( عزة المسلم في دينه )
لا يهم أن تكون فلان بن فلان فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يعنيني أن تكون من الأصل الفلاني أو البلد الفلاني فقد خذلت أبا لهب أصالته وبلال عبد جاوز السحب.
أنه حديث لك يا من تبوأت أعلى مقام إنه الانتماء إلى دين الإسلام .
حينما أصبحت مسلماً فهذا يعني أنك تحمل منة من الله وتكريماً.
أي تكريم لك أيها المسلم أعظم من أن أنزل الله لك كتاباً يخاطبك فيه ويناديك، ((لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ)) (الأنبياء:10).
وأي تكريم أجل من أن يرسل الله أعظم خلق وأكرمهم عليه يزكيك ويهديك إلى صراط الله، ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) (آل عمران:164) .
إليك أنت أيها المسلم يا من قدرك عند الله عظيم ومكانتك بين الأمم سامية، ( نحن الأولون والآخرون يوم القيامة ) .
لقد كرمك الله وأعلى شأنك يوم أن جعلك من خير أمة أخرجت للناس .
لقد كرمك الله يوم أن جعلك شهيداً على الناس يوم القيامة، ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)) (البقرة:143).
لقد كرمك الله يوم أن عظم حرمتك وصان دمك، ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) (النساء:93) .
ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم، ولحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة.
لقد كرمك الله يوم أن هداك للحنيفية السمحاء والدين الأكمل، الدين الذي يجازي على القليل كثيراً، ويتناسق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ((مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) (الأنعام:160).
كم أنت عظيم أيها المسلم، وكم أنت عزيز لو عرفت قدرك واتصلت ممن يعز ويذل ويخفض ويرفع.
أنتم أيها المسلون الأعلون على كل الأمم .
عقيدتكم أعلى فأنتم تسجدون لله وغيركم يسجد لشيء من خلقه أو لبعض من خلقه، وشريعتكم أعلى، فأنتم تسيرون على شريعة الله وغيركم يسير على شرائع وضعية متناقضة، ، أنتم الهداة لهذه البشرية كلها، وغيركم شارد عن المنهج ضال عن الطريق، ومكانكم في الأرض أعلى، فلكم وراثة الأرض التي وعدكم الله بها، وغيركم إلى الفناء والنسيان صائرون، فإن كنتم مؤمنين حقاً فأنتم الأعلون، وإن كنتم مؤمنين حقاً فلا تهنوا ولا تحزنوا، ( فإنما هي سنة الله أن تصابوا وتصيبوا على أن تكون لكم العقبى بعد الجهاد والابتلاء والتمحيص) .
أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، فلماذا الوهن والضعف وتقديم التنازلات والظهور أمام العالم بمظهر المنهزم المتخاذل .
ما بال هذه الأمة قد نكست أعلامها، وهزل جسمها، وأفلت الزمام من يدها، هل انقطعت الصلة بينها وبين سلفها وماضيها المشرق، أم أنها هجرت أسباب العزة وعوامل النصر.
أجل حينما انحرفت الأمة عن طريق ربها وتحكيم شرعه في حياتها أصبحت أذل وأضعف أمة، لقد ظهرت النعرات الطائفية والعصبيات القبلية والنزعات العرقية، واعتزوا بغير الله، وافتخروا بالولاء للشرق والغرب، وهجروا كتاب الله المنقذ، وسنة النبي الهادي، فضرب الله عليهم الذل والهوان، فكان أن صاروا كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( يوشك أن تتداعي عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله، قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن: قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) .
يوم أن كانت الأمة تفخر بدينها، وتعتز بإيمانها، وتربط نفسها بقوة الله التي لا تغلب.
ويوم أن كانت الأمة ترفع راية الإسلام وتحكم القرآن، وتعلي راية الجهاد، يومها كانت للمسلمين مواقف في العزة، كانت نبراساً لمن ينشد العز والقوة.
خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه أبو عبيدة ، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له فنـزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة، يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك فقال عمر: أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
في زمن العزة والقوة يدخل ربعي بن عامر إلى إيوان كسرى، معتمداً على رمحه، مخرقاً بهالسجاد والبسط، ويقف في عزة وشموخ قائلاً: جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
إن إظهار اللين دائماً ليقال: إن المسلمون رحماء مسالمون، وإن التنازل عن المبادئ والثوابت ليقال: إنكم معتدلون وشريعتكم سمحة – ذلكم هو الفشل والضعف، وربما تفعل كلمة حازمة جازمة مالا تفعله السيوف، وربما ترعب العدو وتضع له حداً، ونحن اليوم نرى بعض المسلمين يطلقون التصريحات اللينة، فلا تزيدهم إلا ضعفاً، ولا تزيد أعداء الإسلام إلا صلفاً وغروراً واستمراراً في الإيذاء والاستعداء.
العزة والإباء والكرامة من أبرز الخلال التي نادى بها الإسلام وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهد ثمارها بما شرع من عقائد، وسن من تعاليم، وإليها يشير الفاروق عمر بقوله: أحب من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملء فيه: لا.
.أيها المسلمون: والإسلام عندما أوصى المسلم بالعزة هداه إلى أسبابها ويسر له وسائلها، وأفهمه أن الكرامة في التقوى، وأن السمو في العبادة، وأن العزة في طاعة الله،.
لقد أخبر الله أن العزة له جميعاً، وأن من أسبابها ووسائلها القول الطيب والعمل الصالح، ((مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً)) (فاطر:10).
والعزة الصحيحة حقيقة تستقر في القلب قبل أن يكون لها مظهر في دنيا الناس، حقيقة تستقر في القلب فيستعلى بها على كل أسباب الذلة والانحناء لغير الله، حقيقة يستعلى بهاعلى نفسه أوب ما يستعلى، يستعلى بها على شهواته المذلة ورغائبه القاهرة، ومخاوفه ومطامعه من الناس وغير الناس، ومتى استعلى على هذه فلن يملك أحد وسيلة لإذلاله وإخضاعه، فإنما تذل الناسَ شهواتهُم ورغباتهم ومخاوفهم ومطامعهم، ومن استعلى عليها فقد استعلى على كل وضع وعلى كل شيء وعلى كل إنسان، وهذه هي العزة الحقيقة ذات القوة والاستعلاء والسلطان.
إن من أسباب العزة العفو والتواضع، ففي الحديث وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ومن تواضع لله رفعه، ومن خلق المسلم أن يغفر إذا استغضبه من دونه، لكن من خلقه أيضاً أن يؤدب المجترئين عليه حتى يفل حدهم ويكسر شوكتهم، ((وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)) (الشورى:39).
وإن إحياء خلق الانتصار لازم ومهم لئلا تعتاد الأمة قبول الذل، لا من فاسق يقهرها ولا من كافر ينحرها، لأن الأمة التي تعتاد السكينة أمام الظلم، والوداعة أمام الخسف والعسفتفقد دافعية الأمر المعروف والنهي عن المنكر، وتنعدم فيها روح الجهاد.
إن الناس يذلون أنفسهم، يقبلون الدنية في دينهم ودنياهم لواحد من أمرين: إما أن يصابوا في أرزاقهم أو في آجالهم، ولقد قطع الله سلطان البشر على الأرزاق والآجال جميعا، ((أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)) (الملك:20).
ذلك هو التوحيد الكامل، وذلكم ما يجب أن يستشفي به أولئك الضعاف المساكين، الذين يريقون ماء وجوههم في التسكع على الأبواب والتمسح بالثياب، والزلفى على الأعتاب.
وإن القضاء أخي المسلم يصيب العزيز وله أجره، ويصيب الذليل وعليه وزره، فكن عزيزاً مادام لن يفلت من محتوم القضاء إنسان.
الخطبة الثانية
إذا علمنا أن العزة مبدأ إسلامي، وخلق رفيع، فالذي يجب أن نعلمه أن العزة كلها لله، وليس شيء منها عند أحد سواه، فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره، ليطلبها عند الله الذي يملك وحده كل العزة ولا يذهب يطلبها من الناس وهم مثله طلاب محاويج ضعاف.
إن العزيز في الدنيا والآخرة هو من أعزه الله، ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (آل عمران:26).
لا يهم أن تكون فلان بن فلان فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم ولا يعنيني أن تكون من الأصل الفلاني أو البلد الفلاني فقد خذلت أبا لهب أصالته وبلال عبد جاوز السحب.
أنه حديث لك يا من تبوأت أعلى مقام إنه الانتماء إلى دين الإسلام .
حينما أصبحت مسلماً فهذا يعني أنك تحمل منة من الله وتكريماً.
أي تكريم لك أيها المسلم أعظم من أن أنزل الله لك كتاباً يخاطبك فيه ويناديك، ((لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ)) (الأنبياء:10).
وأي تكريم أجل من أن يرسل الله أعظم خلق وأكرمهم عليه يزكيك ويهديك إلى صراط الله، ((لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ)) (آل عمران:164) .
إليك أنت أيها المسلم يا من قدرك عند الله عظيم ومكانتك بين الأمم سامية، ( نحن الأولون والآخرون يوم القيامة ) .
لقد كرمك الله وأعلى شأنك يوم أن جعلك من خير أمة أخرجت للناس .
لقد كرمك الله يوم أن جعلك شهيداً على الناس يوم القيامة، ((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)) (البقرة:143).
لقد كرمك الله يوم أن عظم حرمتك وصان دمك، ((وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً)) (النساء:93) .
ولزوال الدنيا أهون على الله من قتل امرئ مسلم، ولحرمة المسلم أعظم عند الله من حرمة الكعبة.
لقد كرمك الله يوم أن هداك للحنيفية السمحاء والدين الأكمل، الدين الذي يجازي على القليل كثيراً، ويتناسق مع الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ((مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا)) (الأنعام:160).
كم أنت عظيم أيها المسلم، وكم أنت عزيز لو عرفت قدرك واتصلت ممن يعز ويذل ويخفض ويرفع.
أنتم أيها المسلون الأعلون على كل الأمم .
عقيدتكم أعلى فأنتم تسجدون لله وغيركم يسجد لشيء من خلقه أو لبعض من خلقه، وشريعتكم أعلى، فأنتم تسيرون على شريعة الله وغيركم يسير على شرائع وضعية متناقضة، ، أنتم الهداة لهذه البشرية كلها، وغيركم شارد عن المنهج ضال عن الطريق، ومكانكم في الأرض أعلى، فلكم وراثة الأرض التي وعدكم الله بها، وغيركم إلى الفناء والنسيان صائرون، فإن كنتم مؤمنين حقاً فأنتم الأعلون، وإن كنتم مؤمنين حقاً فلا تهنوا ولا تحزنوا، ( فإنما هي سنة الله أن تصابوا وتصيبوا على أن تكون لكم العقبى بعد الجهاد والابتلاء والتمحيص) .
أنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين، فلماذا الوهن والضعف وتقديم التنازلات والظهور أمام العالم بمظهر المنهزم المتخاذل .
ما بال هذه الأمة قد نكست أعلامها، وهزل جسمها، وأفلت الزمام من يدها، هل انقطعت الصلة بينها وبين سلفها وماضيها المشرق، أم أنها هجرت أسباب العزة وعوامل النصر.
أجل حينما انحرفت الأمة عن طريق ربها وتحكيم شرعه في حياتها أصبحت أذل وأضعف أمة، لقد ظهرت النعرات الطائفية والعصبيات القبلية والنزعات العرقية، واعتزوا بغير الله، وافتخروا بالولاء للشرق والغرب، وهجروا كتاب الله المنقذ، وسنة النبي الهادي، فضرب الله عليهم الذل والهوان، فكان أن صاروا كما أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم: (( يوشك أن تتداعي عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله، قال: بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن في قلوبكم الوهن، قالوا: وما الوهن: قال: حب الدنيا وكراهية الموت)) .
يوم أن كانت الأمة تفخر بدينها، وتعتز بإيمانها، وتربط نفسها بقوة الله التي لا تغلب.
ويوم أن كانت الأمة ترفع راية الإسلام وتحكم القرآن، وتعلي راية الجهاد، يومها كانت للمسلمين مواقف في العزة، كانت نبراساً لمن ينشد العز والقوة.
خرج عمر بن الخطاب إلى الشام ومعه أبو عبيدة ، فأتوا على مخاضة وعمر على ناقة له فنـزل عنها وخلع خفيه فوضعهما على عاتقه، وأخذ بزمام ناقته فخاض بها المخاضة، فقال أبو عبيدة، يا أمير المؤمنين أنت تفعل هذا ما يسرني أن أهل البلد استشرفوك فقال عمر: أوه لو يقل ذا غيرك أبا عبيدة جعلته نكالاً لأمة محمد صلى الله عليه وسلم، إنا كنا أذل قوم فأعزنا الله بالإسلام فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله.
في زمن العزة والقوة يدخل ربعي بن عامر إلى إيوان كسرى، معتمداً على رمحه، مخرقاً بهالسجاد والبسط، ويقف في عزة وشموخ قائلاً: جئنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام .
إن إظهار اللين دائماً ليقال: إن المسلمون رحماء مسالمون، وإن التنازل عن المبادئ والثوابت ليقال: إنكم معتدلون وشريعتكم سمحة – ذلكم هو الفشل والضعف، وربما تفعل كلمة حازمة جازمة مالا تفعله السيوف، وربما ترعب العدو وتضع له حداً، ونحن اليوم نرى بعض المسلمين يطلقون التصريحات اللينة، فلا تزيدهم إلا ضعفاً، ولا تزيد أعداء الإسلام إلا صلفاً وغروراً واستمراراً في الإيذاء والاستعداء.
العزة والإباء والكرامة من أبرز الخلال التي نادى بها الإسلام وغرسها في أنحاء المجتمع، وتعهد ثمارها بما شرع من عقائد، وسن من تعاليم، وإليها يشير الفاروق عمر بقوله: أحب من الرجل إذا سيم خطة خسف أن يقول بملء فيه: لا.
.أيها المسلمون: والإسلام عندما أوصى المسلم بالعزة هداه إلى أسبابها ويسر له وسائلها، وأفهمه أن الكرامة في التقوى، وأن السمو في العبادة، وأن العزة في طاعة الله،.
لقد أخبر الله أن العزة له جميعاً، وأن من أسبابها ووسائلها القول الطيب والعمل الصالح، ((مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً)) (فاطر:10).
والعزة الصحيحة حقيقة تستقر في القلب قبل أن يكون لها مظهر في دنيا الناس، حقيقة تستقر في القلب فيستعلى بها على كل أسباب الذلة والانحناء لغير الله، حقيقة يستعلى بهاعلى نفسه أوب ما يستعلى، يستعلى بها على شهواته المذلة ورغائبه القاهرة، ومخاوفه ومطامعه من الناس وغير الناس، ومتى استعلى على هذه فلن يملك أحد وسيلة لإذلاله وإخضاعه، فإنما تذل الناسَ شهواتهُم ورغباتهم ومخاوفهم ومطامعهم، ومن استعلى عليها فقد استعلى على كل وضع وعلى كل شيء وعلى كل إنسان، وهذه هي العزة الحقيقة ذات القوة والاستعلاء والسلطان.
إن من أسباب العزة العفو والتواضع، ففي الحديث وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ومن تواضع لله رفعه، ومن خلق المسلم أن يغفر إذا استغضبه من دونه، لكن من خلقه أيضاً أن يؤدب المجترئين عليه حتى يفل حدهم ويكسر شوكتهم، ((وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ)) (الشورى:39).
وإن إحياء خلق الانتصار لازم ومهم لئلا تعتاد الأمة قبول الذل، لا من فاسق يقهرها ولا من كافر ينحرها، لأن الأمة التي تعتاد السكينة أمام الظلم، والوداعة أمام الخسف والعسفتفقد دافعية الأمر المعروف والنهي عن المنكر، وتنعدم فيها روح الجهاد.
إن الناس يذلون أنفسهم، يقبلون الدنية في دينهم ودنياهم لواحد من أمرين: إما أن يصابوا في أرزاقهم أو في آجالهم، ولقد قطع الله سلطان البشر على الأرزاق والآجال جميعا، ((أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَّكُمْ يَنصُرُكُم مِّن دُونِ الرَّحْمَنِ إِنِ الْكَافِرُونَ إِلَّا فِي غُرُورٍ)) (الملك:20).
ذلك هو التوحيد الكامل، وذلكم ما يجب أن يستشفي به أولئك الضعاف المساكين، الذين يريقون ماء وجوههم في التسكع على الأبواب والتمسح بالثياب، والزلفى على الأعتاب.
وإن القضاء أخي المسلم يصيب العزيز وله أجره، ويصيب الذليل وعليه وزره، فكن عزيزاً مادام لن يفلت من محتوم القضاء إنسان.
الخطبة الثانية
إذا علمنا أن العزة مبدأ إسلامي، وخلق رفيع، فالذي يجب أن نعلمه أن العزة كلها لله، وليس شيء منها عند أحد سواه، فمن كان يريد العزة فليطلبها من مصدرها الذي ليس لها مصدر غيره، ليطلبها عند الله الذي يملك وحده كل العزة ولا يذهب يطلبها من الناس وهم مثله طلاب محاويج ضعاف.
إن العزيز في الدنيا والآخرة هو من أعزه الله، ((قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) (آل عمران:26).
وبذلك تعلم ضلال من بحث عن العزة عند غير الله تعالى، وبغير طاعته والتزام نهج المؤمنين , فعادى رب العزة وشريعته، وحارب حزبه المؤمنين، ووالى أعداء الله ، ظناً منه أن هذا هو سبيل العزة وطريقها، ((الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلّهِ جَمِيعاً)) (النساء:139).
ومع عظم الطاعة تزداد العزة، فأعز الناس هم الأنبياء ثم الذين يلونهم من المؤمنين المتبعين لهم، وعزة كل أحد بقدر علو رتبته في الدين.
وإذا علمنا مكان العزة من الدين ومنزلتها في شريعة الإسلام، فإن من الواجب علينا أن نعلم أن من خوارمها الهزيمة النفسية، والاستسلام للواقع، والرضا بحياة الذل والهوان، والانبهار بقوة الأعداء المادية وحضارتهم الزائفة.0
وإن مما يتنافى مع العزة: الخجل من الانتماء إلى الإسلام، والحياء من إظهار شعائر الدين وأحكامه0
وإن من خوارم العزة: التشبه بأعداء الله في طرائقهم وتقاليدهم، ونظم حياتهم، فمن تشبه بقوم فهو منهم0
وإذا علمنا مكان العزة من الدين ومنزلتها في شريعة الإسلام، فإن من الواجب علينا أن نعلم أن من خوارمها الهزيمة النفسية، والاستسلام للواقع، والرضا بحياة الذل والهوان، والانبهار بقوة الأعداء المادية وحضارتهم الزائفة.0
وإن مما يتنافى مع العزة: الخجل من الانتماء إلى الإسلام، والحياء من إظهار شعائر الدين وأحكامه0
وإن من خوارم العزة: التشبه بأعداء الله في طرائقهم وتقاليدهم، ونظم حياتهم، فمن تشبه بقوم فهو منهم0
ألا وإن مما يقدح في عزة المسلم أن يقدم التنازلات لخصوم الإسلام ، والانحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الانحراف الكامل في نهاية الطريق، وصاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها ولو يسير، ، ولقد قال الله لرسوله صلى الله عليه وسلم: ((وَإِن كَادُواْ لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً)) (الإسراء:73) . ( والله يا عماه ما انا بقادر على ان اترك هذا الامر على ان يشعلوا لي شعلة من الشمس ) وفي رواية ( لو وضعوا الشمس في يمني والقمر في شمالي على ان اترك هذا الامر ما تركته او تنفرد هذه السالفة )
وأخيراً: أيها المسلمون: لابد أن نربي أنفسنا أولاً، ثم أبناءنا والأجيال القادمة على معاني العزة، وربطهم بأسبابها ومصدرها0
إن من الخلل في التربية أن ينشأ أفراد المجتمع المسلم أذلة مستهانين يستجدون أعداء الله، ويقفون بانبهار وإعجاب أمام حضارتهم الزائلة الزائفة
إن من واجب الآباء والمربين أن ينشئوا الأجيال على التخلق بعزة المسلم، من خلال ربطهم بالقدوات الحقيقية، بدءاً برسول الهدى صلى الله عليه وسلم الذي يمثل العزة الحقيقية بأجلى وأسمى صورها
ثم تربية النشء على قصص السابقين واللاحقين ممن رسموا معالم العزة بأقوالهم وأفعالهم، وتعليمهم البطولات والمواقف الخالدة في سماء العز والشرف
وإن من الأمور المهمة التي يجب أن يهتم بها المربون في تربية الابناء ترك البطالة والكسل، والإعراض عن حياة اللهو والترف، وإضاعة الأوقات بالسفاسف والتوافه، مع تذكيرهم بشكل دائم بمواقف أبناء السلف وصور من همم بعض شباب اليوم، ليتأسوا بهم ويمشوا على منوالهم
كما ينبغي أن يهتم المربون بتحذير الابناء من الانسياق وراء التقليد الأعمى بلا روية ولا تفكير، لما في التقليد من تحطيم لشخصية المسلم وتمييع لأخلاقه وقتل لرجولته
إن من واجبنا أن نصنع العزة الحقيقية بأنفسنا.. بكلماتنا.. بمواقفنا.. بأفعالنا.. بعيداً عن العواطف والانفعالات، وإنما عزة موصولة بعزة الله، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون..ويا أيتها المرأة المسلمة يا ذات الستر والعفاف: لا يغرنك مكر الماكرين، ولا يضعف إيمانك سخرية الساخرين، فارتفعي بحجابك، واعتزي بعفافك، واشمخي بحيائك، فو الله إنهم ينفقون ويبذلون ويألمون ويخططون ليصدوك عن سبيل الله فستكون جهودهم عليهم حسرة ثم يغلبون، وفي النهاية سيكون النصر والتمكين لأهل الإصلاح والدين، والذلة والصغار والخسار للمنافقين والمفسدين، والله غالب على أمره ولكن المنافقين لا يعلمون0
إن من الخلل في التربية أن ينشأ أفراد المجتمع المسلم أذلة مستهانين يستجدون أعداء الله، ويقفون بانبهار وإعجاب أمام حضارتهم الزائلة الزائفة
إن من واجب الآباء والمربين أن ينشئوا الأجيال على التخلق بعزة المسلم، من خلال ربطهم بالقدوات الحقيقية، بدءاً برسول الهدى صلى الله عليه وسلم الذي يمثل العزة الحقيقية بأجلى وأسمى صورها
ثم تربية النشء على قصص السابقين واللاحقين ممن رسموا معالم العزة بأقوالهم وأفعالهم، وتعليمهم البطولات والمواقف الخالدة في سماء العز والشرف
وإن من الأمور المهمة التي يجب أن يهتم بها المربون في تربية الابناء ترك البطالة والكسل، والإعراض عن حياة اللهو والترف، وإضاعة الأوقات بالسفاسف والتوافه، مع تذكيرهم بشكل دائم بمواقف أبناء السلف وصور من همم بعض شباب اليوم، ليتأسوا بهم ويمشوا على منوالهم
كما ينبغي أن يهتم المربون بتحذير الابناء من الانسياق وراء التقليد الأعمى بلا روية ولا تفكير، لما في التقليد من تحطيم لشخصية المسلم وتمييع لأخلاقه وقتل لرجولته
إن من واجبنا أن نصنع العزة الحقيقية بأنفسنا.. بكلماتنا.. بمواقفنا.. بأفعالنا.. بعيداً عن العواطف والانفعالات، وإنما عزة موصولة بعزة الله، ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن المنافقين لا يعلمون..ويا أيتها المرأة المسلمة يا ذات الستر والعفاف: لا يغرنك مكر الماكرين، ولا يضعف إيمانك سخرية الساخرين، فارتفعي بحجابك، واعتزي بعفافك، واشمخي بحيائك، فو الله إنهم ينفقون ويبذلون ويألمون ويخططون ليصدوك عن سبيل الله فستكون جهودهم عليهم حسرة ثم يغلبون، وفي النهاية سيكون النصر والتمكين لأهل الإصلاح والدين، والذلة والصغار والخسار للمنافقين والمفسدين، والله غالب على أمره ولكن المنافقين لا يعلمون0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق