الخُطْبَةُ الأُولَى
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ الْحُسْنَى الثَّابِتَةِ بِصَحِيحِ السُّنَّةِ: الْمَنَّانُ، الَّذِي كَثُرَ عَطَاؤُهُ، وَعَظُمَتْ مَوَاهِبُهُ، وَوَسِعَ إِحْسَانُهُ، وَكَرُمَ مَنُّهُ؛ يَدُرُّ بِالْعَطَايَا، وَيَدْفَعُ الْبَلاَيَا، يُجِيبُ دَعَوَاتِ الْمُضْطَرِّينَ، وَيَكْشِفُ كُرُبَاتِ الْمَكْرُوبِينَ، رَحْمَتُهُ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ، وَبِرُّهُ وَلُطْفُهُ فِي كُلِّ حِيٍّ.
وكَذَلِكَ التَّوَّابُ مِنْ أَوْصَافِهِ وَالتَّوْبُ فِي أَوْصَافِهِ نَوْعَانِ
إِذْنٌ بِتوْبَةِ عَبْدِهِ وَقَبُولُها بَعْدَ الْمَتَابِ بِمِنَّةِ المَنَانِ
جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِيِ دَاودَ، عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: «أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَرَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى» [صححه الألباني].
وَمِنْ عَظِيمِ مَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَعَطَائِهِ سُبْحَانَهُ: هِدَايَةُ عِبَادِهِ إِلَى سَبِيلِ دَارِ السَّلاَمِ، وَحِمَايَتُهُمْ مِنَ الْوُقُوعِ فِي الآثَامِ؛ حَيْثُ حَبَّبَ إِلَيْهِمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِهِمْ، وَكَرَّهَ إِلَيْهِمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ؛ هَدَاهُمْ لِهَذَا الدِّينِ الْعَظِيمِ وَأَنْقَذَهُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الشِّرْكِ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [الْحُجُرَاتِ: 17].
وَمِنْ عَظِيمِ مَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَعَطَائِهِ سُبْحَانَهُ: مَا مَنَّ بِهِ عَلَى الأُمَمِ بِبَعْثِ الرُّسُلِ لَهُمْ، وَخَصَّ هَذِهِ الأُمَّةَ بِصَفْوَتِهِمْ وَخَيْرِهِمْ وَخَاتَمِهِمْ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾ [آل عِمْرَانَ: 164].
وَمِنْ عَظِيمِ مَنِّهِ وَكَرَمِهِ وَعَطَائِهِ سُبْحَانَهُ: مَا مَنَّ بِهِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ بِالتَّمْكِينِ ، وَلِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ بِالنَّصْرِ الْمُبِينِ ؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَىٰ مُوسَىٰ وَهَارُونَ * وَنَجَّيْنَاهُمَا وَقَوْمَهُمَا مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ * وَنَصَرْنَاهُمْ فَكَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * وَآتَيْنَاهُمَا الْكِتَابَ الْمُسْتَبِينَ * وَهَدَيْنَاهُمَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ [الصافات: 115 – 118].
وَاللَّهُ جَلَّ وَعَلَا أَحَقُّ مَنْ عُبِدَ وَشُكِر وَذُكِرَ، فَنَعِيمُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ دَائِمٌ مُتَوَاصِلٌ إِلَى دُخُولِ الْجَنَّةِ؛ نَعِيمُهُ لِأَوْلِيَائِهِ فِي الدُّنْيَا: بِالْهِدَايَةِ وَالْحِفْظِ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالنَّجَاةِ مِنَ النَّارِ، وَالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ * إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾ [الطُّورِ: 26-28].
وَإن مِنَ الآثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ اسْمِ اللهِ الْمَنَّانِ: الْبُعْدُ عَنْ صِفَةِ الْمِنَّةِ عَلَى الْخَلْقِ؛ لأَنَّ اللهَ هُوَ الْمَانُّ حَقِيقَةً؛
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ -رَحِمَهُ اللهُ- فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 262]
قَالَ: يَمْدَحُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي سَبِيلِهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالصَّدَقَاتِ مَنًّا عَلَى مَنْ أَعْطَوْهُ! فَلاَ يَمُنُّونَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ ، وَلاَ يَمُنُّونَ بِهِ لاَ بِقَوْلٍ وَلاَ بِفِعْلٍ،
وَقَوْلُهُ: ﴿وَلَا أَذًى﴾ أَيْ: لاَ يَفْعَلُونَ مَعَ مَنْ أَحْسَنُوا إِلَيْهِ مَكْرُوهًا، يُحْبِطُونَ بِهِ مَا سَلَفَ مِنَ الإِحْسَانِ،
ثُمَّ وَعَدَهُمُ اللهُ تَعَالَى الْجَزَاءَ الْجَزِيلَ عَلَى ذَلِكَ، فَقَالَ: ﴿لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ﴾ أَيْ: ثَوَابُهُمْ عَلَى اللهِ، لاَ عَلَى أَحَدٍ سِوَاهُ، قَالَ : ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾ أَيْ: فِيمَا يَسْتَقْبِلُونَهُ مِنْ أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ : ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ أَيْ: عَلَى مَا خَلَّفُوهُ مِنَ الأَوْلاَدِ، وَلاَ مَا فَاتَهُمْ مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزَهْرَتِهَا !
لاَ يَأْسَفُونَ عَلَيْهَا؛ لأَنَّهُمْ قَدْ صَارُوا إِلَى مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ. انْتَهَى كَلاَمُهُ رَحِمَهُ اللهُ.
وَمِنَ الآثَارِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَى مَعْرِفَةِ اسْمِ اللهِ الْمَنَّانِ:
الاِتِّصَافُ بِصِفَةِ السَّخَاءِ وَالْجُودِ وَالْكَرَمِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ عُمُومًا، وَمَعَ أَصْحَابِ الْعِوَزِ وَالْحَاجَةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ، وَتَجَنُّبُ الْمَنِّ بِالْعَطِيَّةِ وَرُؤْيَةِ النَّفْسِ ، وَالتَّعَالِي عَلَى الْفُقَرَاءِ بِالْمَنِّ عَلَيْهِمْ؛
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ثَلاَثَةٌ لاَ يُكَلِّمُهُمُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ. وَعَدَّ مِنْهُمُ الْمَنَّانَ» [ رواه مسلم ].
الخطبة الثانية :
عبادَ اللهِ: اتَّقُوا اللهَ تعالى ، واعلموا أَنَّ كُلَّ يومٍ تُدْرِكُونَه في هذه الدنيا الفانيةِ والظِّلِّ الزائِل غَنِيمَةٌ لَكُم، تَتَزَوَّدون فيهِ من الطاعاتِ، وتُحاسِبونَ فيهِ أنفُسَكُم، وتَسْتَدْرِكونَ فيه شيئاً مِمَّا فاتَكُم، خُصُوصاً عندما تُدْرِكونَ الأزمِنَةَ التي يكونُ للطاعةِ فيها مَزيَّةٌ عن غيرِها ، وَمِنْ تلكُمُ الأزمِنَةِ شَهْرُ شعبانَ ، فإنه بِمُجَرَّدِ دُخُولِه تَبْدأُ القُلُوبُ الحَيَّةُ تَتَحَرَّكُ شوقاً لِسَيِّدِ الشُهُورِ وأفضلِها ، شهْرِ رمضان .
وكانت العربُ تُسَمِّي شهرَ شعبانَ بهذا الاسمِ ؛ لأنَّه يأتي بعدَ شهرِ رجبَ ، وشَهْرُ رجَبَ مِنَ الأشهُرِ الحُرُمِ ، حيثُ كانوا يَتَوَقَّفونَ فيه عن القتالِ ، لأنَّ العربَ كانت تُعَظِّمُ الأشهُرَ الحُرُمَ فلا تُقاتلُ فيه ، فإذا انقضى شهرُ رَجَبَ ، خرجُوا وتَشَعَّبُوا وتفرَّقُوا في القبائِل مِنْ أجْلِ الغاراتِ والقتالِ ، فَمَنَّ اللهُ عليِهِم بهذا الدينِ ، وبِبِعْثَةِ محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام ، فتَغَيَّرتْ نَظْرَتُهُم لِهذا الشهرِ ، حيثُ صارَ مَوْسِماً للعبادةِ والتزَوُّدِ من الطاعةِ والاستعداد لِشَهرِ الخيرِ والرحمةِ.
ويتعلَّقُ بشهرِ شعبانَ بَعْضُ الأمورِ التي ينبغي معرفتُها :
أوَّلُها: رَفْعُ أعمالِ العِبَادِ ، كما قالَ رسولُ اللهِ عليه الصلاة والسلام " ( ذلك شهرٌ يَغْفَلُ الناسُ عنه بينَ رجبَ ورمضانَ ، وهو شهرٌ تُرْفَعُ فيه الأعمالُ إلى ربِّ العالمين» حسنه الألباني.
ثانيا: الصيامُ، فقد ثَبَتَ في السُّنَّةِ ما يَدُلُّ على عنايةِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام بالصيامِ في هذا الشهرِ ،
كما في الصحيحين من حديثِ عائشةَ رضي اللهُ عنها ، أنَّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام : ( كان يصومُ شعبانَ كلَّه »، وفي روايةٍ لمسلمٍ: «كان يصوم شعبانَ إلا قليلا»، ،
ثالثا: أَنَّ مِنْ أسبابِ العنايَةِ بِصِيامِ شهرِ شعبانَ أَنَّه شهرٌ يغفلُ الناسُ فيه، وهذا يَدُلُّ على استحبابِ عِمارةِ أوقاتِ غَفْلَةِ الناسِ بالطاعةِ، كما كان طائفةٌ مِنَ السلفِ يَسْتَحِبُّون إحياءَ ما بينَ المغرِبِ والعِشاءِ بالصلاةِ، ويقولون هي ساعةُ غَفْلَةٍ، ومِثْلُ ذلكَ استحبابُ ذكرِ اللهِ تعالى في السُّوقِ، لأنه ذِكْرٌ في مَوْطِنٍ تكثُرُ فيه الغفلة، وكذلك قيامُ الليلِ، فإنَّ أجْرَهْ عظيمٌ، لأنَّه وَقْتُ النومِ والراحةِ والغَفْلَةِ عن العبادةِ وكذلك صلاة الضحى وقت انشغال الناس في أعمالهم وتجاراتهم .
كُلُّ ذلك يَدُلُّ على أنَّ العملَ الصالحَ في أوقاتِ الغَفْلَةِ أشَقُّ على النُّفُوسِ، والسبَبُ في ذلك هو أن العملَ إذا كَثُرَ المشاركونَ فيه سَهُل، وإذا كَثُرَت الغَفَلاتُ شَقَّ ذلك على المُتَيَقِّظِين .
ويَنْبَغِي التنبيهُ على أَمْرٍ مُهِمٍّ، وهو أنَّ بعضَ المسلمينَ يتساهَلُ في قضاءِ رمضانَ، حتى يضيقَ عليه الوقتُ ، فلا يَتَمَكَّنُ من قضاءِ ما عليه من أيامٍ، ومِنَ المعلومِ أَنَّه لا يجوزُ للمسلِمِ أنْ يُؤَخِّرَ القضاءَ إلى أنْ يُدْرِكَه رمضانُ الآخرُ إلا لِعُذرٍ ، فَإِنْ أَخَّرَ القضاءَ بِلا عُذْرٍ فَيَجِبُ عليه مع التوبةِ والقضاءِ ؛ أَنْ يُطْعِمَ عَن كُلِّ يومٍ أَخَّرَهُ مِسكيناً.
أَمَّا بَعْدُ عَبَادَ اللهِ: فَاتَّقُوا اللهَ I وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاعْلَمُوا -رَحِمَكُمْ اللهُ- أن مِنَ الأمورِ التي ذكَرَها أهلُ العلمِ فيما يتعلَّقُ بِشَهْرِ شعبان ؛ ما يُرْوَى عنِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام أنَّه قالَ : «إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ» أخرجه ابنُ ماجَهْ ، وروى البيهقيُّ عن أبي ثعلبةَ الخُشَنيِّ قال رَسُولُ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام : ( إذا كان ليلةُ النصفِ مِن شعبانَ اطَّلَعَ اللهُ إلى خلقِه فيغفرُ للمؤمنين ويُمْلِي للكافرين ، ويَدَعُ أهلَ الحِقدِ بِحِقدِهِم حتى يَدَعُوه» ، فيجبُ على المسلمِ أنْ يحذَرَ من هذه الذنوبِ الثلاثةِ الخطيرةِ : الشركُ ، والشحناءُ ، والحِقدُ .
وأما ما وردَ مِنْ مَشروعيةِ صيامِ النصفِ من شعبانَ، أو أحياءِ ليلةِ النصفِ مِنْهُ بالقيامِ والتلاوةِ والدعاءِ ؛ فَلَمْ يثبتْ فيه شيءٌ عن النبيِّ عليه الصلاة والسلام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق