إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الخميس، 17 يونيو 2021

الحليم

  الحليم 

الخطبة الأولى:

 عِبَادَ اللَّهِ: جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الْحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ؛ فَجَذَبَهُ جَذْبَةً شَدِيدَةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عُنُقِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَقَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ؟ فَالْتَفَتُّ إِلَيْهِ فَضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِالْعَطَاءِ".

 هَذَا حِلْمُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ بَشَرٌ؛ فَكَيْفَ بِحِلْمِ اللَّهِ رَبِّ الْبَشَرِ -جَلَّ وَعَلَا-؟! وَهُوَ الْقَائِلُ عَنْ نَفْسِهِ سبحانه : وَكَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)[الْإِسْرَاءِ: 44].

 مَا أَحْلَمَ اللَّهَ! وَمَا أَكْرَمَهُ! رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- ذُو الصَّفْحِ وَالْأَنَاةِ؛ الَّذِي لَا يَسْتَفِزُّهُ غَضَبٌ، وَلَا يَسْتَخِفُّهُ جَهْلُ جَاهِلٍ، وَلَا عِصْيَانُ عَاصٍ، لَا يَعْجَلُ عَلَى عِبَادِهِ بِعُقُوبَتِهِمْ عَلَى شِرْكِهِمْ وَكُفْرِهِمْ بِهِ، وَعَلَى كَثْرَةِ ذُنُوبِهِمْ.

 فَمَنْ أَعْظَمُ مِنْهُ حِلْمًا؟! الْخَلَائِقُ لَهُ عَاصُونَ؛ وَهُوَ لَهُمْ مُرَاقِبٌ، يَكْلَؤُهُمْ فِي مَضَاجِعِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْصُوهُ، وَيَتَوَلَّى حِفْظَهُمْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يُذْنِبُوا، يَجُودُ بِالْفَضْلِ عَلَى الْعَاصِي، وَيَتَفَضَّلُ عَلَى الْمُسِيءِ.

 يَقُومُ الْمُضْطَرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُوَ عَاصٍ وَمُذْنِبٌ؛ فَيَسْتَجِيبُ لَهُ، وَيَسْأَلُهُ فَيُعْطِيهِ؛ (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 65].

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: "(حَلِيمٌ) يَعْنِى: أَنَّهُ ذُو أَنَاةٍ لَا يَعْجَلُ عَلَى عِبَادِهِ بَعُقُوبَتِهِم عَلَى ذُنُوبِهِم"

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مَا أَحْلَمَهُ! فَهُوَ ذُو الْفَضْلِ وَمِنْهُ الْفَضْلُ، وَهُوَ الْجَوَادُ وَمِنْهُ الْجُودُ، وَهُوَ الْحَلِيمُ، وَمِنْهُ الْحِلْمُ.

 وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّهُ قَالَ : "مَا أَحَدٌ أَصْبَرَ عَلَى أَذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللَّهِ -تَعَالَى-؛ إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ نِدًّا وَيَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا، وَهُوَ -مَعَ ذَلِكَ- يَرْزُقُهُمْ، وَيُعَافِيهِمْ، وَيُعْطِيهِمْ"(هَذَا لَفْظُ مُسْلِمٍ).

 أَلَمْ يَتَجَرَّأِ الْيَهُودُ -كَعَادَتِهِمْ- فِي قِلَّةِ الْحَيَاءِ، وَسُوءِ الْأَدَبِ، وَشَنَاعَةِ الْأَعْمَالِ، وَوَقَاحَةِ الْأَقْوَالِ؛ فَقَالُوا: إِنَّ عُزَيْرًا ابْنُ اللَّهِ ) ؟! أَلَمْ يَقُل النصارى : إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ) ؟! أَلَمْ يَقل اليهود : إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ) ؟! أَلَمْ يَقُولُوا: يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ) ؟! أَلَمْ يَقْتُلُوا الْأَنْبِيَاءَ؟

 وَهَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضِ! وَمَعَ هَذَا -كُلِّهُ- نَادَاهُمُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ)[الْمَائِدَةِ: 74].

 فَسُبْحَانَ اللَّهِ الْحَلِيمِ؛ يَخْلُقُ وَيُعْبَدُ غَيْرُهُ، وَيَرْزُقُ وَيُشْكَرُ سِوَاهُ، خَيْرُهُ لِلْعِبَادِ نَازِلٌ، وَشَرُّهُمْ إِلَيْهِ صَاعِدٌ، يَتَحَبَّبُ إِلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ، وَيَتَبَغَّضُونَ إِلَيْهِ بِالْمَعَاصِي وَهُمْ أَفْقَرُ شَيْءٍ إِلَيْهِ؛ (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ)[النَّحْلِ: 61]،

(وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا)[الْكَهْفِ: 58].

 فَتَحَ اللَّهُ بَابَ الرَّجَاءِ وَعَدَمِ الْيَأْسِ مِنْ رَحْمَتِهِ، وَأَمَرَ بِالتَّوْبَةِ؛ لِذَا اقْتَرَنَ اسْمُهُ: "الْحَلِيمُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-" بِاسْمِهِ: "الْغَفُورِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-" فِي أَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ؛ (وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[الْبَقَرَةِ: 225]، 

وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[الْبَقَرَةِ: 235]، 

وَقَالَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)[آلِ عِمْرَانَ: 155]، 

 وَهُوَ الْحَلِيمُ فَلَا يُعَاجِلُ عَبْدَهُ *** بِعُقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ

 مَا أَحْـلَـمَ اللَّهَ! فَكَمْ مِنْ زَلَّةٍ سَتَرَهَا اللَّهُ عَلَيْكَ؟! وَكَمْ مِنْ ذَنْبٍ لَمْ يُؤَاخِذْكَ بِهِ؟! وَكَمْ مِنْ مَعْصِيَةٍ ارْتَكَبْتَهَا؛ وَهُوَ يُنَادِيكَ -وَهُوَ الْغَنِيُّ عَنْكَ؛ (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الْحِجْرِ: 49].

 وَلَكِنِ احْذَرْ مِنْ غَضَبِهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ لِأَنَّ الْحَلِيمَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يَقِفْ لِغَضَبِهِ شَيْءٌ، وَحِلْمُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- صَادِرٌ عَنْ قُوَّةٍ وَقُدْرَةٍ، وَاللَّهُ الْحَلِيمُ لَا يَغْضَبُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ الرَّحْمَةَ، وَلَا يَصْلُحُ فِي حَقِّهِ الْحِلْمُ؛ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُعْطَى الْمُهْلَةَ وَالْوَقْتَ الْكَافِيَ لِيَتُوبَ وَيُهْدَى؛ فَلَمْ يَسْتَجِبْ.

أَلَمْ تَسْمَعْ قَوْلَهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ)[الزُّخْرُفِ: 55]، وَقَوْلَهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ)[آلِ عِمْرَانَ: 11].

 وَقَدْ يَحْلُمُ اللَّهُ عَلَى الْكُفَّارِ وَيَرْزُقُهُمْ، وَلَا يَأْخُذُهُمْ بِعُقُوبَةٍ فِي الدُّنْيَا؛ لَكِنَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لَا يَتَأَنَّى بِهِمْ فِي الْآخِرَةِ، وَلَا يَصْفَحُ عَنْهُمْ؛ بَلْ تَسُوقُهُمُ الْمَلَائِكَةُ إِلَى النَّارِ؛ فَلَا يُقْبَلُ لَهُمْ رَجَاءٌ، وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ عذابا ؛ (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا)[مَرْيَمَ: 68-69]

( ويروى في احاديث بني إسرائيل ) أنه كان في بني إسرائيل شاب عبد الله تعالى عشرين سنة، ثم عصى الله عشرين سنة،
ثم نظر في المرآة فرأى الشيب في لحيته فساءه ذلك، فقال: اللهم أطعتك عشرين سنة، ثم عصيتك عشرين سنة، فإن رجعت إليك أتقبلني؟
فناداه منادي 

أحببتنا فأحببناك، وتركتنا فتركناك، وعصيتنا فأمهلناك، وإن رجعت إلينا قبلناك،

 الخطبة الثانية:

 عِبَادَ اللَّهِ: الْعَبْدُ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ بِالتَّخَلُّقِ بِهَذَا الْخُلُقِ الْكَرِيمِ؛ أَلَا وَهُوَ: صِفَةُ "الْحِلْمِ"؛ فَهُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى- "حَلِيمٌ" يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الْحُلَمَاءَ، كَرِيمٌ يُحِبُّ الْكُرَمَاءَ.

 أَلَا إِنَّ حِلْمَ الْمَرْءِ أَكْبَرُ نِسْبَةٍ *** يُسَامِي بِهَا عِنْدَ الْفَخَارِ كَرِيمُ

فَيَا رَبِّ هَبْ لِي مِنْكَ حِلْمًا فَإِنَّنِي *** أَرَى الْحِلْمَ لَمْ يَنْدَمْ عَلَيْهِ حَلِيمُ

 وَقَدْ أَثْنَى اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- عَلَى نَبِيِّهِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- بِقَوْلِهِ: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ)[هُودٍ: 75].

 وَهِيَ مِنْ صِفَاتِ إِسْمَاعِيلَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ-؛ (فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ)[الصَّافَّاتِ: 101].

 وَلِنَبِيِّنَا -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّصِيبُ الْأَوْفَرُ مِنْ هَذَا الْخُلُقِ؛ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: بَالَ أَعْرَابِيٌّ فِي الْمَسْجِدِ؛ فَقَامَ النَّاسُ إِلَيْهِ لِيَقَعُوا فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "دَعُوهُ، وَهَرِيقُوا عَلَى بَوْلِهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ، -أَوْ ذَنُوبًا مِنْ مَاءٍ-، فَإِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ"(هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ).

 وَمَدَحَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْأَشَجَّ بْنَ عَبْدِ الْقَيْسِ بِقَوْلِهِ: "إِنَّ فِيكَ لَـخَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمُ، وَالْأَنَاةُ"(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ).

 قَالَ أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: "دِعَامَةُ الْعَقْلِ: الْحِلْمُ، وَجِمَاعُ الْأَمْرِ: الصَّبْرُ، وَخَيْرُ الْأُمُورِ: مَغَبَّةُ الْعَقْلِ، وَيُقَالُ: الْمَوَدَّةُ وَالتَّعَاهُدُ".

 وَرُوِيَ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: "أَنَّ جَارِيَتَهُ جَاءَتْ ذَاتَ يَوْمٍ بِصَحْفَةٍ فِيهَا مَرَقَةٌ حَارَّةٌ، وَعِنْدَهُ أَضْيَافٌ، فَعَثَرَتْ؛ فَصَبَّتِ الْمَرَقَةَ عَلَيْهِ، فَأَرَادَ مَيْمُونٌ أَنْ يَضْرِبَهَا، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: يَا مَوْلَايَ! اسْتَعْمِلْ قَوْلَ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-: (وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ)، قَالَ لَهَا: قَدْ فَعَلْتُ، فَقَالَتِ: اعْمَلْ بِمَا بَعْدَهُ: (وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ)، فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكِ، فَقَالَتِ الْجَارِيَةُ: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 134] قَالَ: قَدْ أَحْسَنْتُ إِلَيْكِ، فَأَنْتِ حُرَّةٌ لِوَجْهِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-".

قَالَ القُرْطُبِيُّ رحمه الله: "فَمِنَ الوَاجِبِ عَلَى مَنْ عَرَفَ أَنْ رَبَّهُ حَلِيمٌ عَلَى مَنْ عَصَاهُ، أَنْ يَحْلُمَ هُوَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، فَذَاكَ بِهِ أَوْلَى حَتَّى يَكُونَ حَلِيمًا؛، وَيَرْفَعُ الانْتِقَامَ عَمَّنْ أَسَاءَ إِلَيْهِ، بَلْ يَتَعَوَّدُ الصَّفْحَ حَتَّى يَعْودَ الحِلْمُ لَهُ سَجِيَّةً.

 

وَكَمَا تُحِبُّ أَنْ يَحْلُمَ عَنْكَ مَالِكُكَ، فَاحْلُمْ أَنْتَ عَمَّنْ تَمْلِكُ؛ لِأَنَّكَ مُتَعَبَّدٌ بِالحِلْمِ مُثَابٌ عَلَيْهِ

 

 إِذَا حَلَّتْ بِكَ مِحْنَةٌ أَوْ بَلَاءٌ؛ فَادْعُ اللَّهَ وَضَمِّنِ اسْمَ "الْحَلِيمِ" فِي دُعَائِكِ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَدْعُوهُ عِنْدَ الْكَرْبِ بِهَذَا الدُّعَاءِ: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَظِيمُ الْحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَرَبُّ الْأَرْضِ، وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ"(أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ).

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق