إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الاثنين، 10 ديسمبر 2018

الهجرة وصناعة الأمل

الهجرة وصناعة الأمل:
حينما ينظر المرء حوله في هذا الواقع المرير ربما دخل اليأس القلوب، واستولى على النفوس القنوط، وظن البعض أنه لا قيام للدين مرة أخرى، ولعل هذه تكون الحالقة.
 عند ذلك تأتي الهجرة بأحداثها لتحيي في القلوب الأمل وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء.
 فعودة إلى حال النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل الهجرة بقليل، وتقييم واقع المسلمين الأول تكاد ترى واقعا أشد مما نحن عليه الآن.
 فقد عاش هؤلاء الكرام مع نبيهم ثلاث عشرة سنة من الخوف والألم والتعذيب والتنكيل رأى المسلمون فيها ألوان الهوان وصنوف الإذلال.
 ثلاث عشرة سنة والنبي - صلى الله عليه وسلم - يطوف على القبائل ويدور على أصحاب الزعامات والرئاسات يقول "من يؤويني حتى أبلغ رسالة ربي فما يجد إلا العنت والاستهزاء".
 ثلاث سنوات كاملة من الحصار في شعب أبي طالب مقاطعة كاملة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حصار اقتصادي واجتماعي حصار شديد حتى أكل الناس ورق الشج، وإلى أن تشققت الأشداق وحتى وضع الناس كما تضع العنز، وربما خرج أحدهم ليبول فيسمع تحت ماء البول قعقعة، فاذا بها جلدة ميتة فيأخذها من شدة الجوع فيغسلها ويضعها على النار ليتقوى بها علي ما به من جوع
ثلاث عشرة عامًا والنبي - صلى الله عليه وسلم - يلقي الأذى في نفسه، رغم مكانته فكيف بأصحابه.
 ربما سجد عند الكعبة فيضع الكافرون سلى الجزور على ظهره، وربما قابلوه فتجمعوا حوله يدفعونه ويهددونه ويحاولون خنقه، حتى يأتي أبو بكر فيدفعهم عنه ويقول أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله فيلهون بأبي بكر عن رسول الله فيضربونه ضربًا مبرحًا وما تركوه حتى ظنوا أنه ميت.
 ثلاثة عشرة سنة وأصحابه - رضي الله عنهم - يلاقون من الأذى ما لا تحتمله الجبال الرواسي، تحريق بالنار، وتغريق في الماء، وضرب بالسياط حتى كلّت السياط وأيدي الضاربين، وحتى أكلت رمال الصحراء المحترقة طبقات جلودهم، وهذا بلال يشهد وكذا خباب بن الأرت.
 لذا اضطر المسلمون الأوائل أن يتركوا بلادهم مهاجرين إلى الحبشة مرة بعد مرة حتى إذا زاد بهم البلاء واشتد بهم الكرب قام قائمهم إلى رسول الله يقول إلا تستنصر لنا فيقول - صلى الله عليه وسلم - مصبرًا ومبشرًا "كان الرجل فيمن كان قبلكم يحفر له في الأرض فيجعل فيه، فيجاء بالمنشار فيوضع علي رأسه فيشق باثنين، وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب وما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخشى إلا الله أو الذئب علي غنمه ولكنكم تستعجلون" أخرجه البخاري.
من كان يظن أنّ يكون أولئك النفر الستة بداية مرحلة جديدة من العز والتمكين، والبذرة الأولى لشجرة باسقة ظلت تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها؟ ومن كان يخطر بباله أن تشهد تلك الليلة من ليالي الموسم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر يطوفان بمنى حتى إذا سمعا صوت رجال يتكلمون مالا إليهم فقالا وقالوا، وتحدثا وسمعوا، وبينا فأصغوا فانشرحت القلوب، ولانت الأفئدة ونطقت الألسنة بالشهادتين، وإذا بأولئك النفر من شباب يثرب يطلقون الشرارة الأولى من نار الإسلام العظيمة التي أحرقت الباطل فتركته هشيما تذروه الرياح! من كان يظن أن تلك الليلة كانت تشهد كتابة السطور الأولى لملحمة المجد والعزة؟
إن نصر الله يأتي للمؤمن من حيث لا يحتسب ولا يقدر، لقد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجتمعات القبائل وقصد الرؤساء وتوجه بالدعوة إلى الوجهاء وسار إلى الطائف، فعل ذلك كله عشر سنوات وهو يرجو أن يجد عند أصحاب الجاه والمنعة نصرة وتأييدًا، كان يقول  في كل موسم: "من يؤويني؟ من ينصرني؟ حتى أبلغ رسالة ربي". ومع كل هذا لم يجد من يؤويه ولا من ينصره، بل لقد كان الرجل من أهل اليمن أو من مضر يخرج إلى مكة فيأتيه قومه فيقولون له: احذر غلام قريش لا يفتنك!
لم تأت النصرة والحماية والتمكين من تلك القبائل العظيمة ذات المال والسلاح، وإنما جاءت من ستة نفر جاءوا على ضعف وقلة.
"إنها المقادير يوم يأذن الله بالفرج من عنده، ويأتي النصر من قلب المحنة، والنور من كبد الظلماء، والله تعالى هو المؤيد والناصر، والبشر عاجزون أمام موعود الله".
ستة نفر من أهل يثرب كلهم من الخزرج دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ولم يكن يتوقع منهم نصرة وإنما أراد دعوتهم فآمنوا وأسلموا... ثم تتابعت الأحداث على نسق عجيب، 
قال جابر بن عبد الله رضى الله عنه: حتى بعثنا الله إليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب إلى أهله فيسلمون بإسلامه، حتى لم تبق من دور الأنصار إلا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعا فقلنا: حتى متى نترك رسول الله يطوف ويطرد في جبال مكة ويخاف؟ فرحل إليه منا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه الموسم، فواعدناه العقبة فاجتمعنا عندها من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا: يا رسول الله، علام نبايعك؟ قال: "على السمع والطاعة في النشاط والكسل، والنفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله لا تخافون لومةلائم، وعلى أن تنصروني فتمنعوني إذا قدمت عليكم مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم وأزواجكم، ولكم الجنة". قال جابر: فقمنا إليه فبايعناه.
أرأيتم.. يعرض الكبراء والزعماء ويستكبر الملأ وتتألب القبائل وتتآمر الوفود وتسد الأبواب.. ثم تكون بداية الخلاص بعد ذلك كله في ستة نفر لا حول لهم ولا قوة.
فهل يدرك هذا المعنى المتعلقون بأذيال المادية الصارخة والنافضون أيديهم من قدرة الله وعظمته؟ وهل يدرك هذا المعنى الغارقون في تشاؤمهم اليائسون من فرج قريب لهذه الأمة المنكوبة المغلوبة على أمرها؟
إن الله ليضع نصره حيث شاء وبيد من شاء وعلينا أن نعمل حتى تصل دعوتنا إلى العالمين، وألا نحتقر أحدا ولا نستكبر على أحد، وعلينا أن نواصل سيرنا مهما يظلم الليل وتشتد الأحزان، فمن يدري لعل الله يصنع لنا في حلكات ليلنا الداجي خيوط فجر واعد؟ ومن يدري لعل آلامنا هذه مخاض العزة والتمكين.
أعظم دروس الهجرة
إننا على أبواب عام هجري جديد يقبل محملاً بما فيه، وعلى أعقاب عام هجري مودع يمضي بما استودعناه نقف متذكرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم .. إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ لا ذكرى الاحتفال والابتداع. إنها وقفة نستقرئ فيها فصلاً من فصول الحياة خطه رسول الله  وصحبه. إنها رجعة إلى العقل في زمن طاشت فيه العقول. ووقفة مع الروح في زمن أسكرت الأرواح فيه مادية صخابة جارفة.
إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبرها "صناعة الأمل".. نعم، إن الهجرة تعلِّم المؤمنين فن صناعة الأمل. الأمل في موعود الله. الأمل في نصر اللهالأمل في مستقبل مشرق لـ "لا إله إلا الله". الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة.
لقد رأيتم كيف صنع ستة نفر من يثرب أمل النصر والتمكين. وها هو رسول الله  يصنع الأمل مرة أخرى حين عزمت قريش على قتله.
قال ابن إسحاق: فلما كانت عتمة من الليل، اجتمعوا على بابه يرصدونه متى نام فيثبون عليه.
وعلى كل حساب مادي يقطع بهلاك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف لا ، وهو في الدار والقوم محيطون بها إحاطة السوار بالمعصم. مع ذلك صنع رسول الله  الأمل، وأوكل أمره إلى ربه وخرج يتلو قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس: 9]. خرج الأسير المحصور يذرّ التراب على الرءوس المستكبرة التي أرادت قتله! وكان هذا التراب المذرور رمز الفشل والخيبة اللذين لزما المشركين فيما استقبلوا من أمرهم. فانظر كيف انبلج فجر الأمل من قلب ظلمة سوداء.
ويمضي رسول الله  في طريقه يحث الخُطا حتى انتهى وصاحبه إلى جبل ثور، وهو جبل شامخ وعر الطريق صعب المرتقى، فحفيت قدما رسول الله  وهو يرتقيه، فحمله أبو بكر وبلغ به غار ثور ومكثا هناك ثلاثة أيام.
مرة أخرى يصنع الأمل ! ومرة أخرى يصنع الأمل في قلب المحنة، وتتغشى القلوب سكينة من الله وهي في أتون القلق والتوجس والخوف.. يصل المطاردون إلى باب الغار، ويسمع الرجلان وقع أقدامهم، ويهمس أبو بكر: يا رسول الله، لو أن بعضهم طأطأ بصره لرآنا! فيقول : "يا أبا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟".
وكان ما كان، ورجع المشركون بعد أن لم يكن بينهم وبين مطلوبهم إلا خطوات! فانظر مرة أخرى كيف تنقشع عتمة الليل عن صباح جميل. وكيف تتغشى عناية الله عباده المؤمنين {إِنَّ اللهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج: 38].
وإذا العناية لاحظتك عيـونها *** نم فالحـوادث كلهـن أمانُ
ويسير الصاحبان في طريق طويل موحش غير مأهول، لا خفارة لهما من بشر، ولا سلاح عندهما يقيهما:
يسير الصاحبان حتى إذا كانا في طريق الساحل لحق بهما سراقة بن مالك طامعا في جائزة قريش مؤملا أن ينال منهما ما عجزت عنه قريش كلها، فطفق يشتد حتى دنا منهما وسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومرة ثالثة، وهذا الفارس على وشك أن يقبض عليهما ليقودهما أسيرين إلى قريش تذيقهما النكال، مرة ثالثة يصنع الأمل، ولا يلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سراقة ولا يبالي به وكأن شيئًا لم يكن، يقول له أبو بكر: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا. فيقول له مقالته الأولى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا} [التوبة: 40].
لقد اصطنع الأمل في الله ونصره فنصره الله وساخت قدما فرس سراقة، فلما استوت قائمة ، فأدرك سراقة أنهم ممنوعون منه. ومرة ثالثة جاء النصر للرسول صلى الله عليه وسلم من حيث لا يحتسب. وعاد سراقة يقول لكل من قابله في طريقه ذاك: ارجع فقد كفيتكم ما هاهنا، فكان أول النهار جاهدًا عليهما، وآخره حارسًا لهما.
ويبلغ أهل المدينة خبر هجرة الرسول، الرجل الذي قدم لهم الحياة وصنع لهم الأمل, الرجل الذي أنقذهم من أن يكونوا حطبا لجهنم, يبلغهم الخبر فيخرجون كل غداة لاستقباله حتى تردهم الظهيرة.
كيف لا وقد اقتربت اللحظة التي كانوا يحصون لها الأيام ويعدون الساعات؟ قال الزبير: فانقلبوا يوما بعدما أطالوا انتظاره فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من يهود أطمًا من آطامهم لينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب، فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته: يا معشر العرب، هذا صاحبكم الذي تنتظرون.
فثار المسلمون إلى السلاح، فتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بظاهر الحرة. تلقوه بقلوب تفيض سعادة وفرحًا... وتأمل مظاهر الفرحة الغامرة:
قال أنس: "شهدت يوم دخل النبي  المدينة فلم أر يومًا أحسن منه ولا أضوأ منه"
قال أبو بكر: "ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قدم المدينة وخرج الناس حتى دخلنا في الطريق وصاح النساء والخدام والغلمان: جاء رسول الله، الله أكبر، جاء محمد، جاء رسول الله"
قال أنس: "لما قدم رسول الله  المدينة لعبت الحبشة لقدومه؛ فرحًا بذلك لعبوا بحرابهم"[4].
وصدق من قال:
أقبل فتلـك ديـار يثرب تقبل *** يكفيك من أشواقها ما تحمل
القوم مـذ فارقت مكـة أعين *** تأبى الكرى وجوانح تتململ
يتطلعون إلى الفجاج وقولهـم *** أفما يطالعنا النبـي المرسـل
رفـت نضارتها وطاب أريجها *** وتدفقت أنفاسـها تتسلسـل
فكأنما في كـل دار روضـة *** وكأنمـا في كل مغنـى بلبـل
وهكذا تعلمنا الهجرة في كل فصل من فصولها كيف نصنع الأمل، ونترقب ولادة النور من رحم الظلمة، وخروج الخير من قلب الشر، وانبثاق الفرج من كبد الأزمات.
ما أحوجنا في هذا الزمن إلى فن صناعة الأمل !
ما أحوجنا ونحن في هذا الزمن، زمن الهزائم والانكسارات والجراحات إلى تعلم فن صناعة الأمل. فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائب بابًا إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة، أوَليس قد قال الله: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة: 216].
لقد ضاقت مكة برسول الله، ومكرت به فجعل نصره وتمكينه في المدينةوأوجفت قبائل العرب على أبي بكر مرتدة، وظن الظانون أن الإسلام زائل لا محالة، فإذا به يمتد من بعد ليعم أرجاء الأرض. وهاجت الفتن في الأمة بعد عثمان حتى قيل لا قرار لها، ثم عادت المياه إلى مجراها.
وأطبق التتار على أمة الإسلام حتى أبادوا حاضرتها بغداد سرة الدنيا، وقتلوا في بغداد وحدها مليوني مسلم، وقيل: ذهبت ريح الإسلام، فكسر الله أعداءه في عين جالوت وعاد للأمة مجدها.
وتمالأ الصليبيون وجيّشوا جيوشهم وخاضت خيولهم في دماء المسلمين إلى ركبها حتى إذا استيئس ضعيف الإيمان، نهض صلاح الدين فرجحت الكفة الطائشة وطاشت الراجحة، وابتسم بيت المقدس من جديد.
وقويت شوكة الرافضة حتى سيطر البويهيون على بغداد والعبيديون على مصر، وكتبت مسبة الصحابة على المحاريب ثم انقشعت الغمة، واستطلق وجه السُّنَّة ضاحكًا.
وهكذا يعقب الفرج الشدة، ويتبع الهزيمة النصر، ويؤذن الفجر على أذيال ليل مهزوم... فلمَ اليأس والقنوط؟
إن اليأس والقنوط ليسا من خلق المسلم، قال سبحانه: {وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87].
قال ابن مسعود رضى الله عنه: "أكبر الكبائر الإشراك بالله، والأمن من مكر الله، والقنوط من رحمة الله، واليأس من روح الله".
فيا أيها الغيورون على أمة الإسلام، يا من احترقت قلوبهم لآلامها، نعمَّا هذا الألم! وما أصدقه على إيمانكم وحبكم لدينكم! ولكن لا يبلغن بكم اليأس مبلغه؛ فإن الذي أهلك فرعون وعادًا وثمود وأصحاب الأيكة، والذي رد التتار ودحر الصليبيين قادرٌ على أن يمزق شمل اعداء الامة ، ويبدد غطرسة الصهيونية، ويحطم أصنام الوثنية المعاصرة.
وأنت.. يا من ابتلاك الله في رزقك أو صحتك أو ولدك. أنت.. هل نسيت رحمة الله وفضله وعظيم لطفه ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق