ابو ذر الغفاري رضي الله عنه :
نسبه : أبو ذر الغفاري ، رضي الله عنه : المشهور أن اسمه : جندب بن جنادة بن قيسالغفاري
حال أبي ذر الغفاري في الجاهلية :
ولد أبو ذر
في قبيلة غفار بين مكة والمدينة، وقد اشتهرت هذه القبيلة بالسطو، وقطع الطريق على المسافرين والتجار وأخذ أموالهم بالقوة، وكان أبو ذَرّ
رجلاً يصيب الطريق، وكان شجاعًا يقطع الطريق وحده، ويُغير على الناس في عماية الصبح على ظهر فرسه أو على قدميه كأنه السبع، فيطرق الحي ويأخذ ما يأخذ.


ومع هذا كان أبو ذَرّ ممن تألّه
: "أخذ أبو بكر
بيدي فقال: يا أبا ذر. فقلت: لبيك يا أبا بكر. فقال: هل كنت تأله في جاهليتك؟ قلت: نعم، لقد رأيتني أقوم عند الشمس (أي عند شروقها)، فلا أزال مصليًا حتى يؤذيني حرّها، فأخرّ كأني خفاء. فقال لي: فأين كنت توجَّه؟ قلت: لا أدري إلا حيث وجهني الله، حتى أدخل الله عليَّ الإسلام". في الجاهلية، وكان يقول: لا إله إلا الله، ولا يعبد الأصنام.


اسلامه : قال الذهبي رحمه الله :
" أحد السابقين الأولين ، من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قيل: كان خامس خمسة في الإسلام.
ثم إنه رد إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، فلما أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه ولازمه وجاهد معه. وكان يفتي في خلافة أبي بكر عمر وعثمان .
قيل: كان آدمَ [ يعني : أسمر اللون ] ، ضخما ، جسيما ، كث اللحية.
وكان رأسا في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوالا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.
وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر " .
" أحد السابقين الأولين ، من نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.
قيل: كان خامس خمسة في الإسلام.
ثم إنه رد إلى بلاد قومه فأقام بها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم له بذلك، فلما أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم هاجر إليه أبو ذر رضي الله عنه ولازمه وجاهد معه. وكان يفتي في خلافة أبي بكر عمر وعثمان .
قيل: كان آدمَ [ يعني : أسمر اللون ] ، ضخما ، جسيما ، كث اللحية.
وكان رأسا في الزهد والصدق والعلم والعمل، قوالا بالحق، لا تأخذه في الله لومة لائم.
وقد شهد فتح بيت المقدس مع عمر " .
( عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ
لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي فَانْطَلَقَ الْأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَمْسَى فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ عَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَلَا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ قَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ قَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ لِمِثْلِهَا فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ ) البخاري
لَمَّا بَلَغَ أَبَا ذَرٍّ مَبْعَثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَخِيهِ ارْكَبْ إِلَى هَذَا الْوَادِي فَاعْلَمْ لِي عِلْمَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ مِنْ السَّمَاءِ وَاسْمَعْ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ ائْتِنِي فَانْطَلَقَ الْأَخُ حَتَّى قَدِمَهُ وَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ لَهُ رَأَيْتُهُ يَأْمُرُ بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَكَلَامًا مَا هُوَ بِالشِّعْرِ فَقَالَ مَا شَفَيْتَنِي مِمَّا أَرَدْتُ فَتَزَوَّدَ وَحَمَلَ شَنَّةً لَهُ فِيهَا مَاءٌ حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ فَأَتَى الْمَسْجِدَ فَالْتَمَسَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا يَعْرِفُهُ وَكَرِهَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْهُ حَتَّى أَدْرَكَهُ بَعْضُ اللَّيْلِ فَاضْطَجَعَ فَرَآهُ عَلِيٌّ فَعَرَفَ أَنَّهُ غَرِيبٌ فَلَمَّا رَآهُ تَبِعَهُ فَلَمْ يَسْأَلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أَصْبَحَ ثُمَّ احْتَمَلَ قِرْبَتَهُ وَزَادَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَظَلَّ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَمْسَى فَعَادَ إِلَى مَضْجَعِهِ فَمَرَّ بِهِ عَلِيٌّ فَقَالَ أَمَا نَالَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ مَنْزِلَهُ فَأَقَامَهُ فَذَهَبَ بِهِ مَعَهُ لَا يَسْأَلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ الثَّالِثِ فَعَادَ عَلِيٌّ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَأَقَامَ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ أَلَا تُحَدِّثُنِي مَا الَّذِي أَقْدَمَكَ قَالَ إِنْ أَعْطَيْتَنِي عَهْدًا وَمِيثَاقًا لَتُرْشِدَنِّي فَعَلْتُ فَفَعَلَ فَأَخْبَرَهُ قَالَ فَإِنَّهُ حَقٌّ وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَصْبَحْتَ فَاتْبَعْنِي فَإِنِّي إِنْ رَأَيْتُ شَيْئًا أَخَافُ عَلَيْكَ قُمْتُ كَأَنِّي أُرِيقُ الْمَاءَ فَإِنْ مَضَيْتُ فَاتْبَعْنِي حَتَّى تَدْخُلَ مَدْخَلِي فَفَعَلَ فَانْطَلَقَ يَقْفُوهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَخَلَ مَعَهُ فَسَمِعَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَسْلَمَ مَكَانَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَأَخْبِرْهُمْ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَأَصْرُخَنَّ بِهَا بَيْنَ ظَهْرَانَيْهِمْ فَخَرَجَ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ ثُمَّ قَامَ الْقَوْمُ فَضَرَبُوهُ حَتَّى أَضْجَعُوهُ وَأَتَى الْعَبَّاسُ فَأَكَبَّ عَلَيْهِ قَالَ وَيْلَكُمْ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ مِنْ غِفَارٍ وَأَنَّ طَرِيقَ تِجَارِكُمْ إِلَى الشَّأْمِ فَأَنْقَذَهُ مِنْهُمْ ثُمَّ عَادَ مِنْ الْغَدِ لِمِثْلِهَا فَضَرَبُوهُ وَثَارُوا إِلَيْهِ فَأَكَبَّ الْعَبَّاسُ عَلَيْهِ ) البخاري
فضائله :
قال ابن سعد رحمه الله في "الطبقات الكبرى" (4/231) :
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ أَحَدٌ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ، وَلَا نَفْسِي " ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام لا يضر .
أَخْبَرَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ أَبُو غَسَّانَ النَّهْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ الْجُعْفِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: " لَمْ يَبْقَ الْيَوْمَ أَحَدٌ لَا يُبَالِي فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ غَيْرَ أَبِي ذَرٍّ، وَلَا نَفْسِي " ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى صَدْرِهِ .
وهذا إسناد جيد ، رجاله ثقات ، وفي بعضهم كلام لا يضر .
والذي بلغ بأبي ذر رضي الله عنه هذه المنزلة عدة فضائل فيه ، منها :
- حرصه الشديد على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته ، وقد بايعه على ألا يخاف في الله لومة لائم .
فروى أحمد (21509) عن أبي ذَرٍّ، قَالَ: بَايَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَوَاْثَقَنِي سَبْعًا، وَأَشْهَدَ عَلَيَّ تِسْعًا، أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالَ أَبُو الْمُثَنَّى: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ( هَلْ لَكَ إِلَى بَيْعَةٍ، وَلَكَ الْجَنَّةُ؟ ) قُلْتُ: نَعَمْ. وَبَسَطْتُ يَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ وَهُوَ يَشْتَرِطُ عَلَيَّ: (أَنْ لَا تَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا ) قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (وَلَا سَوْطَكَ إِنْ يَسْقُطْ مِنْكَ، حَتَّى تَنْزِلَ إِلَيْهِ فَتَأْخُذَهُ ) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (810)
- حرصه الشديد على متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وعدم مخالفته ، وقد بايعه على ألا يخاف في الله لومة لائم .
فروى أحمد (21509) عن أبي ذَرٍّ، قَالَ: بَايَعَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسًا، وَوَاْثَقَنِي سَبْعًا، وَأَشْهَدَ عَلَيَّ تِسْعًا، أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ. قَالَ أَبُو الْمُثَنَّى: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: فَدَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ( هَلْ لَكَ إِلَى بَيْعَةٍ، وَلَكَ الْجَنَّةُ؟ ) قُلْتُ: نَعَمْ. وَبَسَطْتُ يَدِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ وَهُوَ يَشْتَرِطُ عَلَيَّ: (أَنْ لَا تَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا ) قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: (وَلَا سَوْطَكَ إِنْ يَسْقُطْ مِنْكَ، حَتَّى تَنْزِلَ إِلَيْهِ فَتَأْخُذَهُ ) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (810)
وروى أحمد أيضا (21415) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: أَمَرَنِي خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَبْعٍ: (أَمَرَنِي بِحُبِّ الْمَسَاكِينِ، وَالدُّنُوِّ مِنْهُمْ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ دُونِي، وَلَا أَنْظُرَ إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقِي، وَأَمَرَنِي أَنْ أَصِلَ الرَّحِمَ وَإِنْ أَدْبَرَتْ، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَسْأَلَ أَحَدًا شَيْئًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَقُولَ بِالْحَقِّ وَإِنْ كَانَ مُرًّا، وَأَمَرَنِي أَنْ لَا أَخَافَ فِي اللهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ، وَأَمَرَنِي أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، فَإِنَّهُنَّ مِنْ كَنْزٍ تَحْتَ الْعَرْشِ) .
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" (811)
- ما عرف عنه من الصدق في القول والعمل :
روى الترمذي وابن ماجة (156) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال السندي رحمه الله :
" الْمُرَادُ أَنَّهُ بَلَغَ فِي الصِّدْقِ نِهَايَتَهُ وَالْمَرْتَبَة الْأَعْلَى " انتهى من "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/ 68) .
روى الترمذي وابن ماجة (156) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ، وَلَا أَظَلَّتِ الْخَضْرَاءُ، مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ لَهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ ) وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" .
قال السندي رحمه الله :
" الْمُرَادُ أَنَّهُ بَلَغَ فِي الصِّدْقِ نِهَايَتَهُ وَالْمَرْتَبَة الْأَعْلَى " انتهى من "حاشية السندي على سنن ابن ماجه" (1/ 68) .
- زهده في الدنيا وعبادته ، حتى بلغ في ذلك مبلغا عظيما .
روى البخاري (1407) ومسلم (992) - واللفظ له - عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَخْشَنُ الثِّيَابِ، أَخْشَنُ الْجَسَدِ، أَخْشَنُ الْوَجْهِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ، قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَدْبَرَ، وَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَتَرَى أُحُدًا؟ فَنَظَرْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الشَّمْسِ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ) ثُمَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ وَلِإِخْوَتِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، لَا تَعْتَرِيهِمْ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ، قَالَ: " لَا، وَرَبِّكَ، لَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْحَقَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ " .
روى البخاري (1407) ومسلم (992) - واللفظ له - عَنِ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَبَيْنَا أَنَا فِي حَلْقَةٍ فِيهَا مَلَأٌ مِنْ قُرَيْشٍ ، إِذْ جَاءَ رَجُلٌ أَخْشَنُ الثِّيَابِ، أَخْشَنُ الْجَسَدِ، أَخْشَنُ الْوَجْهِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: بَشِّرِ الْكَانِزِينَ بِرَضْفٍ يُحْمَى عَلَيْهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُوضَعُ عَلَى حَلَمَةِ ثَدْيِ أَحَدِهِمْ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ نُغْضِ كَتِفَيْهِ، وَيُوضَعُ عَلَى نُغْضِ كَتِفَيْهِ، حَتَّى يَخْرُجَ مِنْ حَلَمَةِ ثَدْيَيْهِ يَتَزَلْزَلُ، قَالَ: فَوَضَعَ الْقَوْمُ رُءُوسَهُمْ، فَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنْهُمْ رَجَعَ إِلَيْهِ شَيْئًا، قَالَ: فَأَدْبَرَ، وَاتَّبَعْتُهُ حَتَّى جَلَسَ إِلَى سَارِيَةٍ، فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ هَؤُلَاءِ إِلَّا كَرِهُوا مَا قُلْتَ لَهُمْ، قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، إِنَّ خَلِيلِي أَبَا الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَانِي فَأَجَبْتُهُ، فَقَالَ: أَتَرَى أُحُدًا؟ فَنَظَرْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الشَّمْسِ وَأَنَا أَظُنُّ أَنَّهُ يَبْعَثُنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ، فَقُلْتُ: أَرَاهُ، فَقَالَ: (مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي مِثْلَهُ ذَهَبًا أُنْفِقُهُ كُلَّهُ إِلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ) ثُمَّ هَؤُلَاءِ يَجْمَعُونَ الدُّنْيَا، لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا، قَالَ: قُلْتُ: مَا لَكَ وَلِإِخْوَتِكَ مِنْ قُرَيْشٍ، لَا تَعْتَرِيهِمْ وَتُصِيبُ مِنْهُمْ، قَالَ: " لَا، وَرَبِّكَ، لَا أَسْأَلُهُمْ عَنْ دُنْيَا، وَلَا أَسْتَفْتِيهِمْ عَنْ دِينٍ، حَتَّى أَلْحَقَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ " .
وَعَنِ ابْنِ سِيْرِيْنَ: سَأَلْتُ ابْنَ أُخْتٍ لأَبِي ذَرٍّ: مَا تَرَكَ أَبُو ذَرٍّ؟ قَالَ: تَرَكَ أَتَانَيْنِ وَحِمَاراً وَأَعْنُزاً وَرَكَائِبَ .
"سير أعلام النبلاء" (3/ 374)
"سير أعلام النبلاء" (3/ 374)
وقال ابن عبد البر رحمه الله في "الاستذكار" (4/ 409):
" أَمَّا زُهْدُهُ وَعِبَادَتُهُ : فَقَدْ ذَهَبَ فِيهَا مَثَلًا " .
المعرور بن سويد قال رأيت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه (وعليه حلة وعلى غلامه حلة فسألناه عن ذلك فقال إني ساببت رجلا فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم أعيرته بأمه ثم قال : إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم )
- بلوغه في العلم الرتبة العالية .
روى الضياء في "المختارة" (2/ 123) عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن أبي ذر فقال : " وَعَى عِلْمًا ، شَحِيحًا حَرِيصًا ؛ شَحِيحًا عَلَى دِينِهِ ، حَرِيصًا عَلَى الْعِلْمِ ، وَكَانَ يُكْثِرُ السُّؤَالَ، فَيُعْطَى وَيُمْنَعُ ، أَمَا أَنْ قَدْ مُلِئَ لَهُ فِي وِعَائِهِ حَتَّى امْتَلأَ " انتهى.
- شدة خوفه من الله تعالى .
روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/123) وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 164):
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: " وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مَا انْبَسَطْتُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، وَلَا تَقَارَرْتُمْ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَنِي يَوْمَ خَلَقَنِي شَجَرَةً تُعْضَدُ وَيُؤْكَلُ ثَمَرُهَا " .
وقال الذهبي رحمه الله في "السير" (3/ 368):
" كَانَ رَأْساً فِي الزُّهْدِ وَالصِّدْقِ وَالعِلْمِ وَالعَمَلِ قَوَّالاً بِالحَقِّ لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ "
روى ابن أبي شيبة في "المصنف" (7/123) وأبو نعيم في "الحلية" (1/ 164):
عَنْ أَبِي ذَرٍّ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: " وَاللهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مَا انْبَسَطْتُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ، وَلَا تَقَارَرْتُمْ عَلَى فُرُشِكُمْ، وَاللهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَنِي يَوْمَ خَلَقَنِي شَجَرَةً تُعْضَدُ وَيُؤْكَلُ ثَمَرُهَا " .
وقال الذهبي رحمه الله في "السير" (3/ 368):
" كَانَ رَأْساً فِي الزُّهْدِ وَالصِّدْقِ وَالعِلْمِ وَالعَمَلِ قَوَّالاً بِالحَقِّ لاَ تَأْخُذُهُ فِي اللهِ لَوْمَةُ لائِمٍ "
خلافه مع الصحابة رضي الله عنهم :
كما رواها الإمام البخاري في صحيحه عن زيد بن وهب، قال: (مررت بالربَذَة فإذا أنا بأبي ذر رضي الله عنه ، فقلت له: ما أنزلك منزلك هذا؟ قال: كنت بالشام، فاختلفت أنا ومعاوية في:(و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لاينفقون في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) قال معاوية: نزلت في أهل الكتاب، فقلت: نزلت فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذاك، وكتب إلى عثمان رضي الله عنه يشكوني، فكتب إلي عثمان: أن اقدم المدينة فقدمتها، فكثر علي الناس حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرت ذاك لعثمان " فقال لي: إن شئت تنحيت، فكنت قريبا، «فذاك الذي أنزلني هذا المنزل، ولو أمروا علي حبشيا لسمعت وأطعت "
. وقد وردت القصة بتفصيل أكثر عند ابن سعد في طبقاته، قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام بن حسّان عن محمّد بن سيرين أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال لأبي ذرّ: إذا بلغ البِنَاءُ سَلْعًا فاخرج منها، ونحا بيده نحو الشام، ولا أرى أمراءك يَدَعونَك!" قال: يا رسول الله أفلا أقاتل مَن يحول بيني وبين أمرك؟ قال: " لا"، قال فما تأمرني؟ قال: "اسْمَعْ واطِعْ ولو لعبدٍ حَبَشيّ. قال: فلمّا كان ذلك خرج إلى الشام فكتب معاوية إلى عثمان: إنّ أبا ذرّ قد أفسد الناس بالشام، فبعث إليه عثمان فقدم عليه، ثمّ بعثوا أهله من بعده فوجدوا عنده كيسًا أو شيئًا فظنّوا أنّها دراهم، فقالوا: ما شاء الله! فإذا هي فلوس. فلمّا قدمَ المدينةَ قال له عثمان: كُنْ عندي تغدو عليك وتروح اللّقاح، قال: لا حاجة لي في دنياكم، ثمّ قال: ائْذَنْ لي حتى أخرج إلى الرّبَذَة، فأذن له فخرج إلى الرّبذة وقد أقيمت الصلاةُ وعليها عبدٌ لعثمان حبشيّ فتأخّر فقال أبو ذرّ: تَقَدّمْ فصلّ فقد أُمِرْتُ أن أسْمَعَ وأطيعَ ولو لعبدٍ حَبشيّ )
وللإمام ابن تيمية كلام نفيس في هذا الصّدد، وردّ قويم على هذا الشبهة، أورد في كتابه الماتع (منهاج السنّة) وأورده بنصّه على طوله لفائدته.
( وأما قوله: إنه نفى أبا ذر إلى الربذة وضربه ضربا وجيعا، مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حقه: (ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر) . وقال: (إن الله أوحى إلي أنه يحب أربعة من أصحابي وأمرني بحبهم. فقيل له: من هم يا رسول الله؟ قال: علي سيدهم، وسلمان، والمقداد، وأبو ذر).
فالجواب: أنّ أبا ذر سكن الرّبذة ومات بها لسبب ما كان يقع بينه وبين الناس، فإن أبا ذر رضي الله عنه كان رجلا صالحا زاهداً، وكان من مذهبه أن الزّهد واجب، وأن ما أمسكه الإنسان فاضلا عن حاجته فهو كنز يكوى به في النار، واحتج على ذلك بما لا حجة فيه من الكتاب والسنة. احتج بقوله تعالى: (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) ، وجعل الكنز ما يفضل عن الحاجة، واحتج بما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه قال: (يا أبا ذر ما أحب أن لي مثل أحد ذهبا يمضي عليه ثالثة وعندي منه دينار، إلا دينارا أرصده لدَين). وأنه قال: (الأكثرون هم الأقلون يوم القيامة، إلا من قال بالمال هكذا وهكذا).
ولما توفي عبد الرحمن بن عوف وخلف مالا، جعل أبو ذر ذلك من الكنز الذي يعاقب عليه، وعثمان يناظره في ذلك، حتى دخل كعب ووافق عثمان، فضربه أبو ذر، وكان قد وقع بينه وبين معاوية بالشام بهذا السبب.
وكان أبو ذر يريد أن يوجب على الناس ما لم يوجب الله عليهم، ويذمهم على ما لم يذمهم الله عليه، مع أنه مجتهد في ذلك، مثاب على طاعته رضي الله عنه كسائر المجتهدين من أمثاله.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيه إيجاب، إنما قال: (ما أحب أن يمضي علي ثالثة وعندي منه شيء) فهذا يدل على استحباب إخراج ذلك قبل الثالثة لا على وجوبه. وكذا قوله: (المكثرون هم المقلّون) دليل على أن من كثر ماله قلت حسناته يوم القيامة إذا لم يكثر الإخراج منه، وذلك لا يوجب أن يكون الرجل القليل الحسنات من أهل النار، إذا لم يأت كبيرة ولم يترك فريضة من فرائض الله.
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقوم رعيته تقويما تاما، فلا يعتدي لا الأغنياء ولا الفقراء. فلما كان في خلافة عثمان توسع الأغنياء في الدنيا، حتى زاد كثير منهم على قدر المباح في المقدار والنوع، وتوسع أبو ذر في الإنكار حتى نهاهم عن المباحات. وهذا من أسباب الفتن بين الطائفتين.
فكان اعتزال أبي ذر لهذا السبب، ولم يكن لعثمان مع أبي ذر غرض من الأغراض(
وفاته :
وقال الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله :
" وفى هذه القصة نظر ، فقد ذكر أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " – (15/57-62) - وغيره في قصة وفاته ، عن مجاهد ، عن إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه ، عن أم ذر ، قالت :
لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندى ثوب يسعك كفنا ، ولا يدان لي في تغييبك ؟ قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المسلمين ، وليس أحد من أولئك النفر إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، فوالله ما كَذَبتُ ولا كُذِبت ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنَّى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرق ، فقال : اذهبى فتبصَّرِي . قالت : فكنت أسند إلى الكثيب أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم ، قالت : فأشرت إليهم ، فأسرعوا إليَّ حتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمة الله ؛ ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه . قالوا : ومن هو ؟ قلت : أبو ذر . قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين . وليس من أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في جماعة ، والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبت ، إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها ، فإني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا ، أو عريفا ، أو بريدا ، أو نقيبا ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفى ثوبين من عيبتي من غزل أمي . قال : أنت فكفِّنِّي ، فكفَّنَه الأنصاري ، وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلهم إيمان ) " انتهى.
" زاد المعاد " (3/534-535) .
والحديث حسنه الألباني في " صحيح الترغيب " (رقم/3314)
" وفى هذه القصة نظر ، فقد ذكر أبو حاتم بن حبان في " صحيحه " – (15/57-62) - وغيره في قصة وفاته ، عن مجاهد ، عن إبراهيم بن الأشتر ، عن أبيه ، عن أم ذر ، قالت :
لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ فقلت : ما لي لا أبكي ، وأنت تموت بفلاة من الأرض ، وليس عندى ثوب يسعك كفنا ، ولا يدان لي في تغييبك ؟ قال : أبشري ولا تبكي ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المسلمين ، وليس أحد من أولئك النفر إلا وقد مات في قرية وجماعة ، فأنا ذلك الرجل ، فوالله ما كَذَبتُ ولا كُذِبت ، فأبصري الطريق ، فقلت : أنَّى وقد ذهب الحاج ، وتقطعت الطرق ، فقال : اذهبى فتبصَّرِي . قالت : فكنت أسند إلى الكثيب أتبصر ، ثم أرجع فأمرضه ، فبينا أنا وهو كذلك ، إذ أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم تخب بهم رواحلهم ، قالت : فأشرت إليهم ، فأسرعوا إليَّ حتى وقفوا عليَّ فقالوا : يا أمة الله ؛ ما لك ؟ قلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه . قالوا : ومن هو ؟ قلت : أبو ذر . قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : نعم ، ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ، وأسرعوا إليه حتى دخلوا عليه ، فقال لهم : أبشروا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين . وليس من أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في جماعة ، والله ما كَذَبْتُ ولا كُذِبت ، إنه لو كان عندي ثوب يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب هو لي أو لها ، فإني أنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا ، أو عريفا ، أو بريدا ، أو نقيبا ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد قارف بعض ما قال إلا فتى من الأنصار قال : أنا يا عم ، أكفنك في ردائي هذا ، وفى ثوبين من عيبتي من غزل أمي . قال : أنت فكفِّنِّي ، فكفَّنَه الأنصاري ، وقاموا عليه ، ودفنوه في نفر كلهم إيمان ) " انتهى.
" زاد المعاد " (3/534-535) .
والحديث حسنه الألباني في " صحيح الترغيب " (رقم/3314)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق