( غض البصر )
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَجِدُّوا وَاجْتَهِدُوا ؛ فَإِنَّ سِلْعَةَ اللهِ تَعَالَى غَالِيَةٌ، وَإِنَّهَا تُنَالُ بِالإِيمَانِ وَالعَمَلِ الصَّالِحِ، حَافِظُوا عَلَى الفَرَائِضِ، وَأَتْبِعُوهَا بِالنَّوَافِلِ، لاَزِمُوا المَسَاجِدَ، وَلاَ تُفَارِقُوا المَصَاحِفَ، أَطْعِمُوا الطَّعَامَ، ، وَابْذُلُوا الإِحْسَانَ، وَأَكْثِرُوا مِنَ البِرِّ، وَاحْتَسِبُوا الأَجْرَ؛ [وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ إِنَّ اللهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ] {البقرة:110}.}.
وَمِنَ التَّقْوَى حِفْظُ الأَبْصَارِ عَنِ رُؤْيَةِ الحَرَامِ، وَحِفْظُ الأَسْمَاعِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَمَعْصِيَةُ النَّظَرِ إِلَى الحَرَامِ تَكَادُ تَكُونُ المَعْصِيَةَ الأَكْثَرَ وُقُوعًا فِي هَذَا الزَّمَنِ، بَلْ هِيَ الأَكْثَرُ، وَيَقْتَرِنُ بِهَا فِي الغَالِبِ مَعْصِيَةُ سَمَاعِ الحَرَامِ، وَإِنْ كَانَ النَّظَرُ إِلَى الحَرَامِ أَكْثَرَ مِنْ سَمَاعِهِ.
إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ فَتَحَ لِلْبَشَرِيَّةِ وَسَائِلَ الاتِّصَالِ، وَهَيَّأَ لَهُمْ غَزْوَ الفَضَاءِ بِالأَقْمَارِ الصِّنَاعِيَّةِ الَّتِي كَانَتْ فَتْحًا عَظِيمًا فِي البَثِّ المُبَاشِرِ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ فِي الأَرْضِ، فَهَبَطَتْ مِئَاتُ القَنَوَاتِ مِنَ الفَضَاءِ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، وَصَارَ كُلُّ شَيْءٍ يُعْرَضُ فِيهَا، وَلاَ يُمْكِنُ الرَّقَابَةُ عَلَيْهَا، وَلِأَنَّ النِّظَامَ العَالَمِيَّ إِلْحَادِيُّ التَّأْصِيلِ، عَلْمَانِيُّ النَّشْأَةِ، شَهْوَانِيُّ الغَايَةِ؛ صَارَ مَا يُعْرَضُ فِي الفَضَاءِ، وَيَصِلُ إِلَى النَّاسِ فِي البُيُوتِ مُرْتَكِزًا عَلَى تَرْفِيهِ الإِنْسَانِ بِالحَلَالِ وَالحَرَامِ، فَشَرُّهُ بَحْرٌ مُظْلِمٌ كَبِيرٌ، وَخَيْرُهُ قَطَرَاتٌ فِي ذَلِكَ البَحْرِ المُنْتِنِ، وَعَظُمَتْ بِهَذَا الفَتْحِ مَعْصِيَةُ النَّظَرِ إِلَى الحَرَامِ، وَاقْتَحَمَتْ عَلَى النَّاس غُرَفَهُمْ.
وَالعَاكِفُونَ عَلَى الشَّاشَاتِ لاَ تَكَادُ تَمُرُّ عَلَيْهِمْ لَحْظَةٌ لاَ يَقَعُونَ فِيهَا فِي مَعْصِيَةِ النَّظَرِ إِلَى مَا حَرَّمَ اللهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ القَنَوَاتِ مَمْلُوءَةٌ بِذَلِكَ، فِي البَرَامِجِ الجَادَّةِ وَالهَازِلَةِ، وَالأَفْلاَمِ وَالمُسَلْسَلاَتِ وَالدِّعَايَاتِ الإِعْلانِيَّةِ، بَلْ حَتَّى أَخْبَارُ المَذَابِحِ وَالمَجَازِرِ تُلْقِيهَا عَلَى المُشَاهِدِينَ امْرَأةٌ جَمِيلَةٌ سَافِرَةٌ فِي أَبْهَى حُلَّتِهَا، وَمُنْتَهَى زِينَتِهَا، وَأَلِفَ النَّاسُ النَّظَرَ إِلَى الحَرَامِ، وَصَارَ جُزْءًا مِنْ عَيْشِهِمْ فَاقَ فِي كَثْرَتِهِ طَعَامَهُمْ وَشَرَابَهُمْ، وَنَافَسَ هَوَاءَهُمْ.
ثُمَّ جَاءَتِ الشَّبَكَةُ الْعَنْكَبُوتِيَّةُ فَعُرِضَتْ فِيهَا مَلَايِينُ الْمَقَاطِعِ وَالصُّوَرِ، وَأُتِيحَتْ لِكُلِّ أَحَدٍ فِي جِهَازِهِ الْخَاصِّ، فَعَظُمَتْ مَعْصِيَةُ النَّظَرِ الْمُحَرَّمِ وَاتَّسَعَتْ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَجِدُهُ الْمَرْءُ فِي الْفَضَائِيَّاتِ صَارَ يَجِدُهُ فِي جِهَازِهِ الْخَاصِّ، وَمَا يَسْتَحِي أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْهِ أَمَامَ النَّاسِ يُبْصِرُهُ وَحْدَهُ.
ثُمَّ جَاءَتِ الْهَوَاتِفُ الذَّكِيَّةُ فَاتَّسَعَتْ مَعْصِيَةُ النَّظَرِ إِلَى الحَرَامِ اتِّسَاعًا عَظِيمًا حَتَّى دَخَلَتْ مَعَ النَّاسِ دُورَ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ، وَأَمَاكِنَ التَّبَتُّلِ وَالْعِبَادَةِ؛ لَأَنَّهُ يَحْمِلُ جِهَازَهُ فِي جَيْبِهِ، وَتَأْتِيهِ الْمَقَاطِعُ فِي كُلِّ وَقْتٍ حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ!
إِنَّ مَنْ يُحَاوِلُ أَنْ يُحْصِيَ كَمْ يَقَعُ الْوَاحِدُ مِنَ النَّاسِ فِي مَعْصِيَةِ النَّظَرِ الحَرَامِ فِي يَوْمِهِ وَلَيْلَتِهِ لَيَغْبِطُ مَنِ ابْتُلُوا بِفَقْدِ أَبْصَارِهِمْ؛ إِذْ عُصِمُوا مِنَ هَذَا الْبَلَاءِ الَّذِي عَمَّ وَطَمَّ، وَلَمْ يَتْرُكْ أَحَدًا إِلَّا وَقَعَ فِيهِ. حَتىَّ قَارِئُ الْقُرْآنِ لَا يُجَاوِزُ آيَاتٍ مَعْدُودَةً إِلَّا وَيُخْرِجُ جِهَازَهُ مِنْ جَيْبِهِ بِسَبِبِ رِسَالَةٍ جَاءَتْهُ فَيَتْرُكُ المُصْحَفَ وَيُقْبِلُ عَلَى النَّظَرِ فِيهِ، وَقَدْ يَقَعُ فِي مَعْصِيَةِ النَّظَرِ وَمُصْحَفُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
إِنَّ اللهَ تَعَالَى حِينَ امْتَنَّ عَلَى العَبْدِ بِنِعْمَةِ الإِبْصَارِ، طَالَبَهُ بِالشُّكْرِ؛ [وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ] {النحل:78}، [وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ] {المؤمنون:78}.
وقال تعالى : ( قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ) (الملك:23) ، وشكر هذه النعمة من أوجب الواجبات على العبد ، حيث لا يكافئها عمل الليل والنهار وإن بلغ خمسمائة عام ،
وقد روي في الاثر : " إن لله عبداً عبد الله خمسمائة سنة ، على رأس جبل ، والبحر محيط به ، وأخرج له عيناً عذبة بعرض الأصبع ، تفيض بماء عذب ، وشجرة رمان تخرج كل ليلة رمانة ، فيتغذى بها ، فإذا أمسى نزل وأصاب من الوضوء ، ثم قام لصلاته ، فسأل ربه أن يقبضه ساجداً ، وأن لا يجعل للأرض ولا لشيء يفسده عليه سبيلاً حتى يبعث ساجدا ، فيؤتي به يوم القيامة فيوقف بين يدي الله فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي ، فيقول : بل بعملي يا رب ، فيقول للملائكة : قايسوا عبدي بنعمتي عليه وبعمله ، فتوزن ، فتوجد نعمة البصر قد أحاطت بعبادة خمسمائة سنة ، وتبقى نعمة الجسد فضلا عليه ، فيقول : ادخلوه النار ، فينادي : يا رب برحمتك ، فيقول : ردوه ، فيوقف بين يديه ، فيقول : من خلقك ولم تك شيئا ؟ ، فيقول : أنت يا رب ، فيقول : أكان ذلك من قبلك أم برحمتي ؟ ، فيقول : برحمتك ، فيقول : أدخلوه الجنة برحمتي )
اذا عُلم هذا أخواني وأخواتي – بارك الله فيهم – تحتم علينا جميعاً أن نستحي من صاحب هذه النعمة ، وأن نراقبه فيها فلا ننظر إلى ما حرّم الله ، وأن نسخرها فيما يرضي الله عنا ، ونعلم أننا غداً سوف نُسئل عما رأيناه بأبصارنا قال تعالى : ( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)
إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَشْتَكُونَ قَسْوَةَ قُلُوبِهِمْ، وَشُرُودَهُمْ فِي صَلاَتِهِمْ، وَفَقْدَهُمْ حَلاَوَةَ قِرَاءَتِهِمْ، وَذَهَابَ لَذَّةِ الخُشُوعِ مِنْ قُلُوبِهِمْ، وَإِنَّ لِمَعْصِيَةِ النَّظَرِ أَثَرًا كَبِيرًا عَلَى القَلْبِ، فَقَدْ خَرِبَتِ القُلُوبُ بِإِدْمَانِ النَّظَرِ إِلَى المُحَرَّمَاتِ، يُشَاهِدُ الوَاحِدُ صُورَةَ امْرَأَةٍ أَوْ مَقْطَعًا تَمْثِيلِيًّا أَوْ خَلاَعِيًّا، فَيَعْلَقُ بِذِهْنِهِ، وَيَنْزِلُ أَثَرُهُ عَلَى قَلْبِهِ، فَيَصْدَأُ القَلْبُ مِنْ كَثْرَةِ مَا يَهْبِطُ عَلَيْهِ مِنْ أَقْذَارِ البَصَرِ الَّتِي يُشَاهِدُهَا، فَمَا عَادَ لِلْقُرْآنِ لَذَّةٌ، وَلاَ لِلصَّلاَةِ خُشُوعٌ.
وَمَعْصِيَةُ النَّظَرِ إِلَى المُحَرَّمَاتِ تُحِيطُ بِنَا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، فَبُيُوتُنَا مَلِيئَةٌ بِهَا، وَهِيَ فِي غُرَفِنَا، وَفِي جُيُوبِنَا لاَ تُفَارِقُنَا أَبَدًا، فَهَلْ نُعْلِنُ انْتِصَارَنَا عَلَى النَّظَرِ إِلَى المُحَرَّمَاتِ، وَنُوجِدُ الوَسَائِلَ الحَافِظَةَ لِأَبْصَارِنَا؛ لِتَصِحَّ قُلُوبُنَا، وَتَسْتَقِيمَ أَحْوَالُنَا، وَنَجِدَ لَذَّةً فِي عِبَادَتِنَا، وَحَلاَوَةً فِي مُنَاجَاةِ رَبِّنَا؟!
إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِغَضِّ الأَبْصَارِ فِي رَمَضَانَ وَغَيْرِهِ؛ [قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ] {النور:30}، وَفِي آيَةٍ أُخْرَى [وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ] {النور:31}، وَإِنَّ الاسْتِهَانَةَ بِالنَّظَرِ إِلَى امْرَأَةٍ سَافِرَةٍ فِي نَشْرَةٍ إِخْبَارِيَّةٍ، أَوْ مَقْطَعٍ فُكَاهِيٍّ، فِيهِ مُخَالَفَةٌ لِلْأَمْرِ الرَّبَّانِيِّ بِغَضِّ الأَبْصَارِ، فَكَيْفَ بِمَا هُوَ شَرٌّ مِنْ ذَلِكَ فِي أَغَانٍ مُصَوَّرَةٍ خَلِيعَةٍ، وَأَفْلاَمٍ وَمُسَلْسَلاَتٍ رَقِيعَةٍ؟! وَفِي رَمَضَانَ يَنْشَطُ أَهْلُ الشَّرِّ وَالحَرَامِ لِيُوقِعُوا النَّاسَ فِي مَعَاصِي النَّظَرِ، لِيَصِلَ أَثَرُهَا لِلْقُلُوبِ فَتَقْسُو، فَيَتَثَاقَلُ أَصْحَابُهَا عَنِ الطَّاعَاتِ.
يَقُولُ أَبُو الحُسَيْنِ الوَرَّاقُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:مَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مُحَرَّمٍ أَوْرَثَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ حِكْمَةً عَلَى لِسَانِهِ يَهْدِي بِهَا سَامِعُوهُ وَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ شُبْهَةٍ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ بِنُورٍ يَهْتَدِي بِهِ إِلَى طَرِيقِ مَرْضَاتِهِ.
عَلَّقَ عَلَى ذَلِكَ الإِمَامُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فَقَالَ: وَهَذَا لِأَنَّ الجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ العَمَلِ، فَإِذَا كَانَ النَّظَرُ إِلَى مَحْبُوبٍ فَتَرَكَهُ للهِ عَوَّضَهُ اللهُ مَا هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْهُ،
إِنَّ قُلُوبَنَا مُحْتَاجَةٌ إِلَى إِصْلاَحِ خَلَلِهَا، وَتَلْيِينِ قَسْوَتِهَا، وَتَطْهِيرِهَا مِمَّا عَلِقَ بِهَا، ؛ فَلْنَعْمُرْ قُلُوبَنَا بِحُبِّ اللهِ تَعَالَى وَمَحَبَّةِ مَا يُحِبُّهُ، وَكَرَاهِيَةِ مَا يَبْغِضُهُ، يَقُولُ الحَسَنُ بْنُ مُجَاهِدٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: غَضُّ البَصَرِ عَنْ مَحَارِمِ اللهِ يُورِثُ حُبَّ اللهِ تَعَالَى.
وَالقَلْبُ إِنَّمَا يَصِحُّ وَيَصْلُحُ بِحُبِّ اللهِ تَعَالَى وَلَوْ خَالَفَ الإِنْسَانُ هَوَى قَلْبِهِ؛ وَإِنَّمَا تَفْسُدُ القُلُوبُ بِاتِّبَاعِ أَهْوَائِهَا وَلَوْ خَالَفَتْ مَرْضَاةَ اللهِ تَعَالَى، قَالَ خَالِدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:«لاَ تُتْبِعَنَّ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَرُبَّمَا نَظَرَ العَبْدُ نَظْرَةً نَغَلَ مِنْهَا قَلْبُهُ كَمَا يَنْغُلُ الأَدِيمُ فَلاَ يَنْتَفِعُ بِهِ»؛ أَيْ: يَفْسُدُ فَسَادًا لاَ صَلاَحَ بَعْدَهُ،
وَقَالَ العَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: «لاَ تُتْبِعء بَصَرَكَ رِدَاءَ امْرَأَةْ فَإِنَّ النَّظْرَةَ تَجْعَلُ فِي القَلْبِ شَهْوَةً»،
وقال الإِمْامُ أَحْمَدُ :" كَمْ نَظْرَةً قَدْ أَلْقَتْ فِي قَلْبِ صَاحِبِهَا البَلاَبِلَ».
كل الحوادث مبداهـا من النظـر ******* ومعظم النّار من مستصغر الشررِ
كـم نظرةٍ بلغت من قلبِ صاحبها ******* كمبلغ السهم بـلا قوسٍ ولا وترِ
والعبـد ما دام ذا طـرفٍ يُقلّبـه ******* في أعين الغيدِ موقوفٌ على الخطرِ
يسـرُ مقلتَه مـا ضـرَّ مُهجتـَه ****** لا مرحبًا بسـرورٍ عاد بالضررِ
كـم نظرةٍ بلغت من قلبِ صاحبها ******* كمبلغ السهم بـلا قوسٍ ولا وترِ
والعبـد ما دام ذا طـرفٍ يُقلّبـه ******* في أعين الغيدِ موقوفٌ على الخطرِ
يسـرُ مقلتَه مـا ضـرَّ مُهجتـَه ****** لا مرحبًا بسـرورٍ عاد بالضررِ
كُلُّ هَذِه الآثَارُ عَنِ السَّلَفِ لَتَدُلُّ عَلَى خَطَرِ النَّظَرِ إِلَى المُحَرَّمَاتِ، وَمَا يُسَبِّبُهُ مِنْ فَسَادِ القَلْبِ، فَمَنْ أَرَادَ صَلاحَ قَلْبِهِ فَلْيَجْتَنِبِ المُحَرَّمَاتِ، وَلْيَغُضَّ بَصَرَهُ عَنْهَا، وَلْيَحْفَظْ سَمْعَهُ مِنْهَا، وَلَوْ مَكَثَ أَكْثَرَ وَقْتِهِ فِي المَسْجِدِ لِئَلاَّ يُشَاهِدَ المُحَرَّمَاتِ،
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي القُرْآنِ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ :
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَأَكْثِرُوا مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَنَافِسُوا عَلَى الدَّارِ البَاقِيَةِ، وَلاَ تَغُرَّنَّكُمْ الفَانِيَةُ[يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الغَرُورُ] {فاطر:5}.
وليعلم أن الأمر بغض البصر – كما تقدم الإشارة إليه – عام للرجال والنساء ، فالمرأة مأمورة بغض بصرها عن محارم الله تعالى ، وعن الصور والأفلام ، وقد أجمع العلماء على حرمة نظر النساء للرجال بشهوة ، واختلفوا في مجرد الرؤية بدون شهوة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ( 15/396) : ( وقد ذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب من الرجال بشهوة )
فكيف بحال من : تعشق صور مشاهير الرجال ، وتتمعن في جمال هذا وذاك ، وتراهن على أن زيداً أجمل من عمرو ، وربما علّقت صورته في بيتها أو حفظتها في جهاز الكمبيوتر وجعلتها خلفية لشاشتها أو رمزاً لتوقيعها !! ، أو على شاشة هاتفها الجوال ، وغير ذلك من سخافات العقول قبل أن تكون مصادمة المنقول ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم .
فكيف بحال من : تعشق صور مشاهير الرجال ، وتتمعن في جمال هذا وذاك ، وتراهن على أن زيداً أجمل من عمرو ، وربما علّقت صورته في بيتها أو حفظتها في جهاز الكمبيوتر وجعلتها خلفية لشاشتها أو رمزاً لتوقيعها !! ، أو على شاشة هاتفها الجوال ، وغير ذلك من سخافات العقول قبل أن تكون مصادمة المنقول ، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله العظيم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق