( عاشوراء يوم عز ونصر )
عباد الله: بعد ايام سنتفيأ ظلال يوم عظيم من أيام الله، نتذكر فيه قوة الحق وإن ضعفت قوة أتباعه، وانهزام الباطل وإن قويت شوكة أصحابه
في الصحيحين عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قدم المدينة فوجد اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" فقالوا: هذا يوم عظيم نجّى الله فيه موسى وقومه، وغرّق فرعون وقومه، فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحق وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصيامه. وقال اني احتسب على اله وان يكفر السنة الماضية والسنة صيام اليوم التاسع معه مخالفة لليهود ، ولو صام العاشر فقط فلا حرج عليه..
أيها المسلمون: عاشوراء يوم معظّم من شهر الله المحرّم، اختصه الله بفضيلة، وميَّزه بذكرى، فهو يوم الشكر، ويوم الصوم، ويوم الصبر والنصر، هو يوم المعجزة، والذكرى والموعظة، هو يوم انتصار صبر المؤمن المستضْعَف على علو المتكبر، واستعلاءُ قوةِ الإيمان على جبروت الطغيان.
هو يومٌ نجّى الله فيه المستضعفين المضطهدين، وأرغم فيه أنوفَ الجبارين المتكبرين في الطين، هو يوم انفلقتْ فيه المعجزةُ، فحطمت كبرياء الطاغوت، وحطّمت قيودَ الاستعباد، وحرّرت الرقاب من كل عبودية إلا العبوديةَ لله.
عاشوراء رمزٌ لانتصار الحرية على الاستعباد، كُسرت فيه قيود العبودية وأغلالُها، وحُطمت فيه أوثان الأصنام؛ لتتوجه النفوس بعبوديتها إلى ربها -جل جلاله-.
عاشوراء ذكرى للمؤمنين، وموعظةٌ للطواغيت والمتجبرين، يذكره المؤمنون فيتذكّرون نصرَ الله لأوليائه المستضعفين، ويُذكّر به الجبارون المتكبرون، كيف هلك فيه طاغية من أشياعهم المتجبّرين.
نتذكر في هذا اليوم فرعون الذي طغى وعلا في الأرض، ويرى في المنام أن ملكه يزول على يد غلام من بني اسرائيل، فيسرف في تقتيل بني إسرائيل، ويأبى الله إلا أن يتربى موسى في قصر فرعون ، ويكرم الله موسى بالنبوة، فيقابله فرعون بالعناد والتكذيب، وأتجاوز العديد من أحداث هذه القصة لأقف بكم في عاشوراء، حيث يخرج موسى بقومه مهاجرين بدينهم تارِكين ديارَهم، ولكنَّ فرعون ككلِّ الطغاة لم يترك هذا الشعبَ المقهور ليحيا كما يُريد، مع أنهم فارقوا بلدتَه إلى بلادٍ أخرى وتركوه وشأنَه، وهو يأبى إلا أن يطاردُهم حتى البحر.
وعلى ساحل البحر يشتد الكرب ويعظم الخطب ويتراءى الجمعان، وينكشف الفريقان ويُبتلى الإيمان ويطيش الطغيان, وتصل الجنود الغاشمة بقيادة فرعون الطاغية مع شروق الشمس (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء:60-61].
البحر من أمامهم، وفرعون الطاغية من خلفهم، والجبال عن أيمانهم وشمائلهم، وفي تلك الساعة الرهيبة يقبل موسى -عليه السلام- على ربه متسلحًا بالعبودية الحقه، ويطلق كلمة التوحيد واليقين التي تقطع كل الأسباب، دون رب الأرباب (كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62].
نظر موسى إلى البحر وهو يتلاطم بأمواجه، وسرعان ما أمره الله: (أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ البَحْرَ) [الشعراء:63] هذه العصا تقلب الأمور -بإذن الله- وتعصف بالتحديات، وتدمر الظالمين (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُو) [المدثر:31] انفلق البحر -بإذن الله تعالى وقدرته- وصار اثني عشر طريقًا، (كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ العَظِيمِ) [الشعراء:63] أصبح ماء البحر قائمًا مثل الجبال، مكفوفًا بقدرة الكبير المتعال, فيأمر الله –تعالى- موسى أن يجوز ببني إسرائيل البحر، فانحدروا فيه مسرعين مستبشرين، فلما جاوز آخرُهم، أراد موسى -عليه السلام- أن يضرب البحر بعصاه ليرجع كما كان، فأمره ربه القدير أن يدعه على حاله (وَاتْرُكِ البَحْرَ رَهْوًا إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ)[الدخان:24] وعلى الطرف الآخر ينظر فرعون إلى هذا المنظر العظيم، فيحجم ويصيبه التردد، ثم تحمله نفسه الكافرة وسجيته الفاجرة على اللحاق بموسى.
وقد روي أن جبريل -عليه السلام- هيَّج فرسه فاضطره للبحر، فتبعه قومه عن آخرهم فلما استكملوا فيه، أمر الله كليمه موسى فضرب بعصاه البحر فارتفع عليهم وعاد بحرًا هائجًا فسحقهم وابتلعهم، ولم ينج منهم إنسان (وَأَنجَيْنَا مُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ العَزِيزُ الرَّحِيمُ) [الشعراء:65-68].
لقد أكثر الله ذكر قصة موسى في القرآن؛ لأنها من أعجب القصص -كما ذكر المفسرون- قصة عظيمة مليئة بالدروس والعبر، نقف اليوم مع بعضها:
1- ففي القصة أولاً إشارة إلى مصارع الظالمين، وعواقب الطغاة المجرمين، هكذا كانت نهاية فرعون الذي علا في الأرض واستعبد الناس، وطغى في البلاد وأكثر فيها الفساد، وقال أنا ربكم الأعلى, لا أحد فوقي اليوم، لا أحد أقوى مني.
إن العلوَّ في الأرض بالفَسادِ وقهرَ العباد مِتلافُ الممالِك، وسبَبُ المهالك.
إن هذا الطغيان والاستكبار، ليذكّرنا بطغيان وعلوِّ بعض الدول الكبرى اليوم وعدائها للإسلام، وتلطخها بدماء المسلمين في كل مكان, وقد قال قائلهم: من لم يكن معنا فهو ضدنا، كما قال فرعون من قبل: (مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ) [غافر:29] وهو في الحقيقة لا رأي له ولا خير، بل هو ضالٌّ مُضِلٌّ لشعبه (وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى) [طه:79] (فَاتَّبَعُواْ أَمْرَ فِرْعَوْنَ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيد) [هود:97].
ومع الخداع والتدليس على الدهماء تقلب الحقائق، ويتهم الأبرياء حينما يقول فرعون عن المؤمنين الصادقين (إِنَّ هَؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ) [الشعراء:54].
ويقول عن موسى (إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ) [غافر:26].
قال ابن كثير: "يا لَله العجب! صار هؤلاء يشفقون من إفساد موسى وقومه, ألا إن فرعون وقومه هم المفسدون ولكن لا يشعرون". اهـ
ليس كل من ادعى النزاهة والعدالة محقا صادقًا وفعله يخالف قوله.
لقد قال الله عن فرعون الأمس (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِى الأرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا) [القصص:4] (وَسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِى الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقّ) [العنكبوت:39] وفرعون اليوم استكبر واستعلى وتجبر وطغى، وأفسد في الأرض هو وأعوانه، وحادّ الله ورسوله والمؤمنين، ووقف مع المغتصبين، وحال دون الحق في قضايا المسلمين, فلعنة الله على الظالمين، وإن غدًا لناظره قريب، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
وفي غمرة الشعور باليأس والإحباط مما يصيب المسلمين اليوم من نكبات، يأتي يوم عاشوراء ليذكر الأمة أن العاقبة للمتقين وأن الدائرة على الظالمين، وأن امتداد الباطل يسير، مهما طغى وتجبر وساد وتكبر, وأنه لا تقف أي قوة أمام قوة الله، ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) [يس:82].
2- أن الجزاء من جنس العمل: فانظر كيف أهلك الله هذا الجبار العنيد الذي كان يفتخر بالأنهار التي تجري من تحته، فأهلك بالماء من فوقه, وكان يقول: أنا ربكم الأعلى، فكان عاقبته أن ينحط إلى قعر البحر ويملئ طين البحر فاه ...
ثم انظر كيف كان هلاكُه وجنودِه على مرأى من المؤمنين، لتحصل مع نعمةِ إهلاك العدو نعمةٌ أخرى، وهي النظر إلى هلاكه؛ ليشفي صدور المؤمنين. نسأل الله أن يهلك طواغيت هذا العصر بأسلحتهم، وأن يشفي صدور قوم مؤمنين.
3- وفيها: أن الابتلاء سنة الله في عباده؛ ليمحصهم ويطهرهم (وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ المُنَافِقِينَ) [العنكبوت:11] ونحن نرى في هذا العصر، كيف يتسلط الاعداء على المسلمين في أماكن كثيرة يسومونهم سوء العذاب، ولا زالت وسائل الإعلام المختلفة تنقل لنا هذه الأيام صور الحرب الغاشمة الآثمة، بل أقول حرب الإبادة الجماعية لإخوتنا فيسوريا، وسط تفرج فاضح وتخاذل مهين من دول العالم كله, نحن لا نلوم حكوماتنا العربية فقط، ولا دول الجوار فحسب، ، بل –والله- نلوم أنفسنا أولاً ببعدنا عن ديننا واشتغالنا بدنيانا، وعدم اهتمامنا بمواساة إخواننا ولو بالدعاء، ولو بالتوجع وهو أقل درجات النصرة الواجبة كما ذكر ابن القيم، والله المستعان.
هل من فلسطينَ مكتوبٌ يطمئنني *** عمن كتبت إليه وهو ما كتبا
وعن بساتينَ ليمونٍ وعن حُلمٍ *** يزداد عني ابتعادًا كلما اقتربا
فيا فلسطيْنُ من يهديكِ أفئدةً *** ومن يعيد لك البيت الذي خربا
تلفّتي تجدينا في مباذلنا *** من يعبد اللهو أو من يعبد الكرسي او من يعبد الذهبا
وعن بساتينَ ليمونٍ وعن حُلمٍ *** يزداد عني ابتعادًا كلما اقتربا
فيا فلسطيْنُ من يهديكِ أفئدةً *** ومن يعيد لك البيت الذي خربا
تلفّتي تجدينا في مباذلنا *** من يعبد اللهو أو من يعبد الكرسي او من يعبد الذهبا
إن حال الأمة اليوم مهين ومع هذا فلا للذل ولا لليأس، إن هذه الأمة تمرض لكنها لا تموت، ونسأل الله أن يردنا ويرد أمتنا إليه ردًّا جميلاً، ليتحقق الميثاق المؤكّد والوعد المبرم، الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم: "تقاتلون اليهود فتسلَّطون عليهم، حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر: يا عبدَ الله، يا مسلم: هذا يهوديّ خلفي، تعال فاقتله" اللهم اجعله قريبًا، اللهم اجعله قريبًا.
فصبرا -يا أهلنا في فلسطين يا اهلنا في سوريا يا اهلنا في بورما وفي العراق- فإن أمم الكفر، ولو وقفت ضدّكم بمكرها وكيدها فإن معكم الفئة التي لا تُغلب, والمُعين الذي لا يُهزم جنده , والمَلك الذي لا تنفد خزائنه.
صبرا ...فإنْ منعوا عنكم الدواء والغذاء والماء والسلاح ؛ فإنهم لا يستطيعون أبدا أن يمنعوا عنكم مدد السماء (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ * أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَلْيَرْتَقُوا فِي الأَسْبَابِ * جُندٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنْ الأَحْزَابِ) [ص:9-11].
4- وفي القصة فضل التوحيد في الملمات وتفويض الأمر إلى الله وحده (إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء:62].
وقالها محمد عليه الصلاة والسلام – كما ذكرنا في الخطبة الماضية – في الغار : يا ابا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ( ان الله معنا )
فيا أيها المسلم, إنه مهما ضعفت قوتك، ومهما حمل عليك العدو بدباباته وقاصفاته ومدمراته، تذكر أن الله معك يسمع ويرى, ولا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء، (فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًا) [مريم:84].
- الخطبة الثانية :
وننتقل نقلة اخرى تدور حولها الاحداث هذه الايام حول استشهاد الحسين رضي الله عنه في يوم عاشوراء والفاجعة العظيمة بذلك لكن :
يبقى السؤال الأهمُّ: مَن قتَل الحسين؟ أهم أهل السنة؟ أم بنو أمية كما يزعم الرافضة.
إن الحقيقة التي ينبغي أن يَعِيَها الجميع: أن قتَلة الحسين هم أهل الكوفة الذين دعوه للبيعة ثم خانوه، وحتى لا يكون الكلام تجنيًا ورجمًا بالتُّهَم نستنطق كتبَ الشيعة؛ لتؤكِّد لنا بجلاء ووضوح أن الذين دَعَوْه لنصرته ومبايعته هم الذين قتلوه، ثم ذرفوا الدموع على موته!
جاء في كتاب "أعيان الشيعة"، لسيدهم محسن الأمين، قال: "بايَع الحسينَ عشرون ألفًا من أهل العراق، غدروا به، وخرجوا عليه وبيعته في أعناقهم وقتلوه".
ويقول محدِّث الشيعة عباس القُمِّي في كتابه "منتهى الآمال": "تواترت الكتب إلى الحسين حتى اجتمع عنده في يوم واحد ستمائة كتاب من عديمي الوفاء".
وذكر المؤرخ الشيعيُّ اليعقوبي في "تاريخه": أنه لما دخل عليُّ بن الحسين الكوفةَ رأى نساءها يبكين ويصرخن، فقال: "هؤلاء يبكين علينَا، فمَن قتلنا؟!" أي: مَن قتلنا غيرهم؟!
عباد الله: وأما أهل السنة والجماعة فيعدُّون قتل الحسين -رضي الله عنه- فاجعةً عظيمة، وجرحًا غائرًا في جسد الأمة، وأن قاتليه هم من شرار الخلق وأفسق الخليقة.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وأما مَن قتل الحسين أو أعان على قتله أو رضي بذلك - فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلاً، وعزاء أهل السنة والجماعة في الحسين أنه عاش حميدًا، ومات شهيدًا، ولا يقولون إلا ما يُرضِي ربهم: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ لا يضربون لهذه المصيبة خدًّا، ولا يشقُّون لها جيبًا، ولا يحيون معها معالم الجاهلية الأولى".
هذا موقف سلَف الأمة من قتل الحسين، وممَّن قُتِل قبل الحسين؛ كعليِّ بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعمر بن الخطاب -رضي الله عن الجميع-.
إخوة الإيمان: وإن مما ينبغي أن يَعِيَه المسلمون أيضًا مع أفعال الرافضة في إحيائهم لذكرى مقتل الحسين: أن الرافضة ما حفظوا وحافظوا على هذه البدعة وإحياء شعائرها إلا لهدفين رئيسَين:
الأول: إحياء جَذْوَة التشيع في قلوب أصحابه، والمحافظة على ديمومة مذهبهم وبقائه؛ يقول إمامهم في هذا العصر الخميني: "إن البكاء على الشهيد يُعَدُّ إبقاءً على اتِّقاد الثورة وتأجُّجها". ويقول أيضًا: "فبذكْر مصائبهم بقي هذا الدين حيًّا في الأمة".
أما هدفهم الآخَر في إحياء عاشوراء: فهو شحْن القلوب وتجييش النفوس على أعداء آل البيت -زعموا- ومَن هم أعداء آل بيت؟ هم مَن لا يؤمن بولايتهم على التصور الشيعي.
ينادي الرافضة في هذا اليوم، يا لثَارَاتِ الحسين، والثأر لحقِّ آل البيت، وأين هم قتلة الحسين؟ لقد أكل عليهم الزمان وشرب.
خان ابن العلقمي الخليفة العباسي واستباح بغدادَ بحجَّة الثأر للحسين، وأعمَل إسماعيل الصفوي السيفَ في أهل العراق، وأجرى فيها شلالات الدماء بحجة الثأر للحسين، وما زال الرافضة في كل زمان يسفكون دماء السنة بحجة الثأر للحسين.
والآن تُهْدَم المساجد في العراق وتُبْقَر البطون، وتُحْرَق الجثث وتُغْتَصَب العذارى باسم الثأر للحسين، ومع كل مُحَرَّم تزداد جرأة وشراسة الرافضة على أهل السنة؛ حتى يعلم الجميع أن شعائر عاشوراء إنما هي في الحقيقة حِقَن لشحْن نفوس الأتباع ضدَّ أهل السنة والجماعة.
يقول الهالك الخميني: "يجب التذكير في عاشوراء بالمصائب والمظالم التي يرتكبها الظالمون في كل عصر، وبالأخصِّ في هذا العصر الذي هو عصر مظلومية العالم الإسلامي على يد أمريكا وروسيا والوهابيين".
أيها المؤمنون: لقد تجاوز الرافضة قضية البكاء على الحسين، إلى المتاجرة بدم الحسين؛ لتحقيق مكاسب سياسية؛ ففي كل عاشوراء يطلُّ علينا ساداتهم؛ ليُظْهِروا للمسلمين أنهم هم المدافِعُون المنافِحُون عن قضايا الأمة ومقدَّساتها وأراضيها المسلوبة.
والكل يعلم والتاريخ يشهد أن الرافضة لم يكونوا -يومًا ما- مصدر عز المسلمين، ولم تكن لهم فتوحاتٌ في التاريخ تُذْكَر، ولا تحرير للمقدَّسات يُشْكَر، وإنَّما هم خنجر يطعن في جسد المسلمين، وشوكة تُذْكِي الفُرْقَة بين المسلمين. ولعل ما يفعله اليوم حزب اللات في لبنان من وقوفه مع النصيري في قتل المسلمين قتلاً ذريعا الاّ دليل واضح على انهم شوكة في خاصرة الامة وحماية لاعداء الامة من اليهود والنصيريين
وأخيرًا عباد الله: فإن كان للعقل والمنطق صوتٌ فحُقَّ له أن يتساءل: هل إحياء عاشوراء وتأجيج نفوس الأتباع على سواد المسلمين من أهل السنة يخدم الوحدة المزعومة التي ينادي بها الشيعة صباحًا ومساء؟!
هل مآتمهم تلك وما فيها من تربية الأتباع على شتْم ولعْن خِيَار هذه الأمة يُساعِد على خلق جوٍّ هادئٍ بين الفريقين، أم هو نفخ في النار، وإيقاظ الفتن النائمة؟! والفتنة نائمة لُعِن موقظها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق