إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 16 مايو 2015

الصبر عند المصائب ٢

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى-، فمن اتقى ربه نجا، ومن صدقه لم ينله أذى ومن رجاه كان حيث رجا. 


أيها المسلمون: الدنيا دار امتحان وابتلاء، دار مصائب وأكدار، يبتلي الله -سبحانه- عباده فيها، وكلَّما كانت المصيبة على العبد أعظم وصبر واحتسب، كان الجزاء عليها أعظم 

ومن علامة محبة الله للعبد أن يبتليه، فقد ابتُلي الأنبياء والصالحون فصبروا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -تعالى- إذا أحب قومًا إبتلاهم"، 


ولا بد أن يعلم المصاب: أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين, ارحم الراحمين، وأنه -سبحانه- لم يُرسل البلاء ليُهلكه به، ولا ليعذبه، ولا ليجتاحه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرعه وابتهاله، وليراه طريحًا على بابه، لائذًا بجنابه، مكسور القلب بين يديه، رافعًا قصص الشكوى إليه. 


فأبشروا يا من صبرتم واحتسبتم بالأجور العظيمة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يصيب المؤمن من هم، ولا غم، ولا شيء؛ إلا كفر له بها، حتى الشوكة يشاكها" رواه البخاري.


عباد الله: منزلة الصبر من أعظم المنازل التي حض عليها الإسلام، وقد ذكرها الله في كتابه في أكثر من تسعين موضعًا، وجعل -سبحانه- جزاءه من أعظم الجزاء، كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10]


قال بعض السلف: "لا تكال الأجور للصابرين ولا توزن، وإنَّما تُغرف لهم غرفًا".

وفي صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والصبر ضياء" وعند البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر"، وقال علي -رضي الله عنه-: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ثم رفع صوته وقال: أما إنه لا إيمان لمن لا صبر له".

عباد الله: من أصيب بمصيبة في نفسه، أو ماله، أو ولده؛ فعلم أنها من قدر الله فصبر واحتسب، واسترجع واستسلم لقضاء الله، عوَّضه الله عمَّا فاته في الدنيا؛ هدى في قلبه، ونورًا وراحة، وطمأنينة ويقينًا صادقًا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرًا منه، قال تعالى: (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن: 11]
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت".

يخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث أنه ستبقي في الناس خـصلتان من خصال الجاهلية، وهما من أنواع الكفر الأصغر الذي لا يُخرج عن ملة الإِسلام، ولا يسلم منها إلا من سَلَّمه الله، وهما:

الأول: الطعن في النسب: وذلك بعيب الأنساب وتنقصها، كقوله: آل فلان ليس نسبهم جيدًا، ذمًا وقدحًا لهم.

الثانية: النياحة على الميت: وذلك برفع الصوت بالبكاء والصراخ عند المصيبة، أو تعداد فضائل الميت على سبيل الجزع والتسخط عليه، كقول أولاد المتوفى عن والدهم: من الذي ينفق علينا بعدك، جزعًا عليه، وما علموا أنَّ الله هو الرازق الذي تكفل برزق عباده، قال تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6]

أمَّا دمع العين والحزن فلا يُلام عليه العبد، ففي الحديث لما توفي إبراهيم ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "إنَّ العين لتدمع، وإنَّ القلب ليحزن، وإنَّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري.

وللبخاري ومسلم، عن ابن مسعود مرفوعًا: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".

وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يُوافى به يوم القيامة" رواه الترمذي.


أيها المسلمون: إذا أراد الله -سبحانه- بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، كمرض أو موت ولد وغير ذلك؛ لأن العقوبات تُكَفِّر السيئات، فإذا تعجلت العقوبة وكفر الله بها عن العبد فإنَّه يُلاقي الله -سبحانه- وليس عليه ذنب، قد طهرته المصائب والبلايا حتى إنَّه ليُشدد على العبد عند موته؛ ليخرج من الدنيا نقيًا من الذنوب وهذه نعمة؛ لأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة.

وفي الصحيح: "ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة" فالمصائب نعمة عندما يصبر الانسان ويحتسب ؛ لأنها تكفر الذنوب، وتدعو إلى الصبر، فيثاب عليها، وتقتضي الإِنابة إلى الله والذل له، والإِعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح


وإذا أراد الله -سبحانه- بعبده الشر ترك عقوبته في الدنيا؛ حتى يلاقي ربه يوم القيامة وهو مغمور بسيئاته، فيجازيه بما يستحقه من العذاب.


وتتنوع أحوال الناس عند المصيبة؛ فمنهم الراضي المحتسب، والساخط المتجزع، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله -تعالى- إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" رواه الترمذي.


فمن رضي بما قدر الله عليه وقضاه من المصائب والبلايا رضي الله عنه جزاءً وفاقًا، وإذا رضي الله عن عبده حصل له كل خير، وسلم من كل شر.

ومن سخط بما قدر الله عليه وقضاه من المصائب والبلايا: سخط الله عليه، وكفى بذلك عقوبة

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 – 157]

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: الواجب على المسلم عند المصائب أن يصبر ويحتسب، ويُحسن الظن بربه، ويرغب في ثوابه، ولا يتسخط ولا يجزع، بل يعلم أنَّ ما قدره الله عليه من المصائب كمرض، أو موت أحبة، أو تلف مال او غيرها من المصائب صغيرة او كبيرة
بل حتى الشوكة تؤذيه وتألمه، فلله في ذلك حكم عظيمة هي: تكفير السيئات، ورفعة الدرجات، وزيادة الحسنات، وأنَّه سبب في دخول الجنة، كما قال تعالى: (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) [المؤمنون: 111]
ولا يظن أحد أنه يسلم من البلاء والمصائب، فالأنبياء -عليهم السلام- نزل بهم من البلاء أشده وأعظمه، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء" قلت: ثم من؟ قال: "الصالحون، إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها، وإن أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء" رواه ابن ماجه.

وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من يرد الله به خيرًا يُصب منه" رواه البخاري.

وأبشر –أيها المسلم- ببشارة عظيمة، تؤنس وحشتك، وتخفف مصيبتك، وتهون ما نزل بك، فقد قال المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له" رواه مسلم.
والخير الحاصل للشاكرين هو الزيادة: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) [إبراهيم: 7] والخير الحاصل للصابرين؛ هو الأجر والثواب والمغفرة والرحمة.

والناس في هذه الدنيا بين حالين: إما مُبتلى بعافية لينظر كيف شُكره؟! أو مُبتلى ببلية لينظر كيف صبره؟!


وقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما نقوله حين المصيبة، فقال: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنى في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها" رواه مسلم. 

وقد جعل الله كلمات الاسترجاع وهي قول المصاب: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ملاذًا وملجأ لذوي المصائب. 

عباد الله: المصائب تتفاوت، ولكن أعظمها المصيبة في الدين فهي أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح فيه، والحرمان الذي لا طمع معه. جعلنا الله وإياكم من الصابرين المحتسبين؛ ممن يوفون أجورهم بغير حساب...



الموت بوابة المؤمن الى الجنة 
قضيتنا ليست مع الموت
فنحن لا نملك امامه حيله
لا ينفع معه طب الاطباء
ولا رقية الرقاة 
ولا سحر السحرة 
لا يدفعه اموال الاغنياء
ولا عساكر الملوك 
قل ان الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم 
اذاً ماهي قضيتنا ؟
قضيتنا على ماذا نموت ؟!
الموت بوابة المؤمن الى الجنة 
ينادي الرب بعباده المؤمنين : تعالو ، أعددت لكم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر 
واهاً لموت يحملنا الى ابواب الجنة ، ومستقر الرحمة ودار الكرامة ورضى الرب ورؤية وجهه الكريم 
من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه 
من اشتاق الى لقاء الله اشتاق الله الى لقاءه
لا تكرهوا الموت فانه الخلاص من تعب الدنيا ونصبها وكبدها 
إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوهكأن وجوههم الشمس ومعهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة, حتى يجلسوا منه مد البصر, ثم يجيء ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتهاالنفس الطيبة - وفي رواية المطمئنة - اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوانقال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من السقاء, فيأخذها - وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء, وفتحت له أبواب السماء, ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم - فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن, وفي ذلك الحنوط - فذلك قوله تعالى: }توفته رسلنا وهم لا يفرطون{ [الانعام :61ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرضقال: فيصعدون بها فلا يمرون - يعني - بها على ملك من الملائكة إلا قالواما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا, حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهي به إلى السماء السابعة, فيقول الله عز وجلاكتبوا كتاب عبدي في عليين, }وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم يشهده المقربون{[المطففون :19]فيكتب كتابه في عليين، ثم يقال: أعيدوه إلى الأرض فإني وعدتهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال: فيرد إلى الأرض وتعاد روحه في جسده، ) فأي كرامة للمؤمن أعظم من هذا ؟؟!!!
لما دنت ساعة موت بلال قالت زوجته : واحزناه واحزنا 
قال بلال بفرحة المؤمن : بل واطربا .. غداً ألقى الاحبة محمداً وصحبه
3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق