إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الأربعاء، 6 مايو 2015

الحمد لله

( الحمد لله ) 
فعندما يقلب المتبصر بصره ، والناظر نظره ، وعندما يتفكر العبد بعقله ، ويتدبر بقلبه ، يجد في كل ما حوله آية تدل على أن لهذا الكون خالق عظيم ، ورب عليم ، ومدبر حكيم ، إنه الله الذي لا إله إلا هو وسع كل شيء علماً ، في كل نظرة ، يجد الناظر نعمة من نعم الخالق جل وعلا ، في الكون نعم ، وفي الأجساد نعم ، وفي الأولاد نعم ، وفي الأزواج نعم ، وفي الأموال نعم ، وفي كل شيء نعم ، وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار ، وما بكم من نعمة فمن الله ، إنه الله جل جلاله ، وتقدست أسماؤه ، هيئ لعباده سبل الخيرات ، ووقاهم الشرور والسيئات ، وهداهم طرق الجنات ، فله الحمد في الأرض والسموات .
كل ما لدى الإنسان من خيرات ونعم ، تستوجب الشكر لتدوم ، قال الله جل جلاله : { وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ } [ إبراهيم7 ] .
ومن أجل ما تحفظ به النعم حمد المنعم جل جلاله على ما أولى وأعطى .
فالحمد شأنُه عظيمٌ، وثوابُه جزيلٌ، ويترتّب عليه من الأجر والثواب ما لا يعلمه إلاّ الله، وأهله هم الحَرِيُّون يوم القيامة بأعلى المقامات وأرفع الرُّتب وأعلى المنازل، فإنّ الله عز وجل يحبُّ المحامدَ، ويحبُّ من عبده أن يُثنيَ عليه، ويرضى عن عبده أن يأكلَ الأكْلةَ فيحمده عليها، ويشربَ الشربَةَ فيحمده عليها، وهو تبارك وتعالى المانُّ عليهم بالنعمة والمتفضِّل عليهم بالحمد، فهو يبذل نعمه لعباده،
فإنّ خير ما يذكر الإنسان به ربه حمده، وقولك الحمد لله خير من الدنيا وما فيها، وقد حمد الله نفسه في القرآن الكريم في مواضع عديدة، فمن ذلك:
{الحمد لله رب العالمين} في سورة الحمد.
وقوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1]
وأمر الله في كتابه بأن يحمد:
أمر بذلك نبينا صلى الله عليه وسلم ، فقال: {وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرً} [الإسراء 111].
وقال: {قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ} [النمل 59].
والحمد لله كلمة تعبد الله بها السابقين، ويلهمها الله لعباده في جنات النعيم:
قال إبراهيم عليه السلام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [إبراهيم 39].
وأهل الجنة في الجنة يقولون إذا دخلوها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} [الأعراف 43]
وقال: {دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس 10].
وفي الزمر: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} (الآية: 74)
وعن جابر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يتفلون، ولا يبولون، ولا يتغوطون، ولا يمتخطون». قالوا فما بال الطعام؟ قال: «جشاء ورشح كرشح المسك، يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس» [مسلم].
الحمد لله كلمة الحور العين لأزواجهن في الجنة :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ قَالَ : " إِنَّ أَدْنَىٰ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الْجَنَّةِ ، وَمَثَّلَ لَهُ شَجَرَةً ذَاتَ ظِلَ ، فَقَالَ : أَيْ رَبِّ قَدِّمْنِي إِلَى هٰذِهِ الشَّجَرَةِ أَكُونُ فِي ظِلِّهَا . . . . . ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ فَتَقُولاَنِ : الْحَمْدُ لله الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ ، قَالَ فَيَقُولُ : مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ _ وهو أدنى الناس منزلة في الجنة _ " [ أخرجه مسلم ] .
ولهذا كانت أفضل سورة في القرآن سورة الحمد.
وإن العبد إذا قرأ بها وحمد ربه في صلاته يقول الله: (حمدني عبدي) كما في صحيح مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
الحمد أفضل الدعاء :
فقد قال نبي الله صلى الله عليه وسلم : «أفضل الدعاء الحمد لله» [رواه ابن ماجة]. صحيح الجامع
وإنما كان التحميد دعاء لأن الإنسان يرجو به ما يرجو بالسؤال من رضاء الله والجنة، 
قال ابن القيّم رحمه الله: "الدعاء يُراد به دعاءُ المسألة ودعاء العبادة، والمُثنِي على ربّه بحمده وآلائه داعٍ له بالاعتبارين، فإنَّه طالبٌ منه، طالبٌ له، فهو الداعي حقيقة، قال تعالى: {هُوَ الحَيُّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}غافر : 65").
والحمد لله خير الكلام وأحبه إلى الله:
فعند مسلم: «إن أحب الكلام إلى الله سبحان الله وبحمده».
وله عن سمرة:«أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيِّهن بدأت».
وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ».
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله اصطفى من الكلام أربعاً : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إلٰه إلا الله ، والله أكبر ، فمن قال : سبحان الله كتب له عشرون حسنة ، وحط عنه عشرون سيئة ، ومن قال : الله أكبر فمثل ذلك ، ومن قال : لا إلٰه إلا الله فمثل ذلك ، ومن قال : الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه ، كتب له بها ثلاثون حسنة أو حط عنه ثلاثون سيئة " [ أخرجه أحمد ] .
والتحميد سبب لمغفرة الذنوب:
ففي الصحيحين: «إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم، فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا، قال فيسألهم ربهم عز وجل وهو أعلم منهم: ما يقول عبادي؟ تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك. فيقول: هل رأوني؟ ... أشهدكم أني قد غفرت لهم».
وسبب لدخول الجنة:
فعند الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ».
وقيعان: مستوية.
ومن غرس له في الجنة غرس لابد أن يبلغه.
عند النوم يحمد العبد ربه :
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة بنته رضي الله عنهما: «إذا أخذتما مضاجعكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين، واحمد ثلاثاً وثلاثين، وكبرا أربعا وثلاثين، فهو خير لكما من خادم» [البخاري ومسلم].
وعند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال: «الحمد لله الذي أطعمنا، وسقانا، وكفانا، وآوانا، فكم ممن لا كافي له ولا مؤوي».
عند الانتباه ليلاً يحمد العبد ربه :
ففي البخاري: «من تعارّ من اللّيل فقال: لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شي ء قدير، الحمد للّه، وسبحان اللّه، ولا إله إلا اللّه، واللّه أكبر، ولا حول ولا قوّة إلا باللّه، ثم قال: اللهم اغفر لي، أو دعا استجيب، فإن توضأ وصلى قبلت صلاته».
عند ركوب الدابة يحمد العبد ربه :
لحديث أبي داود: أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب دابة، فلما وضع رجله في الركاب قال: «بسم الله» –ثلاثا-، فلما استوى على ظهرها قال: «الحمد لله، سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين* وإنا إلى ربنا لمنقلبون، الحمد لله –ثلاثا-، الله أكبر –ثلاثا-، سبحانك إني قد ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت».
دبر الصلاة  يحمد العبد ربه : 
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحمد الله ويسبحه ويكبره ثلاثاً وثلاثين بعد كل صلاة مكتوبة.
قبل الدعاء:
فقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي، فمجد الله وحمده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله: «ادع تجب، وسل تعط»[النسائي].
عند حلول النعم:
لحديث ابن ماجة:«ما أنعم الله على عبد نعمة فقال: الحمد لله، إلا كان الذي أعطاه أفضل مما أخذ». حسن 
عند الأكل والشرب:
قال صلى الله عليه وسلم : «من أكل طعاما فقال: الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه» [أبو داود]. حسّنه العلاّمة الألباني في الإرواء (7/48)
عن عبد الرحمن بن جُبير: أنّه حدّثه رجل خَدمَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمان سنين أنّه كان يسمع النبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا قَرَّب إليه طعاماً يقول: "بسم الله"، وإذا فرغ من طعامه قال: "اللّهمَّ أطعمتَ وسقيتَ وأغنيتَ وأقْنيتَ وهدَيتَ وأحييتَ، فلك الحمد على ما أعطيتَ"
السنن الكبرى (رقم:6898)  اسناده صحيح  الالباني  الكلم الطيب
وفي صحيح مسلم: «إنّ اللّه ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها».
الخطبة الثانية : 
عند رؤية المبتلى:
ففي جامع الترمذي قول نبينا صلى الله عليه وسلم : «من رأى صاحب بلاء فقال: الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا، إلا عوفي من ذلك البلاء».
الحمد لله تبتدرها الملائكة وتُفتح لها ابواب السماء 
عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه ، أَنَّ رَجُلاً جَاءَ فَدَخَلَ الصَّفَّ وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ فَقَالَ : الْحَمْدُ للّهِ حَمْداً كَثِيراً طَيِّباً مُبَارَكاً فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَىٰ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَتَهُ قَالَ : " أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْكَلِمَاتِ ؟ " فَأَرَمَّ الْقَوْمُ فَقَالَ : " أَيُّكُمُ الْمُتَكَلِّمُ بِهَا ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْساً " فَقَالَ رَجُلٌ : جِئْتُ وَقَدْ حَفَزَنِي النَّفَسُ فَقُلْتُهَا ، فَقَالَ : " لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكاً يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا " [ أخرجه مسلم ] .
وروى مسلمٌ في صحيحه عن عبد الله بن عمر قالبينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجلٌ: الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بُكرةً وأصيلاً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن القائل كذا وكذا؟" فقال رجل من القوم: أنا قلتُها يا رسول الله. قال: "عجبتُ لها فُتحت لها أبواب السماء"، قال ابن عمر: فما تركتها منذ سمعت رسول الله يقولهنَّ. صحيح مسلم (رقم:601).
فمن أسماء الله: الحميد.
قال تعالى: {الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [إبراهيم: 1].
وقال: {وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحج: 64].
والحميد: المحمود على كل حال.
وفي الجَنّة بيتٌ يُقال له بيتُ الحمد، خُصَّ للذين يحمدون الله في السرّاء والضراء ويصبرون على مُرِّ القضاء، روى الترمذي بإسناد حسن عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا مات ولَدُ العبد قال الله تعالى لملائكته: قبضتُم ولدَ عبدي؟ فيقولون: نعم. فيقولقبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم. فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدَك واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتاً في الجَنّة وسمُّوه بيتَ الحمد"
عن شداد ابن أوس أنه راح إلى مسجدِ دمشقَ، وهجَّر بالرواحِ، فلقي شدادَ بنَ أوسٍ. والصُّنابحيُّ معه. فقلتُ: أين تريدانيرحمكما اللهُ- قالا: نريدُ ها هنا إلى أخٍ لنا مريضٍ نعودُه. فانطلقتُ معهما حتى دخلَا على ذلك الرجلِ، فقالَا له: كيف أصبحتَ؟ قال: أصبحتُ بنعمةٍ . فقال له شدَّادٌ: أبشر بكفَّاراتِ السَّيئاتِ وحطِّ الخطايا، فإني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ : إنَّ اللهَ تعالى يقولُ: إني إذا ابتليتُ عبدًا من عبادي مؤمنًا، فحمدني على ما ابْتَلَيْتُه، فإنه يقومُ من مَضجعِه ذلك كيومَ ولدتْهُ أمُّه من الخطايا، ويقولُ الربُّ عزَّ وجلَّ: أنا قيَّدتُ عبدي، وابتليتُه، فأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيحٌ.
لا تغفل عن الحمد لله في الصباح والمساء:
لقول الله عز وجل : { فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى } [ طه130 ] . 
لقول النبي صلى الله عليه وسلم في سنن أبي داود: «من قال حين يصبح: اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك، فلك الحمد ولك الشكر، فقد أدى شكر يومه، ومن قال ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته».
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي : سُبْحَانَ اللّهِ وَبِحَمْدِهِ ، مِائَةَ مَرَّةٍ ، لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحَدٌ قَالَ مِثْلَ مَا قَالَ أَوْ زَادَ عَلَيْهِ " [ رواه مسلم ] .
قال صلى الله عليه وسلم : " ومن قال الحمد لله مائة مرة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كان أفضل من مائة فرس يحمل عليها في سبيل الله " [ رواه النسائي وحسنه الألباني]
وهذا عروة بن الزبير قُطِعت رجله لمرض أصابه ، وفي نفس اليوم توفي اعز أبنائه السبعة على قلبه بعد أن رفسه فرس ومات .
فقال عروة : اللهم لك الحمد وإنّا لله وإنّا إليه راجعون , أعطاني سبعة ابناء وأخذ واحداً , وأعطاني أربعة أطراف وأخذ واحداً إن ابتلى فطالما عافا وإن أخذ فطالما أعطى , وإني أسأل الله أن يجمعني بهما في الجنة .
ومرت الايام ... و ذات مرة دخل مجلس الخليفة ,سليمان بن عبدالملك 
فوجد شيخاً طاعناً في السن مهشم الوجه أعمى البصر ,
فقال الخليفة : يا عروة سل هذا الشيخ عن قصته .
قال عروة : ما قصتك يا شيخ ؟
قال الشيخ : يا عروة اعلم أني بت ذات ليلة في وادٍ ,
وليس في ذلك الوادي أغنى مني ولا أكثر مني مالاً وحلالاً وعيالاً , فأتانا السيل بالليل فأخذ عيالي ومالي وحلالي , وطلعت الشمس وأنا لا أملك إلا طفل صغير وبعير واحد , فهرب البعير فأردت اللحاق به , فلم أبتعد كثيراً حتى سمعت خلفي صراخ الطفل فالتفتُ فإذا برأس الطفل في فم الذئب فانطلقت لإنقاذه فلم أقدر على ذلك فقد مزقه الذئب بأنيابه , فعدت لألحق بالبعير فضربني بخفه على وجهي , فهشم وجهي وأعمى بصري !!!
فساله عروة : وما تقول يا شيخ بعد هذا
فقال الشيخ : أقول ( اللهم لك الحمد ترك لي قلباً عامراً ولساناً ذاكراً )
حديث الشفاعة لبدء الحساب : 
فيأتُونِي فيقولونَ: يا محمدُ اشفَعْ لنَا إلى ربِّكَ فليَقْضِ بينَنَا فأقولُ: نعم أنَا لها حتَّى يأذَنَ اللهُ لمن يشاءُ ويرضَى فإذا أرادَ اللهُ عزَّ وجَلَّ أن يصدَعَ بين خلقِهِ نادَى منادٍ: أينَ أحْمَدُ وأمَّتُهُ فنحنُ الآخِرُونَ الأوَّلُونَ فنحنُ آخِرُ الأُمَمِ وأوَّلُ من يُحَاسَبُ فتُفَرِّجُ لنَا الأُمَمُ عن طريقِنَا فنَمْضِي غُرًّا مُحَجَّلِينَ من أَثَرِ الطُّهُورِ وتقولُ الأممُ: كادتْ هذه الأمةُ أن تكونَ أنبياءَ كلَّهَا 
قالَ: ثم آتِي بابَ الجنةِ فآخُذُ بِحَلْقَةِ بابِ الجنةِ فأقْرَعُ البابَ فيقالُ: مَنْ أَنْتَ فأقولُ: محمدٌ فيُفْتَحُ لي فأرى ربِّي عزَّ وجَلَّ وهو على كُرْسِيِّهِ أو سَرِيرِه فأَخِرُّ له ساجِدًا وأحَمِدُهُ بمحَامِدَ لم يَحْمِدْه بِهَا أَحَدٌ كانَ قبْلِي ولا يَحمِدُهُ بِهَا أحدًا بعدِي فيقالُ: ارفَعْ رأسَكَ وقُل تُسْمَعْ وسَلْ تُعْطَهْ واشفَعْ تُشْفَعْ قالَ: فأرفَعُ رأسِي فأقولُ: أيْ ربِّ أُمَّتي أُمَّتي )
اِلـهنا اَذْهَلَنا عَنْ اِقامَةِ شُكْرِكَ تَتابُعُ طَوْلِكَ، وَاَعْجَزَنا عَنْ اِحْصاءِ ثَنائِكَ فَيْضُ فَضْلِكَ، وَشَغَلَنا عَنْ ذِكْرِ مَحامِدِكَ تَرادُفُ عَوائِدِكَ، 
هذا مَقامُ مَنِ اعْتَرَفَ بِسُبُوغِ النَّعْماءِ وَقابَلَها بِالتَّقْصيرِ، ، وَاَنْتَ الرَّؤوفُ الرَّحيمُ الْبَّرُ الْكَريمُ، الَّذي لا يُخَيِّبُ قاصِديهِ وَلا يَطْرُدُ عَنْ فِنائِهِ امِليهِ، 
بِساحَتِكَ تَحُطُّ رِحالُ الرّاجينَ، وَبِبابك تَقِفُ امالُ الْمُسْتَرْفِدينَ، فَلا تُقابِلْ امالَنا بِالتَّخْييبِ وَالاِْياسِ، وَلا تُلْبِسْنا سِرْبالَ الْقُنُوطِ وَالاِْبْلاسِ، 
اِلـهنا تَصاغَرَ عِنْدَ تَعاظُمِ الائِكَ شُكْرنا وَتَضاءَلَ في جَنْبِ اِكْرامِكَ  ثَنائنا ، 
ألبستنا نِعَمُكَ مِنْ اَنْوارِ الاْيمانِ حُلَلاً، وَقَلَّدَتْنا مِنَنُكَ قَلائِدَ لا تُحَلُّ، وَطَوَّقَتْنااَطْواقاً لا تُفَلُّ 
فَآلاؤُكَ جَمَّةٌ ضَعُفَ لِساننا عَنْ اِحْصائِها، وَنَعْماؤُكَ كَثيرَةٌ قَصُرَ فَهْمنا عَنْ اِدْراكِها ،
فَكَيْفَ لنا بِتَحْصيلِ الشُّكْرِ وَشُكْرنا اِيّاكَ يَفْتَقِرُ اِلى شُكْر،
فَكُلَّما قُلْنا لَكَ الْحَمْدُ وَجَبَ لِذلِكَ حمدا ، 
اِلـهنا فَكَما غَذَّيْتَنا بِلُطْفِكَ وَرَبَّيْتَنا بِصُنْعِكَ فَتَمِّمْ عَلَيْنا سَوابِـغَ النِّعَمِ وَادْفَعْ عَنّا مَكارِهَ النِّقَمِ، وَآتِنا مِنْ حُظُوظِ الدّارَيْنِ اَرْفَعَها وَاَجَلَّها عاجِلاً وَآجِلاً، 
وَلَكَ الْحَمْدُ عَلى حُسْنِ بَلائِكَ وَسُبُوغِ نَعْمائِكَ حَمْداً يُوافِقُ رِضاكَ، وَيَمتَرِى الْعَظيمَ مِنْ بِرِّكَ وَنَداكَ، يا عَظيمُ يا كَريمُ بِرَحْمَتِكَ يا اَرْحَمَ الرّاحِمينَ .
3

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق