إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 15 أكتوبر 2020

انتشار الإسلام

 الخطبة الأولى:

 الحمدُ لله، الحمدُ لله الذي أرسلَ رسولَه بالهُدى للناس كافَّة، أحمدُه – سبحانَه – وأشكرُه على نعمةِ المُبشِّرات السارَّة، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له يحفَظُ عبادَه المُؤمنين ويُنجِّيهم إذا جاءَت الصاخَّة، وأشهدُ أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه سلكَ بالأمةِ طريقَ الجادَّة، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبِه الذين رزقَهم الله نفوسًا عن كل شرٍّ صادَّة.

 أما بعد: فأُوصِيكم ونفسي بتقوَى الله؛ فهي النجاةُ والأمنُ من كل سُوءٍ، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 الاستِبشارُ والتفاؤُلُ من مبادِئ الإسلام، وسِماتِ المُسلمين في كل الأحوال، قال الله تعالى على لسانِ نبيِّه إبراهيم – عليه السلام -: (وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر: 56].

هذا الاستِبشار يُولِّدُ الطاقةَ، ويُحفِّزُ الهِمَم، ويدفعُ إلى العمل، ويصنعُ المُستقبَل.

 وكلَّما تأجَّجَت مآسِي المُسلمين في بعضِ بِقاع الأرض تأكَّدت الحاجةُ لاستِحضار البشائِر، وهذا هديُ رسولِ الأمة محمدٍ – صلى الله عليه وسلم -، فكم قلَبَ بتفاؤُلِه المِحنَةَ مِنحَة، وأيقظَ الأمَلَ في جوفِ الألَم.

 ومن أعظَم دواعِي الفرح وأسبابِ البِشارة في حياةِ المُؤمن: انتِشارُ دينُ ربِّ العالمين، واهتِداءُ غيرِ المُسلمين بالإسلام.

الانتشارُ السريع من خصائصِ الإسلامِ الثابِتة، التي تنبُعُ من ذاتِه على مرِّ العصورِ والأزمان، مهما قلَّ أتباعُه، أو تساهَلَ أنصارُه، أو قسَا أعداؤُه.

 بدأ الإسلامُ في مكة من فئة ٍقليلةٍ مُستضعَفَة عانَت ألوانَ البطشِ والإيذاء، وفي غضُونِ سنواتٍ دخلَ الإسلامُ جزيرةَ العربِ كلَّها، وتشكَّل جيلٌ حملَ رسالةَ الإسلام، ونشرها في السهولِ والمِهاد، والجبالِ والوِهاد، فانتشر صدَاه، واتَّسَع مدَاه، ودخَلَت فيه الأممُ أفواجًا بسرعةٍ لم يُعرف لها نظيرٌ في التاريخ، وهذا من أعظم المعجزات، وتصديقٌ لوَعدِ الله بأن المُستقبَلَ لهذا الدين ينتشرُ الإسلام؛ لأنه الدينُ الذي ارتضَاه الله تعالى للناس ِكافَّة، وتكفَّلَ – سبحانه – بحفظهِ ونشرِه.

 قال – صلى الله عليه وسلم -: «ليبلُغنَّ هذا الأمرُ مبلغَ الليل والنهار، ولا يترك اللهُ بيتَ مدَرٍ ولا وبَرٍ إلا أدخلَه الله هذا الدينَ، بعزِّ عزيزٍ أو بذُلِّ ذليلٍ، يُعِزُّ بعزِّ الله في الإسلام، ويُذِلُّ بهفي الكفر».

 أحبَّ الناسُ الإسلام؛ لأنه ظاهرُ المعالم، وحقٌ أبلَج مِلائِمٌ للفِطَرِ السليمة، والعقولِ المُستقيمة، أنارَ الظلمات، أسعدَ النفوس، شرحَ الصدُور، (فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله) [الروم: 30].

 ينتشرُ الإسلام؛ لأنه عقيدةٌ إيمانية تُشبِعُ فراغَ القلوب، وتُهذِّبُ حَيرةَ الأرواح، وتملأ خَواء الفِكر، وتُلبِّي حاجات النفوس، وتمنَحُه الأمن، وتُروِي ظمأَه.

 يدخلُ الناسُ في دينِ الله أفواجًا؛ لأنه الدين الذي حقَّقَ للإنسانِ كرامَته، وسمَا به روحًا وجسدًا، عقلاً وقلبًا، فتحَ له الآفاق، سخَّرَ له الكون، ولم يُحرِّم عليه طيبًا.

 المُستقبلُ لهذا الدين؛ لما يُرَى من أثَرهِ البديع الذي لا يُوصَف، وفعلِه العظيم الذي لا يُحدُّ؛ فقد نقَلَ الإنسانَ من ذُلِّ المعصيةِ إلى عزِّ الطاعةِ، ومن حدودِ الدنيا إلى سَعةِ الخلود، ومن قسوَةِ القلوب إلى رحابِ الحبِّ وفيُوضِ الرحمة.

 ينتشرُ الإسلامُ؛ لأنه يُمجِّدُ العلمَ، ويُكرِمُ العلماء، ويُثنِي على العقلِ والفِكر، وكلما وصلَ الإسلامُ بلدًا من البلدان جلَّلها بالعلم وأضاءَها بالمعرفة، فأسهَمَت الأمةُ في بناءِ الحضارةِ الإنسانية، وغدَت الحضارةُ الإنسانية نواةً ومعبرًا للحضارات المُتعاقبة.

 اطمأنَ الناسُ إلى الإسلام؛ لأنه يُحقِّقُ للبشرية العدالةَ الاجتماعية في جميعِ مظاهر الحياة، قوَّى وشائجَ الأخوَّة، أحيَا مبادئ التعاون، أسَّسَ معانِي الخدمة الاجتماعية.

 قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «ولأَن يمشِي أحدُكم مع أخيه في قضاءِ حاجَتِه أفضلُ من أن يعتكِفَ في مسجدِي هذا شهرَين» – وأشارَ بأصبعه -.

 العدلُ في الإسلام مدلولٌ ناصِع، ومفهومٌ راسِخ، لا يتأثَّرُ ميزانُه بالحسَبِ والنَّسَب، ولا بالجاهِ والمال، ويتمتَّعُ بالعدلِ جميعُ المُقيمين على أرضِه من المسلمين وغيرِهم، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة: 8].

 وتقعُ على المسلمين مسؤوليةُ نشرِ الإسلام، وتبليغِه في كلِّ أصقاع الأرض، ابتداءً من نبيِّها – صلى الله عليه وسلم -، قالَ اللهُ تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) [المائدة: 67].

وقالَ – صلى الله عليه وسلم -: «بلِّغُوا عنِّي ولو آية».

 وقد بذَلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – كلَّ الأسبابِ للتوسُّعِ في نشرِ الإسلام؛ فلما أسلمَ أبو ذرٍ الغِفاريُّ – رضي الله عنه – طلَبَ منه الإقامةَ في بني غِفار، ودعوتَهم إلى الإسلام. ولما أسلمَ الطُّفيلُ بن عمرو الدَّوسيُّ، طلَبَ منه الإقامةَ في قبيلته دَوسٍ لنشر الإسلام فيها.

 فالمسلمُ مأمورٌ بالعمل على نشر الإسلام، وليس عليه أَطرُ الناسِ على الدين أَطرًا، وحملُهم عليه قَسرًا، قال الله تعالى: (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ) [الشورى: 48]، وقال تعالى: (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) [البقرة: 272].

 وتبلُغُ المسؤولية أوجَها في نشرِ هذا الدين على المسلمِ المُغترِب في بلادِ غيرِ المسلمين، سواءٌ كان سفيرًا، أو مُبتعثًا، أو تاجرًا، أو عامِلاً، فمهمةُ نشرِ الإسلام من أعظمِ الفضائل وأجلِّ المراتب.

قال الله تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [فصلت: 33].

 وقالَ – صلى الله عليه وسلم -: «لأَنْ يهدِيَ الله بك رجلاً واحدًا خيرٌ لك من أن يكونَ لك حُمْر النَّعَم».

 ونستطيعُ أن نُؤكِّد بأن العُنصر الأبرَزَ في انتشارِ الإسلام على يدِ سلَفِ الأمة سيرتُهم النقيَّة في فتُوحِهم، وعدلُهم في أحكامهم، وسلوكُهم تديُّنًا وورَعًا واستقامةً، وفي مقدمةِ أولئك: قادَةُ الفتحِ الإسلامي وجنودُه، الذين كانوا دُعاةً ولم يكونوا غُزاةً، اتَّصَفَ أولئك الذين نشروا الإسلام بسلامةِ القلب، وطهارةِ النفس، ونُبلِ المشاعر، وكان كلُّ فردٍ منهم ينبوعًا يفيضُ بالخيرِ والرحمة، ويتدفَّقُ بالنفعِ والبركة.

أكثرُ وسائلِ التأثير في نشرِ الإسلام – عباد الله -: إيصالُ القرآن الكريم إلى أسماع البشَر، وفي هذه الآية تأكيدٌ على أهميةِ إسماعِ القرآن الكريم للمُشركين، قالَ اللهُ تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ) [التوبة: 6].

 ويعلَمُ المُهتمُّون بنشرِ الإسلام أهميةَ الإعلامِ الحديث، واستِثمار وسائل التقدُّم التقنِيِّ في نشر الدعوة، ورغم تقصيرِنا في نشر الإسلام، إلا أن الله سخَّرَ هذه المنابرَ الإعلامية الفاعِلَة والمُؤثِّرة، إن أحسَنَ المَعنيُّون استخدامَها عالميًّا لإبرازِ سماحةَ الإسلام ويُسْره، والتصدِّي لمن يُحاوِلُ تشويهَ صُورته وتحجِيره.

الخطبة الثانية : 

 عباد الله : تنبأ مركز لأبحاث التغيرات الديموغرافية في الديانات الكبرى أن يُصبح الإسلام أكثر الديانات انتشاراً في العالم بحلول سنة 2070وأكد المركز أن الإسلام هو الديانة الوحيدة في العالم التي تنتشر أسرع من وتيرة نمو سكان العالم.

توقع مركز "بيو" الأمريكي لأبحاث التغيرات الديموغرافية في الديانات الكبرى أن يصبح الإسلام أكثر الديانات انتشار في العالم بحلول سنة 2070، وأضاف أن الإسلام الديانة الوحيدة في العالم التي تنتشر بوتيرة أسرع من وتيرة نمو سكان العالم، وفق ما أشار إليه موقع جريدة "تلغراف" البريطانية.

وأوضح المركز الأمريكي أن عدد السكان المسلمين سينمو بنسبة 73 في المائة بين عامي 2010 و2050، بالمقارنة مع 35 في المائة لدى المسيحيين - ثاني أسرع ديانة نمواً في العالم.

وأضاف "بيو" أن الإسلام يجذب الكثير من الشباب، وهو ما يعني أن لديهم المزيد من سنوات الإنجاب، فيما توقع نفس المركز أن يشهد عدد المسيحيين تراجعاً، إذ يتزايد عدد الأشخاص غير الدينيين أو الذين يُغيرون دينهم، وأردف "بيو" أن من المحتمل أن يدخل حوالي 40 مليون شخص إلى المسيحية، غير أن 106 مليوناً من أتباع المسيحية في العالم سيتركونها، حسب نفس المصدر.

 ولا يخفَى أن الإسلامَ يتعرَّضُ بين الفَينَة والأخرى لتشويهٍ مَقيتٍ، وتزييفٍ ظالمٍ، وإلصاقِ تُهمة العنف والإرهاب به وبأتباعه، عبر صُورٍ كرتونية، ولقطاتٍ إعلامية؛ لتخويفِ الناس من الدين الإسلامي، وأنه منبَعُ الرِّيبة والرجعيَّةِ والتخلُّفِ والسلبيَّة، وكلُّ ذلك لا يُغيِّرُ من حقيقةِ الإسلام، ولا يَفُتُّ في عضُدِ أبنائه، ولا يُطفِئُ نورَه الوضَّاء، وجمالَه المُشرِق، قال الله تعالى(يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [الصف: 8]، وقال تعالى: (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [التوبة: 32].

 زعمُوا زُورًا وبهتانًا أن الإسلامَ انتشرَ بالسيف، والإسلامُ لم يُكرِه أحدًا على تغييرِ عقيدته؛ بل إنَّ التاريخَ يُسجِّلُ ويشهَدُ بمِدادِ الحقِّ والإنصافِ أن الإسلامَ انتشَرَ بالبُرهانِ الساطِع، والدليل الناصِع، والسماحَة والعدلِ، قالَ اللهُ تعالى (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) [البقرة: 256]، وقال تعالى: (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) [يونس: 99].

وهذه الاحصائيات البسيطة التي ذكرناها خير مثال على انتشار الاسلام ، والارقام لها دلالات واضحة لا تخطئ وخاصة ان كانت من مراكز ابحاث اعداء هذا الدين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق