إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

السبت، 10 أبريل 2021

كيف نستقبل رمضان/ محاضرة

 ( كيف نستقبل رمضان ) 

 

فإن شهر رمضان هو أفضل شهور العام ،

لأن الله سبحانه وتعالى اختصّه بأن جعل صيامه فريضة وركناً رابعاً من أركان الإسلام ، ومبنىً من مبانيه العظام وهذا لا يكون لشهر غير شهر رمضان ، 

قال صلى الله عليه وسلم : " بُني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلاّ الله وان محمداً رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت " [ متفق عليه ] . 

 

وقال الله تعالى معظما شهر رمضان ) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(، 

 

وقال تعالى ) شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِى أُنزِلَ فِيهِ ٱلْقُرْآنُهُدًى لّلنَّاسِ وَبَيِّنَـٰتٍ مِّنَ ٱلْهُدَىٰ وَٱلْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ ٱلْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ٱللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(، 

 

هذا الشهر المبارك موسم خير، وموسم عبادة، تتضاعف فيه همة المسلم للخير وينشط للعبادة.

 

فينبغي على المسلم أن يستقبل هذا الشهر العظيم بالفرح والسرور ، والغبطة وشكر الرب الغفور ، الذي وفقه لبلوغ شهر رمضان وجعله من الأحياء الصائمين القائمين الذين يتنافسون فيه بصالح الأعمال ، 

 

لقد كان سلفنا الصالح -رحمهم الله تعالى- حسب ما روي عنهم أنهم كانوا يدعون الله تعالى ستة أشهر كي يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أخرى كي يتقبله منهم (ذكر ذلك الحافظ ابن رجب، وكان من دعائهم (اللهم سلّمنا لرمضان وسلّمه لنا، وتسلّمه منا متقبلا). أخرجه ابن أبي الدنيا في "فضائل رمضان"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق". )

 

لعل السر في دعائهم تلك المدة الطويلة هو لما سمعوا وعلموا عن عروض عظيمة تقدم في رمضان، عروض ربانية يقدمها الله تعالى لعباده في رمضان

 

 

سنّ النبي صلى الله عليه وسلم قيام ليالي شهر رمضان ، لأن فيها ليلة عظيمة خير من عبادة ثلاث وثمانين سنة وثلاثة أشهر تقريباً . 

 

قال صلى الله عليه وسلم : " إن الله فرض عليكم صيام رمضان ، وسننت لكم قيامه ، من صامه وقامه إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه " [ رواه النسائي وصححه الألباني ] . 

 

وفي الحديث المتفق على صحته قال صلى الله عليه وسلم " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه ". 

فهذه ثلاث فرص لمغفرة ما تقدم من الذنوب في شهر واحد ، فلاشك انه شهر مبارك وشهر بركة 

 

الكلام عن معنى ايماناً واحتساباً :

ايماناً : أي موقناً ان هذا الأمور وهذه العبادة من الله عزوجل ، وهو سامع ومطيع لامر الله عزوجل ، 

ولم يذكر النبي عليه الصلاة والسلام هذا الامر عبثا ، بل هو لتعليمنا أن تكون عباداتنا عن ايمان كامل بأنها من الله عزوجل ،

وأن هذا شرع الله ،

وان الواجب علينا السمع والطاعة ، ايماناً بالله ، وتصديقاً بنبيه عليه الصلاة والسلام ، وليس مجرد عادة يقوم بها العبد موافقة لمن حوله من الناس الذين يصومون ، لا ، ولكن استشعار العبودية وحقيقة الايمان والالتزام بالامر من الله سبحانه وتعالى ، وهذا في جميع العبادات وليس في الصيام فقط 

 

احتساباً : يحتسب العبد الاجر فيها ، ولو كان فيه مشقة الى النفس وترك للمألوفات والمباحات وما تحبه النفس وترغب به ، وهو امامها وبين يديها ، وتستطيع ان تحصل عليه دون ان يعرف أحد ، لكن العبد يحتسب الاجر من الله ويصبر ويصابر ويراقب الله ويرجوا منه الاجر 

 

من المقدمات : التخفيف من الذنوب :

 

وهي قضية في غاية الأهمية لاغتنام الموسم .

كثيرٌ منّا يرى من نفسه تقصيراً في رمضان وقد يكون السبب عنه غائباً .

اعلم أنّ الإصرار على الذنوب من الأسباب العظيمة للحرمان ، 

ومع سعة رحمة الله يكون العطاء لأهل الذنوب ،

ولكنّ أهل الطهارة أوسع توفيقاً ، وأعظم عطاءً وفضلاً 

نعم الذنوب والمعاصي التي تحرم العبد اغتنام موسم رمضان وتحول بينه وبين الفوز بهباته وخيرات.

لعلك رأيت حال بعض الناس في العام الماضي ولم يختم ربما ختمة واحدة للقرآن !

ولعلك تتذكر كيف كان البعض يتكاسل عن صلاة التراويح ، وربما الفرائض !

ولعلك لم تنس أيضا تفريط البعض في العشر اﻷواخر وساعات السحر فيه !

هل تعلم أن كل ذلك حرمان .

قال تعالى : " فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين "

فكم كم من قاعد عن طاعة ربه بسبب ذنبه ، وكم التصق في اﻷرض من مخذول بسبب معاصيه .

إنه الحرمان يا أخي

إنه اﻹبعاد يا أخيتي .

فهل سنستمر على هذا الحال !؟

 

من المقدمات :

عندما تنتظر مناسبة عزيزة على قلبك ، أو حدثاً مهماً في حياتك فأنت تهيء نفسك له ، وتعمل العدة للقائه:

تخرج – زواج – عودة مسافر من غربة – مولود –صفقة تجارية..الخ

 

فكن على يقين أنه لا أعظم من موسم رمضان ،

ولا أبرك من لحظاته ،

ولا أجل من ساعاته .

فهو الموسم المعظم

والزمان النفيس

واﻷيام الجليلة

والليالي الفاضلة

والساعات الشريفة..

وليحمل القلب كل الشوق له ، ولتطمع النفس ببلوغه ، وليلهج اللسان بصادق الدعاء ﻹدراكه .

فاللهم بلغنا رمضان نحن وأهلينا ومن يعز علينا .

 

من المقدمات : النية الصالحة :  

النية النية ...

تبييت النية الصالحة – من الان - على أن تكون في رمضان على حال يرضاها الله تعالى.

والنية أساس العمل ونية المؤمن أبلغ من عمله ، 

وكان الإمام أحمد رحمه الله يوصي ولده ويقول:" يا بني انو الخير فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير "

فما الذي نويت أن تكون عليه في رمضان من الآن؟!

ما الذي تحدث نفسك به؟ 

وما الذي تتصوره لنهارك وليلك؟ 

ما الذي يراه الله في قلبك الآن؟

عزم على أن تكون أكثر قرباً منه؟ 

عزم على أن تختم القرآن كذا وكذا مرة؟

عزم على أن لا تفوت صلاة الجماعة ولا مرة واحدة خلال رمضان؟ 

عزم على أن لا تضيع صلاة التراويح ؟

أم أن الله ينظر على قلبك الآن فيرى غفلة وضياعاً 

أو يرى تبييتاً لمتابعة المسلسل الفلاني والبرنامج الهابط الفلاني وغير ذلك مما يعده قطاع الطرق ولصوص رمضان من شياطين الإنس من البرامج والمسلسلات الساقطة التي تقطعك عن الله في رمضان وتحول بينك وبين روحانية الصيام ولذته وحلاوته. 

والله ما رأيت آية أصدق في وصف أصحاب هذه القنوات وما يعدونه في رمضان من قول الله تعالى :(والله يريد أن يتوب عليكم، ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً، يريد الله أن يخفف عنكم..).

 

 

تأمل :  فكم من الناس لم يبلغوا هذا الشهر ، فطويت صحائف أعمالهم ورُفعت أقلام كتبتهم من الملائكة ، 

والبعض قد يكون بلغ الشهر لكن يكون عاجز عن الصيام ويتمناه ، وعاجز عن القيام ويذرف الدموع شوقاً للتراويح والقيام والتهجد ، 

فإن كان من اهله حين قوته وصحته فليبشر بكل خير ، فمكتوب له ما كان يعمل وهو صحيح معافى ، 

وان كان مفرط أيام صحته فيا حسرته وندامته حين لا ينفع الندم ( اذا مرض العبد او سافر كُتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحا ) البخاري 

والبعض يبلغ شهر الصيام وهو في غفلة من دينه فلا صيام ولا قيام ولا صلاة ، لا يعرف من الإسلام الاّ اسمه ولا من الصيام الاّ رسمه ...  

 

إن بلوغ رمضان نعمةٌ كبرى، 

يقدرها حق قدرها الصالحون المشمرون. 

وإن واجب الأحياء استشعار هذه النعمة واغتنام هذه الفرصة، 

إنها إن فاتت كانت حسرةً ما بعدها حسرة،

فإن أبواب الجنة مفتوحة لنا في هذا الشهر، فلنكن من الداخلين، 

إنها فرصة ثمينة لكل مقصر -وكلنا مقصرون - أننفوز بمغفرة من الله، وعتق من النار، فإذا لم يغفر لنا في رمضان فمتى نرجو المغفرة؟!  

 

فالحذر أن يدخل المرء فيمن عناهم المصطفى  صلىالله عليه وسلم   بحديثه على منبره في محاورة بينه وبين جبريل الأمين حين طلب من النبي صلى الله عليه وسلم   التأمين على دعائه – ودعاؤه  صلى الله عليه وسلم   مستجاب حيث قال ( من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له، فدخل النار فأبعده الله قل: آمين، فقلت: آمين ) فمن حرم المغفرة في شهر المغفرة فماذا يرتجي؟

 

ولهذا كان من النعمة العظيمة ان يبلغ العبد هذا الشهر المبارك العظيم الخيرات وهو على خير وتقوى وايمان وصحة وعافية وسلامة ...

 

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم شهر رمضان

فيقول : " جاءكم شهر رمضان شهر بركة ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه فيباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حُرم فيه رحمة الله " [ رواه الطبراني في الكبير ] .  

 

إنه شهر عظيم الخيرات ، كثير البركات ، فيه فضائل عديدة وفوائد جمّة ، ينبغي للمسلم أن يغتنمها ويقتنصها ، 

 

قال صلى الله عليه وسلم : " إذا كانت أول ليلة من رمضان فُتحت أبواب الجنة فلم يُغلق منها باب ، وغُلقت أبواب جهنم فلم يُفتح منها باب ، وصُفدت الشياطين ، وينادي منادٍ : يا باغي الخير أقبل ، وياباغي الشر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة " [ رواه البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم ] . 

 

وهنا لفتة لطيفة لابد من التنبيه عليها :

ينبغي استغلال ساعات رمضان في أعمال البر،

فكثير من الناس يمضون ساعات النهار في مختلف الطاعات وإذا حل المساء وأفطروا؛ تركوا سائر أعمال البر وضيعوا أوقاتهم فيما لا ينفعهم، 

في حين أن الحديث يؤكد على أهمية استغلال ليالي رمضان في أعمال البر أكثر من نهاره، حيث قال  صلى الله عليه وسلم  في الحديث: (وينادي مناد كل ليلة: يا باغي الخير أقبل، و يا باغي الشر أقصر).

 

إنك ترى الواحد إذا كان فارغا في نهار رمضان فتح المصحف وقرأ فيه، 

بينما لا يفعل ذلك غالبا إذا كان فارغا في الليل، 

وإنما تراه يضيع وقته في مجالس لا ترضي الله تعالى، 

أو أمام قنوات فضائية تعرض ما يسخط الله عز وجل، 

والسبب أن الكثير يظن أن زيادة الطاعة لا تكون إلا في نهار رمضان،

وهذا خطأ، وإنما ينبغي للمسلم أن يزداد طاعة في ليالي رمضان أكثر من نهاره 

لا سيما أن العتق من النار يكون في الليل وليس في النهار كما هو مصرح في الحديث.

- وان كان الامر واسع – وخاصة انه ورد في الحديث ان العتق عند الفطر ، لكن هذه لطيفة جميلة يُتنبه لها ...وهي استمرار العمل واغتنام الوقت ليلاً ونهارا

 

اول ليلة من رمضان :

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنان كلها فلم يغلق منها باب إلى آخر الشهر ، وسلسلت مردة الشياطين ، ولله عتقاء عند كل فطر يعتقهم من النار " [ رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه كلام وبقية رجاله رجال الصحيح ] 

 

ففي أول ليلة من رمضان تحدث ثلاثة أمور عظام ، ثلاثة أحداث كونية تهم المسلمين ولا يعلم بها غيرهم:

الحدَثُ الأول: سيتم تصفيد الشياطين ومردة الجن، ليسهل عليك فعل الخير، يا باغي الخير اقبل وياباغي الشهر اقصر 

والحدَثُ الثاني: فتح أبواب الجنة إلى نهاية الشهر.

والحدث الثالث: إغلاق أبواب النار إلى نهاية الشهر.

افراح المؤمن : 

وقال صلى الله عليه وسلم ، يقول الله تعالى : " كل عمل ابن آدم له ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، إلاّ الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ، يدع شهوته وطعامه من أجلي ، للصائم فرحتان ، فرحة عند فطره ، وفرحة عند لقاء ربه ، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك " [ متفق عليه ] . 

 

 

باب الريان :

وقال صلى الله عليه وسلم : " إن في الجنة باباً يُقال له الريّان يدعى يوم القيامة يقال : أين الصائمون ؟ ، فمن كان من الصائمين دخله ، ومن دخله لم يظمأ أبداً " [ رواه البخاري ومسلم واللفظ لابن ماجة ] . فالباب في الجنة وليس للجنة ، مما يوحي انه بداخلها ...

 

شهر رمضان شهر الخير والبركة :

شهر يستبشر بقدومه المسلمون في كل مكان ، لما فيه من حُسن الجزاء من الله تبارك وتعالى لعباده ، ولما فيه من عظيم المثوبة ، وجزيل الأجر ، 

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول لأصحابه : " قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك ، كتب الله عليكم صيامه ، فيه تفتَّح أبواب الجنة ، وتغلق أبواب الجحيم ، وتغل الشياطين ، فيه ليلة خير من ألف شهر ، من حرم خيرها فقد حرم " [ أخرجه أحمد والنسائي ، وصحح إسناده حمزه الزين في تحقيقه على المسند 9/70 ] 

وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه مرفوعاً : " أتاكم رمضان ، شهر بركة ، يغشاكم الله فيه ، فينزل الرحمة ، ويحط الخطايا ، ويستجيب فيه الدعاء ، ينظر إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم ملائكته ، فأروا الله من أنفسكم خيراً ، فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله " [ أخرجه الطبراني ورواته ثقات ] 

 

الصيام وقاية من النار :

 

المرور على الصراط أمر لا بد منه يوم القيامة، لأننا سنأمر بالمرور على النار عبر هذا الصراط، والعبد إما سيمر على هذا الصراط بسلام أو آلام أو سقوط في النار عياذا بالله، 

فالصراط طريق محرق، لأن أسفله نارُ جهنم على عمق سبعين سنة، وفي هذا الموقف الحرج يأتي الصيام ليعزل صاحبه من النار أثناء مروره على الصراط.

 

ويكفي من فضائل رمضان أنه سينجي صاحبه من كرب الإحراق أثناء مروره على الصراط، فهو عازل لك من النار أثناء مرورك على الصراط، حيث قال رضي الله عنه  (الصِّيَامُ جُنَّةٌ وَحِصْنٌ حَصِينٌ مِنْ النَّارِ) رواه الإمام أحمد.

 

لذلك احرصوا -رحمكم الله- على صيانة هذا الحصن من أي خارق له، خصوصا آفات اللسان، كالغيبة والنميمة. 

فقد روت عَائِشَةُ -رضي الله عنها- عَنْ النَّبِيِّ  صلى الله عليه وسلم  قَالَ: (الصِّيَامُ جُنَّةٌ مِنْ النَّارِ، فَمَنْ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلا يَجْهَلْ يَوْمَئِذٍ، وَإِنْ امْرُؤٌ جَهِلَ عَلَيْهِ فَلا يَشْتُمْهُ وَلا يَسُبَّهُ، وَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ، وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ) رواه النسائي.

 

وقال ابوعُبَيْدَةَ بْن الْجَرَّاحِ رضي الله عنه : "الصَّوْمُ جُنَّةٌ مَا لَمْ يَخْرِقْهَا"، رواه النسائي، أي أن الصوم عازل ومانع من حرارة النار ما لم يخرق هذه العازل بالذنوب التي أشدها الغيبة.

 

رمضان يثقل الميزان واجور لا حد لها :

 

إن الصيام يثقل ميزانك يوم القيامة، فهو لا عدل له، وهو العمل الوحيد الذي جاء النص فيه بأن المسلم يفرح به يوم القيامة، فما سر ذلك الفرح يا ترى؟

 

لعل فرحهم به لما يرون فيه من الثواب العظيم في الميزان الذي لا عدل له كما قال عنه  صلى الله عليه وسلم ، فدعونا نسرد بعض الأحاديث الواردة في ذلك:

 

(1) فعن أبي أمامة رضي الله عنه  أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم  أي العمل أفضل؟ قال: (عليك بالصوم فإنه لا عدل له) رواه النسائي. أي كأنه يقول أنه لا يعدله عمل ولا يكافؤه ثواب، فهو مما يثقل ميزان العبد يوم القيامة.

 

(2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبع مئة ضعف إلى ما شاء الله، قال الله عز و جل: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه) رواه مسلم.

 

أما معنى قوله (إلا الصوم فإنه لي) مع أن كل الأعمال لله تعالى، قال العلماء: إلا الصوم فإنه خالص لله لأنه:لا يطلع عليه أحد غير الله.

 

الصيام يشفع لصاحبه:

إن الصيام سيشفع لصاحبه، فقد روى عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- أن النبي  صلى الله عليه وسلم  قال: (الصيام و القرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول الصيام: أي رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه، يقول القرآن: رب منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان) رواه الإمام أحمد والحاكم.

ورمضان شهر الصيام والقرآن 

 

رمضان شهر القرآن :

قراءة القرآن فرمضان شهر القرآن (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) 

وكان جبريل عليه السلام ينزل من السماء في رمضان ليتدارس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن. كل ليلة من ليالي رمضان

الصيام والقرآن حبيبان متلازمان في الدنيا والآخرة قال صلى الله عليه وسلم( الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام رب إني منعته الطعام والشهوات بالنهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فيشفعان) حسنه الألباني

 

فكثير من الناس يحرصون على توطيد العلاقة مع أكبر عدد ممكن من الأصدقاء والوجهاء، لينتفعوا بوجاهتهم ومناصبهم في تسهيل أمرهم إذا ألجأتهم الحاجة إلى دائرة حكومية أو غيرها، 

ألا ينبغي أنْ يكون الحرص على التعرف على الشفعاء الذين سيكون لهم وجاهة في الآخرة، ليشفعوا في أصعب وأخطر المواقف التي ستمر على البشرية جمعاء؟ فإن الشفعاء يوم القيامة كُثُر ومنهم الصيام، فإنه سيشفع لصاحبه، ألا يستحق ذلك منّا أن نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان؟ بلى والله

 

رمضان شهر القيام :

القيام مع الإمام ثوابه كقيام ليلة كاملة:

 

إنك إذا صليت مع الإمام التراويح كاملة تكسب ثواب قيام ليلتين، كيف يكون ذلك؟

 

إذا صليت مع الإمام التراويح حتى ينصرف، يكتب لك ثواب قيام ليلة كاملة، حيث روى أبو ذر رضي الله عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) رواه الترمذي. 

فبعض الناس يصلي فريضة العشاء ثم يصلي تسليمة أو تسليمتين، ثم يستعجل الخروج ليس لأمر مهم، وإنما لأنه يريد متابعة مسلسل أو أي شيء تافه، مُفوتا على نفسه أجرا عظيما.

 

بينما رغب النبي  صلى الله عليه وسلم  في قيام ليالي رمضان فقال: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) متفق عليه.

 

فالقضية تحتاج إلى احتساب الثواب والمشقة،

ولو تأملنا سبب ورود حديث أبي ذر السابق لعلمنا حرص الصحابة -رضي الله عنهم- على قيام الليل، لأن النبي  صلى الله عليه وسلم  قام الليل في المسجد لعدة ليالي من ليالي رمضان (أي صلى التراويح)، فصلى خلفه جمع كبير من الصحابة، فخشي  صلى الله عليه وسلم  أن تفرض عليهم هذه الصلاة فتوقف فقالوا هلا نفلتنا لبقية الليل؟ 

فقال صلى الله عليه وسلم  مقولته تلك (إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة).

 

فالذي يصلي مع الإمام لمدة نصف ساعة أو نحو ذلك، يكتب له ثواب قيام الليل كله، سواء صلى الإمام أربع تسليمات أو خمس أو عشر تسليمات، فالكل جائز؛ لأن صلاة الليل مثنى مثنى، 

 

فحري بنا أن نفرح بقدوم رمضان ونجاهد أنفسنا لنصلي التراويح ولا نفوتها، فصلاة التراويح أصبحت سمة لرمضان يعرف به، فمن لم يصل التراويح لا يحس بطعم رمضان.

 

* ثم تأمل أن من صلى العشاء والفجر في جماعة كتب له قيام ليلة أيضا، لقوله  صلى الله عليه وسلم  (مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ ، وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ) رواه مسلم.

 

فإذا صليت التراويح كاملة مع الإمام كتب لك قيام ليلة أخرى.

 

رمضان فيه ليلة القدر :

فيه ليلة أفضل من قيام العمر كله:

إن قيام المؤمن ليلة القدر خير من قيامه ألف شهر، ومعنى ذلك أن من قام ليلة القدر لمدة عشر سنوات فإنه يكتب له ثواب يزيد على من قام ثمان مئة وثلاثة وثلاثين عاما (830 سنة)، فكأنك رزقت أعمارا كثيرة كلها في طاعة، ألا نفرح بهذه الليلة المهداة لنا؟

وليلة القدر – ان شاء الله – لها حديث خاص مع العشر الاواخر من رمضان – بلغنا الله واياكم إياه - 

 

رمضان شهر تكفير الذنوب :

صيامه يكفر صغائر الذنوب:

 

ومن فضائل رمضان أيضا؛ أن صيامه يكفر الذنوب حيث روى أبو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه  قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ  صلى الله عليه وسلم : (مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ) متفق عليه.      

لذلك احرص على التوبة من الكبائر ، حتى تخرج من الشهر كيوم ولدتك امك من الذوب ، مغفوراً لك ، مستأنف للعمل الصالح ، قد فتحت صفحة جديدة للعلاقة مع الله عز وجل 

 

 

رمضان شهر إجابة الدعاء :

لك فيه دعوة مستجابة كل يوم:

من الامتيازات الأخرى التي تمنح للصائمين في شهر رمضان أن لك فيه كل يوم دعوة مستجابة، 

فقد ذكر النبي  صلى الله عليه وسلم  أن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة، حيث روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه  قال: قال رسول الله  صلى الله عليه وسلم : (إن لله تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة، يعني في رمضان، وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة) رواه أحمد.صحيح الترغيب والترهيب 

 

فكأن المطلوب: الاكثار من الدعاء في الليل والنهار؛ لأن لك دعوة مستجابة لا تدري متى هي. ( كل يوم وليلة ) 

فاستغل وقتك، فلك ثلاثون دعوة مستجابة طوال هذا الشهر. وربما اكثر ، ففضل الله واسع 

 

قال صلى الله عليه وسلم : (ثلاثُ دَعَواتٍ لَا تُرَدُّ: دَعْوَةُ الوَالِدِ لِوَلَدِهِ وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ) رواه البيهقي. 

وقال صلى الله عليه وسلم : (ثلاثُ دَعَواتٍ مُسْتَجاباتٌ: دَعْوَةُ الصَّائِمِ وَدَعْوَةُ المُظْلُومِ ودَعْوَةُ المُسافِرِ) رواه الطبراني. 

لذلك وضعت آية الدعاء بين آيات الصيام ( وَإِذَاسَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) 

 

رمضان فرصة للبدء في تغيير الحياة :

البدء في التغيير إلى الأفضل :

نعم ابدأ في التغيير من الأن ، وصحّح المسار من هذه الأيام .

* حافظ على صلاة الجماعة والسنن .

* زد الإتصال بالقرآن وفرّغ له وقتاً هذه الأيام .

*عليك بكثرة الاذكار ( ذكراً كثيرا ) ( ولا يزال لسانك رطباً بذكر الله ) بأنواع الذكر المختلفة 

* كن شحيحاً بالوقت ، ساعٍ للمحافظة عليه لنتدرّب على هذه الصفة قبل دخول الشهر .

* الحفاظ على الجوارح ومجاهدة النفس والجد مع النفس .ترك مشاهدة الفضائيات ، ليكن رمضان هذا بدون أفلام ولا مسلسلات ولا فوازير ولا شيء يشغل عن ذكر الله وطاعته

وفي الجملة فكل ماتراه يحول بينك وبين اغتنام الموسم والفوز برحمة الله تخلّص منه الأن .

من الأمور التي نعترف بها جميعاً وجود خلل في جوارحنا .

لسانٌ يكذب ويغتاب ويسب.

عينٌ لا تغض عن حرام .

أذنٌ لا تكُف عن سماع ما لا يجوز .

 

فلعلنا هذه اﻷيام ونحن في استقبال رمضان أن نُهيء أنفسنا وندربها للكف عن هذه المُحرمات ﻷننامأمورون بذلك - أولا - قال تعالى : "...إن السمع والبصر والفؤد كل أولئك كان عنه مسؤلا "

 

وﻷننا - ثانياً - بحفظها نُؤجر وتسهل علينا الطاعات ، وﻷن المعاصي جراحات - ورُبْ جرحٍ أصاب مقتل –

 

* إن فشلت في الحِفظ مرة فأعد المحاولة مرات ومرات حتى تحفظها .

 

ختاماً : شاهد لك او شاهد عليك : 

قال ابن الجوزي رحمه الله : شهر رمضان ليس مثله في سائر الشهور، ولا فضلت به أمة غير هذه الأمة في سائر الدهور  ، الذنب فيه مغفور والسعي فيه مشكور  ، والمؤمن فيه محبور والشيطان مبعد مثبور ، والوزر والإثم فيه مهجور وقلب المؤمن بذكر الله معمور ، وقد أناخ بفنائكم  هو عن قليل راحل عنكم ، شاهد لكم أو عليكم 

 

 

15

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق