إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 18 أكتوبر 2018

الأمانة

         الامانة
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ))اشترى رجل من رجل عقاراً له، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب، فقال له الذي اشترى العقار: خذ ذهبك مني؛ إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب، وقال الذي له الأرض: إنما بعتك الأرض وما فيها، فتحاكما إلى رجل، فقال الذي تحاكما إليه: ألكما ولد؟، قال أحدهما: لي غلام، وقال الآخر: لي جارية، قال: أنكحوا الغلام الجارية، وأنفقوا على أنفسهما منه، وتصدقا)) متفق عليه
ديون ومعاملات...ومخالفات وافات....وتجاوزات مالية وتعديات...ينتهي بها المطاف للوقوف بين يدي القاضي... ليحل الخلاف بين المتخاصمين... هذا هو حالنا اليوم.....اما حال من حكى عنهما الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام فهو حال عجيب غريب...
بغربة الدين في قلوب الناس اليوم...ضيعت الامانة... وصار المال والدنيا همَّ الناس وشغلهم...حتى نسي الناس دينهم واخلاقهم وقيمهم...
وانظر الى المحاكم تحدثك عن واقع أليم نعيشه اليوم مع مجتمع انحرف عن جادة الصواب ....
ولماذا ذلك..؟؟؟ لان الامانة ضيعت....
فإذا ضيعت الأمانة من قلب عبد ترحَّل الإيمان منه، عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له))؛ رواه أحمد وصححه الألباني
الله اكبر...لقد انتفى كمال الايمان ممن لا امانة لديه...هل علم ذلك من ضيعها يا عباد الله..؟؟؟؟هل علم ذلك من اكل مال اليتيم..
من ضيع اموال المسلمين ...من ضيع اولاده وفرط في حقهم.. من استغل منصبه ووظيفته لأغراض شخصية...
الامانة قيمة غالية لا يعرفها الا من عاش معانيها قولا و عملا...فعاش الامن والطمأنينة والسعادة...
عاش راضيا مُرضيا نفسه وربه بما يفعله في واجباته تجاه ربه وتجاه غيره....
عن ابن عمر - رضي الله عنه - في قصة الثلاثة النفر الذين أووا إلى الغار، فانحدرت صخرة، فسدت عليهم فم الغار؛ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((وقال الثالث: اللهم إني استأجرت أجراء، فأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبدَ الله، أدِّ إلَيَّ أجري، فقلت له: كل ما ترى من أجرك، من الإبل، والبقر، والغنم، والرقيق، فقال: يا عبدَ الله، لا تستهزئ بي، فقلت: إني لا أستهزئ بك، فأخذه كله، فاستاقه، فلم يترك منه شيئًا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافْرُج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة، فخرجوا يمشون))؛ متفق عليه
الأمانة تعدل الدنيا وما فيها.... فمَن رزقه الله الأمانة، هانت عنده الدنيا ومتاعها الزائل ....فلا يبيع أمانته بعرض من أعراضها....
عن عبدالله بن عمرو - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أربع إذا كن فيك، فلا عليك ما فاتك من الدنيا: حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة طعمة))؛ رواه أحمد وصححه الألباني.
واعلم اخي المسلم ان حفظك لتوحيد ربك وعبادته اعظم امانة تحفظها في هذه الدنيا....والصلاة امانة والزكاة امانة والصيام امانة
حفظك لأعراض الناس امانة...كف الاذى عن الناس امانة...خلقك وصدقك مع الناس امانة...حجابك وسترك اختي امانة....ستر عورات الناس امانة....
قال الحسن - رحمه الله -: "إنَّ من الخيانة أن تحدث بسر أخيك"، 
نصيحتك للناس امانة.....مشورتك للناس امانة...صدقك مع الناس امانة...ومن الأمانة حفظ الأسرار الزوجية...
عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قالقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة))، وفي رواية: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه، ثم ينشر سرها))؛ رواه مسلم، وقوله: ((إن من أعظم الأمانة))؛ أي: أعظم خيانة للأمانة.
وأمانة الزوجين في القيام بواجباتهما الأسرية...وذلك بإلزام أهل البيت بالفرائض والواجبات...وتربيتهم على الفضائل والمستحبات...
وتطهير البيت من المنكرات؛....عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (( كلكم راع ومسؤول عن رعيته؛ الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها، والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته، وكلكم راع ومسؤول عن رعيته))؛ رواه البخاري ومسلم.
واسمع معي حال سلف الامة مع الامانة....رجال صدقوا مع الله ما عاهدوه... فلم يبدلوا تبديلا....
عن نافعٍ قال: خرج ابن عمر - رضي الله عنه - في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له، ووضعوا سفرةً له، فمر بهم راعي غنمٍ، قال: فسلم، فقال ابن عمر: "هَلُمَّ يا راعي، هَلُمَّ، فَأَصِبْ من هذه السُّفْرَةِ"، فقال له: إني صائمٌ، فقال ابن عمر: "أتصوم في مثل هذا اليوم الحار شَدِيدٍ سُمُومُهُ وأنت في هذه الجبال ترعى هذا الغنم؟! "، فقال له: أَيْ وَاللهِ، أبادر أيامي الخالية، فقال له ابن عمر وهو يريد يختبر ورعه: "فهل لك أن تبيعنا شاةً من غنمك هذه، فنعطيك ثمنها، ونعطيك من لحمها فتفطر عليه؟ "، فقالإنها ليست لي بغنمٍ، إنها غنم سيدي، فقال له ابن عمر: "فما عسى سيدك فاعلاً إذا فقدها، فقلت: أكلها الذئب"، فولى الراعي عنه وهو رافعٌ أصبعه إلى السماء، وهو يقول: فأين الله، قال: فجعل ابن عمر يردد قولَ الراعي وهو يقول: قال الراعي: فأين الله؟ قال: فلما قدم المدينة، بعث إلى مولاه، فاشترى منه الغنم والراعي، فأعتق الراعي، ووهب له الغنم.
كان أصحابُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثالاً رائعًا، وقدوة حسنة في الصدق والأمانة...
عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل نجران: ((لأبعثن إليكم رجلاً أمينًا حقَّ أمين))، فاستشرف لها أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعث أبا عبيدة؛ ) ...رواه البخاري ومسلم.
واحذر من الخيانة...فإنها اصل النفاق وانتقاض الايمان من قلب الرجل...
عن عبدالله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أربع مَن كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر))؛ رواه البخاري ومسلم.
قال الله - تعالى -: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْخَائِنِينَ)
الخطبة الثانية : 
وانظر معي لحال الامة اليوم...تفريط بالحقوق ...تضييع للواجبات...استهانة بالمظالم....ضعف لمراقبة الله لهم...فبات غضب الله وشيكا بهم....
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحدث إذ جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ قال: ((إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة))، قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله، فانتظر الساعة))؛ رواه البخاري.
وفي ضياع الأمانة أيضًا اختلال الموازين وفساد القيم؛ عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((سيأتي على الناس سنوات خدَّاعات، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة في أمر العامة))، قيل: وما الرويبضة؟ قال: ((الرجل التافه))؛ رواه ابن ماجه وصححه الألباني.
وانظر الى حادثة احد.... يوم ان فرطوا بالامانة وبوصية رسول الله عليه الصلاة والسلام ماذا حل بهم... انه درس للامة جمعاء:
الا تساهل بالامانة كائنا من كنت... والا فغضب الله وعقوبته اتيتة لا محالة...
لماذا تصلي المغرب ثلاثا.. لماذا تصوم رمضان ثلاثين...لماذا تخرج زكاة مالك ربع العشر...لان الله يراك....
فلنراقب الله في كل افعالنا.. وفي اقوالنا واحوالنا....والله ان السمع امانة .. والبصر والفؤاد امانة ...كل ذلك كان عنه مسؤولا...
(إذا ضيعت الأمانة فارتقب الساعة!) تلكَ الأمانة التي فَرِقت السماوات والأرض من حِملها وتكفَّل الإنسان بجهله أن يحملها على ثقلها فنيطت به..
وهي في الوقت ذاته ذلك المعنى العميق الذي أجملهُ معلم البشرية الأولصلوات ربي وسلامه عليه- بقوله: (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)).. وأيّ دلالة أكبر وأعمّ من أن يتكررّ لفظ العمومِ أكثر من مرة ولا يستثنى منه أحد!.
حين يضيع الوالدان أمر أبنائهم ويُتركون كمن يلقى في التيّار ليسبح ضدّه.. فتلك أمانة! عندما تسلَّم عقول أبنائنا إلى من يتلاعب بها وتدفعُ أرواح الناس إلى غافلٍ يفرط بها! حينما توكلُ الأمور إلى غير أهلها وتعطى المناصب من لا يستحقّها.. ! جميعُ ذلكَ وغيرهُ من الأمثلة التي باتت أكثر من أن تحصى فهل نتداركُ الوقتَ لنعلمَ أنّها أمانة سنمتحن بها! .
إنَّ "الأمانة" في ديننا تشكِّل حجر الزاوية لكل عمل يناط الإنسان به على كافة الأصعدة والمستويات في المجتمع بلا استثناء من أرفع مستوى إلى أدناه، وحالما يهتزُّ ذلكَ الحجر أو يتزحزح في بناء الفرد فإنّ هذا مؤذن بالعد التنازلي لانهيار المجتمع وتهاوي الأمة!.
وحتى نصيب كبد الحقيقة كان لزاما على كل واحد منّا أن يلتفت إلى نفسه ليسألها: عندما يتحطّم مبدأ كبير وعظيم كهذا على صخرة المصلحة الشخصية أو التفريط أو التغافل واللامبالاة بالمسؤولية..ترى أي حال نكون عليه؟! وإلى أي الطرق تسير أمتنا ؟!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق