه، فمن مات حاجاً بعث ملبياً، ومن مات مجاهداً بعث على جهاده وفي دمه، ومن مات على سكره وفسقه وفجوره بعث على ذلك، بعث على ما مات عليه، فالحذر الحذر أن يفاجئك الموت وأنت على معصية الله تبارك وتعالى، ولذلك كان أهل البصيرة يتمسكون بالإسلام حتى يموتوا، لأنه لا يدري متى يفاجأه الموت وقد قال صلى الله عليه وسلم: [الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله، والنار مثل ذلك] البخاري (11/321 الفتح) عن ابن مسعود).
وذلك أن من مات على حاله بعث عليها عياذاً بالله، فمن مات وآخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة، ومن مات على سكر أو زنا أو فاحشة كان كذلك أخذ بما مات عليه {كل نفس بما كسبت رهينة} (المدثر:38).( التخويف من ان يتمادى الانسان في المعصية والتسويف في التوبة بتزيين الشيطان له ) 


الصنف الثالث: فهو المتكبر العنيد الألد الخصم هذا يفعل المعصية، ولا يرعوي، وإذا ذكر بالله تبارك وتعالى اشمأزت نفسه، وشمخت أنفه بمعصيته، وهذا قد وصفه الله تبارك وتعالى بأخس الصفات في كتابه، ووصفه النبي بأخس الصفات كذلك.
يقول الله تبارك وتعالى: {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد} (البقرة:204- 206).
هذا صنف المتكبر المتعجرف الذي إذا ذكّر بأنه على معصية لله تبارك وتعالى وقيل له اتق الله ودع ما أنت فيه من المعصية شمخت أنفه وأنف أن يذكر بالله تبارك وتعالى، وقد يقول للقائل له أنا أعلم بالله منك وأتقى لله منك، ومن أنت حتى تذكرني بالله، وتقول لي كذا وكذا، وقد يتكلم كلاماً طيباً في الدين ولكنه مجادل خصم لدود {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} قيل: قوله في الدنيا يعني قوله في الدين يعني يتكلم كلاماً طيباً في الدين كما هو وصف المنافقين، وصفهم الله تبارك وتعالى: {وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة} (المنافقون:4).
تسمع لقولهم لأنهم يقولون كلاماً حسناً كما قال تبارك وتعالى: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله} (المنافقون:1).
هذا كلام حسن شهادة حسنة، قال تبارك وتعالى: {والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد أن المنافقين لكاذبون اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون} (المنافقون:1،2).
ثم وصفهم الله تبارك وتعالى: {وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون} (المنافقون:4).
فهذا الصنف المنافق الذي قد يتكلم في الدين بكلام حسن، ولكن قلبه مليء بالغيظ والحقد على المسلمين، ولذلك إذا ذكر بأفعاله في الفتنة وفي الكذب وفي البهتان وفي التمالؤ على أهل الإسلام، وفي التفريق بينهم إذا ذكر بهذا أخذته العزة بالإثم كما قال صلى الله عليه وسلم: [أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم] والبخاري (13/180 الفتح) ومسلم (2268) عن عائشة).
الألد: من اللدد وهي شدة الكراهية والخصومة.
الخصم: يعني كثير الخصومة وهذا كما وصف النبي المنافقين: [وإذا خاصم فجر] (مقطع من حديث أخرجه البخاري (1/89-5/107) ومسلم (58) عن عبدالله بن عمرو).
فإذا خاصمك فجر وكذب عليك وافترى عليك واستعان عليك بشهود الباطل، ولم يراع فيك إلا ولا ذمة ولم يراع أنه موقوف بين يدي الله تبارك وتعالى وسيسأله عن عمله فهذا الذي تأخذه العزة بالمعصية والإثم، وإذا ذكر بالله تبارك وتعالى لم يذكر، هو من شرار الخلق حتى وإن تكلم كلاماً حسناً لكنه عند الله تبارك وتعالى من شرار الخلق، لأنه الألد الخصم وهذه خصلة من خصال النفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم: [أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا أؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر] (المصدر السابق).
فالفاجر في خصومته، المتعدي في كل الحدود، الذي يفرح بإثمه، ويزيد فيه وإذا ذكر بالله لا يذكر، هذه خصلة من خصال النفاق، قد تكون في مؤمن، ولكنها خصلة سيئة، وقد يموت بإثمه ومعصيته، عياذاً بالله وقد يتوب من هذا. على كل حال هذا صنف من الناس وهذا موقفهم إزاء المعصية.
( وقد يدخل في هذا الصنف المجاهرون بالمعاصي ، لانهم لا يرعون ، ويجادلون عن ماهم فيه من المعاصي والموبقات ويعلنونه امام الناس ويزينونه ان لم يدخلوا في الصنف الرابع وهم المستحلون للمعصية والعياذ بالله  )

الصنف الرابع: والأخير هو أخس هذه الأصناف كلها، وهو المستحل المتكبر أخو الشيطان، أخو إبليس الذي يستحل معصيته، ويرى أن ما يفعله هو الحق، وأن ما يؤمر به من الدين هو الباطل، فكم فاجر كافر ينسب إلى الإسلام، ويفعل المعاصي، فإذا ذكر بمعصيته استحلها، فيرى أنه ليس في الزنا شيء وليس في شرب الخمر شيء، وأن ترك الصلاة لا إثم فيه، فهو مستحل لما هو عليه، وأقول هذا هو أخو إبليس لأن إبليس أمر بالسجود، فلم يسجد، قال له عز وجل: {اسجد لآدم} ولكنه لم يسجد ثم لما ذكر {قال يا إبليس ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي أستكبرت أم كنت من العالين قال أنا خير منه} (ص:75،76).
فبرر عدم سجوده بأن السجود ينافي الحكمة، وينافي العقل، فاتهم الله تبارك وتعالى بأنه لم يأمر بمقتضى الحكمة، وأن مقتضى الحكمة ألا يسجد الفاضل للمفضول، فزعم نفسه أفضل من آدم، فكيف يسجد له ويكرمه، وهو أعلى منه وأشرف، ولم يعلم هذا المفتون، ومن على شاكلته أن أمر تبارك وتعالى هو مقتضى الحكمة لأن الله هو الحكيم سبحانه وتعالى، وأن أمر الله عز وجل يجب على الخلق أن يطيعوه سواء فهموا الحكمة منه، والمراد منه، أو لم يفهموا فلا شك أن الله تبارك وتعالى يعلم، وأنتم لا تعلمون، فكم من تابع لإبليس منسوب إلى أهل الإسلام يظن أنه من أهل الإسلام، ولكنه يأخذ الدين بعقله، فما وافق هواه فعله وما لم يوافق عقله وفهمه تركه بل قد يزدري هذا الأمر، ولا يظن هذا المأفون المغبون أنه بهذا قد رد كلام الله تبارك وتعالى ورد كلام النبي ولا شك أن الراد على الله، والراد على رسول الله كافر ولا شك هذا هو القسم الرابع وهو أسوأ هذه الأقسام.
ونقول كل ابن آدم خطاء كلنا نخطئ حتى الرسل هذا أبوهم آدم قال تبارك وتعالى: {وعصى آدم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدي} (طه:121،122).
ليعلمنا الله تبارك وتعالى أن أبانا الذي خلقه بيده، ولكنه أمر ألا يأكل من شجرة معينة في الجنة فأكل منها نسياناً كما قال جل وعلا: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزماً} (طه:115).
لكن علمنا الله تبارك وتعالى أيضاً بالمقام الذي قامه آدم كيف نتوب ونرجع إلى الله تبارك وتعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} (البقرة:37).
وهذه الكلمات هي ما نص الله عز وجل عليها أنه قال هو وزوجه: {ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين} (الأعراف:23).
فلما قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، تاب الله تبارك وتعالى عليهما وقبل دعائهما، وهكذا ينبغي أن يكون كل عبد إذا وقع فيما يسخط الله تبارك وتعالى، أو عصى الله تبارك وتعالى في أمر جهلاً أو نسياناً أو بغلبة هوى فإن عليه أن يسارع بالعودة وبالرجوع إلى الله تبارك وتعالى، وبالندم على فعله، وبالخروج من ذنبه، ثم بعد ذلك أن يصلح في بقية عمره، وأن يتذكر هذا الإثم أبداً قال تبارك وتعالى: {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} (هود:114).
وقال صلى الله عليه وسلم: [واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن] (حسن وهو قطعة من حديث يبدأ بلفظ [اتق الله حيثما كنت واتبع..] أخرجه أحمد والترمذي وغيرهما انظر صحيح الجامع).
فاتباع السيئة بالحسنة محو لها فعلينا بالتوبة وبالرجوع إلى الله تبارك وتعالى، فإذا أذنبت ذنباً فعليك بالتوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، ثم بالطاعة، ومن أحسن الطاعة التي تغفر الذنب الصدقة كما قال النبي صلوات الله وسلامه عليه: [والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ) وصححه الألباني كما في صحيح سنن الترمذي (501)).
والصلاة ولا شك أنها من أعظم ما يقرب العبد إلى الله تبارك وتعالى، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد] (أخرجه أحمد (2/421) ومسلم (482) 
ولنحذر يا أخوة، التمادي لأنك لا تدري متى يأتيك الموت، ثم لنحذر الكبر، وأن تأخذنا العزة بالمعصية، وأننا إذا ذكرنا بالله تبارك وتعالى لم نذكر، وأنه إذا قيل لنا اتق الله تأخذنا الأنفة والكبرياء ممن يقول لنا اتق الله، ومن نحن لقد قال الله تبارك وتعالى لنبيه: {يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليماً حكيماً} (الأحزاب:1).
فإذا كان النبي محمد صلوات الله وسلامه عليه يقال له اتق الله تبارك وتعالى فكيف بنا نحن، فإذا قال لك عبد من عباد الله: اتق الله قل آمنت بالله تبارك وتعالى وارجع إليه تبارك وتعالى أما المستحل المعصية فمن استحل معصية ولو كانت صغيرة فلا شك أنه كافر خارج من ملة الإسلام أسأل الله تبارك وتعالى أن يردنا إليه رداً جميلاً وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه.

3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق