إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

الجمعة، 30 يوليو 2021

فضل لا حول ولا قوة إلا بالله

 الحَوْقَلَة

 

الخطبة الأولى

 

فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - حقَّ التَّقْوَى؛ واعلَمُوا أنَّ أَجْسَادَكُمْ عَلَى النَّارِ لَا تَقْوَى، وَاعْلَمُوا بِأَنَّ خَيْرَ الْهَدْيِّ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ، وَأَنَّ شَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثُاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِعِبادهِ: أَنَّهُ أَرْشَدَهُمْ إِلَى ذِكْرِهِ، وَإِلَى طَرِيقِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، وَإِلَى أَفْضَلِ أَنْوَاعِ الْأَذْكَارِ الَّتِي يُحِبُّهَا اللهُ، وَتُقُرِّبُ إِلَيْهِ، وَمِنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْعَظِيمَةِ كَلِمَةُ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»؛ 

 

فَلَا تَحَوُّلَ لِمَخْلُوقٍ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَلَا تَتَيَسَّرُ لَهُ الْأُمُورُ، وَلَا تَحْصُلُ لَهُ القُوَّةُ مِنْ أَجْلِ الْقِيَامِ بِأَيِّ أَمْرٍ مِنَ الْأُمُورِ إِلَّا بِاللَّهِ وَعَوْنِهِ وَتَوْفِيقِهِ، فَالْخَلْقُ فُقَرَاءُ إِلَى اللهِ، لَا يَسْتَغْنُونَ عَنْهُ أَبَدًا؛ فَلَا طَاعَةَ لِلَّهِ إِلَّا بِعَوْنِهِ، وَلَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللهِ. قَالَ تَعَالَى﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 24].

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ فِي «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» إِثْبَاتٌ لِمَعْنَى الْعُبُودِيَّةِ، وَإِظْهَارُ الفَقْرِ للَّهِ - تَعَالَى- بِطَلَبِ الْـمَعُونَةِ عَلَى مَا يُزَاوِلُهُ مِنَ الْأُمُورِ.

 

فلَا حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعِصْمَةِ اللَّهِ، وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ إِلَّا بِعَوْنِ اللَّهِ»، 

 

وَقَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -: «إِنَّا لَا نَمْلِكُ مَعَ اللهِ شَيْئًا، وَلَا نَمْلِكُ مِنْ دُونِهِ، وَلَا نَمْلِكُ إِلَّا مَا مَلَّكَنَا مِمَّا هُوَ أَمْلَكُ بِهِ مِنَّا»

 

فَلَا حَرَكَةَ، وَلَا اسْتِطَاعَةَ، وَلَا دَفْعَ، وَلَا مَنْعَ، إِلَّا بِمَشِيئَةِ اللهِ - تَعَالَى -،

 

وَالحَوْقَلَةُ مُسْتَحَبَّةٌ فِي كُلٍّ، وقَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ - رَحِـمَهُ اللهُ -: «ولْيَكُنْ هَجِيـرَاهُ - أَيْ: عَادَتُهُ ودأْبُهُ -: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»؛ فَبِهَا تُحْمَلُ الْأَثْقَالُ، وتُكابَدُ الْأَهوَالُ، وُيُنَالُ رَفِيعُ الْأَحْوَالِ. فَهُوَ الدُّعَاءُ الَّذِي لَا تَتْرُكْهُ، وَالذِّكْرُ الَّذِي لَا تَفْتَرْ عَنْهُ».  

 

فَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»؛ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّهَا تُقَالُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ فَقَطْ، وَهَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ فَإِنَّ «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ» تُقَالُ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَكُلِّ حِينٍ، أَمَّا الَّتِي تُقَالُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ الصَّغِيرَةِ وَالْكَبِيرَةِ؛ فَهِيَ: «إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ

 

أَمَّا «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»؛ فَهِيَ تَنْفِي الْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ عَنِ النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ مَا لَمْ يُمِدَّهَا اللهُ بِعَوْنٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَمَدَدٍ مِنْهُ، رَبُّوا عَلَيْهَا أَنْفُسَكُمْ وَأَوْلَادَكُمْ وَأَشِيعُوهَا فِي طُرُقِكُمْ وَمَقَارِّ أَعْمَالِكُمْ؛ فَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ قَالَهَا وَتَدَبَّرَهَا، فَهِيَ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؛ فَلَا تُفَرِّطُوا فِي الْكَنْزِ الْعَظِيمِ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْحَكِيمِ»، وَتُقَال مَعَ كُلِّ أَذَانٍ أَرْبَعُ مَرَّاتٍ، وَعِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِلِ، وَعِنْدَ النَّوْمِ.

 

جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ! عَلِّمْنِي كَلَامًا أَقُولُهُ قَالَ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، اللهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ». [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَمِنَ الْمَوَاطِنِ الَّتِي يَتَأَكَّدُ بِهَا قَوْلُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ مَا يَلِي:

إِذَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ: «حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ»؛ فَيَقُولُ الْمُجِيبُ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، وَإِذَا قَالَ: «حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ»؛ قَالَ الْمُجِيبُ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ».

 

عِنْدَمَا يَرَى نِعَمَ اللهِ عَلَيْهِ، حَيْثُ قَالَهَا الْمُؤْمِنُ لِصَاحِبِهِ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا ﴾ [الكهف: 39]، قَالَ ابْنُ تَيْمِيَةٍ - رَحِمَهُ اللهُ -: «وَلِهَذَا يُؤْمَرُ بِهَذَا مَنْ يَخَافُ الْعَيْنَ عَلَى شَيْءٍ؛ [انْتَهَى كَلَامُه رَحِمَهُ اللهُ]، . قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللهُ -: «يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ!».

 

وَهِيَ مِنَ الْأَذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ عِنْدَ النَّوْمِ وَيَغْفِرُ اللهُ بِهَا الذُّنُوبَ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَالَ حِينَ يَأْوِي إِلَى فِرَاشِهِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ، غَفَرَ اللَّهُ ذُنُوبَهُ أَوْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». [رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ]. صحيح الترغيب  الالباني 

 

وَهِيَ مِنَ الْأَذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ عِنْدَ التَّقَلُّبِ فِي الْفِرَاشِ وَالْأَرَقِ وَعِنْدَ ذَهَابِ النَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ، فعَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَسُبْحَانَ اللَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا، اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ». [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ].

 

وَمِنَ الْأَذْكَارِ الَّتِي تُقَالُ عِنْدَ الْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِلِ؛ فَيَقِي اللهُ بِهَا الْمُسْلِمَ مِنَ الشَّيْاطَينِ: قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ مِنْ بَيْتِهِ فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، قَالَ: يُقَالُ حِينَئِذٍ: هُدِيتَ، وَكُفِيتَ، وَوُقِيتَ، فَتَتَنَحَّى لَهُ الشَّيَاطِينُ، فَيَقُولُ لَهُ شَيْطَانٌ آخَرُ: كَيْفَ لَكَ بِرَجُلٍ قَدْ هُدِيَ وَكُفِيَ وَوُقِيَ؟». [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَتُقَالُ بَعْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، حَيْثُ كَانَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ حِينَ يُسَلِّمُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ، لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ، وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ». [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]

 

وَمِنْ فَوَائِدِ الْحَوْقَلَةِ:

أَنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، حَيْثُ رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّىاللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «يَا عَبْدَ اللهِ بْنَ قَيْسٍ! أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ؟»، قُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». 

 

وَهِيَ غَرْسٌ مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ، فَفَي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ لِغَيْرِهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رَأَيْتُ إِبْرَاهِيمَ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ مُرْ أُمَّتَكَ أَنْ يُكْثِرُوا غِرَاسَ الْجَنَّةِ؛ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضُهَا وَاسِعَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِإِبْرَاهِيمَ: «وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟»، قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ»، حسنه الالباني

 

وَهِيَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَحَدِ أَصْحَابِهِ: «أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الجَنَّةِ؟»؛ قُلْتُ: بَلَى؟ قَالَ: «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ». [رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وَهِيَ مِنْ أَسْبَابِ غُفْرَانِ الذُّنُوبِقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا عَلَى الْأَرْضِ رَجُلٌ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، إِلَّا كُفِّرَتْ عَنْهُ خطاياه، وَلَوْ كَانَتْ مثل زَبَدِ الْبَحْرِ». [ صحيح الترمذي - الالباني

 

وهي مِنْ أَحَبِّ الْكَلَامِ إِلَى اللهِقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَحَبُّ الْكَلَامِ إِلَى اللَّهِ: سُبحَان اللَّهِ، لَا شَريكَ لَه، لَهُ الْمُلْكُ ولَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمِدِهِ». [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي «الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ» بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].

 

وإِذَا قَالَهَا الْمُسْلِمُ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ؛ أَنْجَاهُ اللهُ بِهَا مِنَ النَّارِ قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَأَنَا أَكْبَرُ، وَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَحْدِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا وَلَا شَرِيكَ لِي، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، لِيَ الْمُلْكُ، وَلِيَ الْحَمْدُ، وَإِذَا قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ، قَالَ: صَدَقَ عَبْدِي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِي». قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: ثُمَّ قَالَ الْأَغَرُّ شَيْئًا لَمْ أَفْهَمْهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ: مَا قَالَ؟ فَقَالَ: «مَنْ رُزِقَهُنَّ عِنْدَ مَوْتِهِ لَمْ تَمَسَّهُ النَّارُ». [رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ].الالباني

 

ومَنْ قَالَهَا مَلَأَ يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْرِحَيْثُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْئًا؛ فَعَلِّمْنِي مَا يُجْزِئُنِي مِنْهُ، قَالَ: «قُلْ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَمَا لِي، قَالَ: «قُلْ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَارْزُقْنِي وَعَافِنِي وَاهْدِنِي»، فَلَمَّا قَامَ قَالَ: هَكَذَا بِيَدِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَمَّا هَذَا؛ فَقَدْ مَلَأَ يَدَهُ مِنَ الْخَيْرِ». [رَوَاهُ أَبُو دَاوُدٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ]..

 

الخطبة الثانية :

إِنَّ قَوْلَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ يُبَاعِدُ بَيْنَ الْإِنْسَانِ وَبَيْنَ الْعُجْبِ وَالْكِبْرِ، وَيَجْلُو الْقَلْبَ، يُطَمْئِنُ النَّفْسَ وَيُهَذِّبُهَا، وَيُدَمِّرُ الشَّيْطَانَ وَيَرُدُّ كَيْدَهُ، يُكَفِّرُ اللهُ بِهِ السَّيِّئَاتِ، وَيُعْظِّمُ بِهِ الدَّرَجَاتِ..

 

وَبِهَا دَفْعُ الْكَرْبِلأن مَعْنَي «لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»، أَيْ: «لَا تَحَوُّلَ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ إِلَّا بِقُوَّةِ اللهِ»؛ فَإِنَّ الْمَكْرُوبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهَذَا الذِّكْرِ الْعَظِيمِ لِيُبَدِّلَ اللهُ حَالَهُ مِنَ الْكَرْبِ إِلَى الْفَرَجِ، وَمِنَ الْحُزْنِ إِلَى الْفَرَحِ».

 

وَهِيَ مِنْ أَحَبِّ الْكَلَامِ، وَبِهَا يُفْتَتَحُ الدُّعَاءُ: «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، واللهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْحَمْدُ، وَلَهُ الْمُلْكُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ». [رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِسَنَدٍ حَسَنٍ].

 

وَتُقَالُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الطَّعَامِ، وَفِي الْحَدِيثِ الحسن: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا، وَرَزَقَنِيهِمِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي، وَلَا قُوَّةٍ، غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ».

 

عِبَادَ اللهِ: وَلِلْحَوْقَلَةِ صِيَغٌ وَأَلْفَاظٌ وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ الصحيحة، ووردت في ثنايا هذه الخطبة:

«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ»

«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ»

«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ»

«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ»

«لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي السَّمَاءِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ فِي الْأَرْضِ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ عَدَدَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ، لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ عَدَدَ مَا هُوَ خَالِقٌ».


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق